محاسبه النفس إن الناس يتقنون فنون المحاسبة المالية والقوانين المتبعة في هذا المجال، ويقوم التجار وأصحاب المهن والصناعات بتوظيف محاسب مالي للوقوف على واقع الأمر في استعلام ما حققته شركاتهم ومصانعهم من أرباح أو تكبدته من خسائر، وبعد ذلك يقرّرون المتابعة في النمط الذي كانوا عليه سابقاً أو العدول عنه حين اكتشاف ثغرات سبّبت تراجعاً في مستوى إنتاجهم، وربما لا تجد مشروعاً تجارياً في العالم إلا ويخضع لهذه العملية الحسابية وما ذلك إلا للمحافظة على رؤوس الأموال وتلافي النقصان والخسران المؤدي إلى انهيار هذه الشركة أو تلك، ويمكننا أن نعبّر عن تلك العملية أنها صمّام الأمان والصون وبها ضمانة الاستمرار.
والواقع أن هذا الأمر مطلوب وضروري، لكن ما هو ضروري أيضاً وأكثر أهمية منه ولا يتعارض معه هو المحاسبة الدينية التي تكون المحاسبة المالية محوراً من محاورها لا يصح إغفاله، وتكمن الأهمية في معنى الربح والخسارة، فإذا كانا في المحاسبة المالية، لا يتعدى خطرهما عالم المال وتبعاته، بينما إذا كانا في المحاسبة الدينية يكون معنى الربح هو الجنة ومعنى الخسارة هو النار، إن لم يبادر الخاسر إلى جبران خسارته بالتوبة النصوح والعمل الصالح. فكيف بهذا الإنسان تنام عيناه عن محاسبة نفسه ومعرفة حقيقة حاله وهو شديد الحساب في ماله الفاني لقاء الحصول على دراهم معدودة يتركها لغيره ويبقى الوزر على ظهره؟؟؟ #### اختكم في الله الغاليه #### |