رد: ❤ ➹ ديوآآنيــــــــة المــركـــــــــز ❤ ➹ (عَنْ مُعَاذِ بنِ جَبَلٍ رَضِيَ اللهُ عَنْهُ قالَ: قُلْتُ: يا رَسُولَ اللهِ، أَخْبِرْنِي بِعَمَلٍ) إذَا عَمِلْتُهُ (يُدْخِلُنِي الْجَنَّةَ) أَيْ: يكونُ ذَلِكَ العَمَلُ سَبَبًا لِدُخُولِ الْجَنَّةِ، أَوْ يُدْخِلُنِي اللهُ تَعَالَى لأَجْلِهِ الْجَنَّةَ.
(وَيُبَاعِدُنِي مِنَ النَّارِ) وَمَعْرِفَةُ مِثْلِ هذا مِنْ أَهمِّ الأُمُورِ.
(قالَ): وَاللهِ ((لَقَدْ سَأَلْتَ عَنْ)) أَمْرٍ ((عَظِيمِ)) الشَّأْنِ وَالْمِقْدَارِ؛ لأَنَّ ما يُوجِبُ الفَوْزَ بالجِنَانِ، والنَّجَاةَ مِنَ النِّيرَانِ، لَشَيْءٌ عَظِيمٌ، أَوْ أَمْرٌ ثَقِيلٌ؛ لأنَّ مُوجِبَ ما تَقَدَّمَ أَمْرٌ صَعْبٌ، أَوْ عَنْ أَمْرٍ صَعْبٍ بَيَانُهُ؛ لأنَّ لِمَا يُوجِبُ الظَّفَرَ بأَجَلِّ النِّعَمِ وَالخَلاصَ مِنَ الجَحِيمِ، لَعُرْضًا عَرِيضًا، وَشَرْحًا طَويلاً.
((وَإِنَّهُ لَيَسِيرٌ)): لَسَهْلٌ تَحْصِيلُهُ أَوْ بَيَانُهُ ((عَلَى مَنْ يَسَّرَهُ اللهُ تَعَالَى عَلَيْهِ))؛لأنَّ العَسِرَ بِتَيْسِيرِهِ يَصِيرُ يَسِيرًا سَهْلاً ((تَعْبُدُ اللهَ)) الَّذِي لا يَسْتَحِقُّ العِبادَةَ غَيْرُهُ، بِإِتْيَانِ مَأْمُورَاتِهِ وَتَرْكِ مَنْهِيَّاتِهِ ((وَلاَ تُشْرِكُ بِهِ شَيْئًا)) مِنَ الأَشياءِ، وَأَخْلِصْ لَهُ في العِبادةِ، ((وَتُقِيمُ الصَّلاَةَ، وَتُؤْتِي الزَّكَاةَ، وَتَصُومُ رَمَضَانَ، وَتَحُجُّ الْبَيْتَ إِنِ اسْتَطَعْتَ إِلَيْهِ سَبِيلاً)).
((ثُمَّ قَالَ: أَلاَ أَدُلُّكَ)) يَا مُعَاذُ((عَلَى أَبْوَابِ الخَيْرِ)) مَنْ فَتَحَهَا فَتَحَ على نَفْسِهِ خَيْرًا كَثِيرًا، ((الصَّوْمُ)) المَقْبُولُ فَرْضُهُ وَنَفْلُهُ، ((جُنَّةٌ)) تُرْسٌ عَنِ الأَوْزَارِ أَوْ عنِ النَّارِ، ((والصَّدَقَةُ)) الطَّيِّبَةُ الحَلالُ الخالِصَةُ للهِ تَعَالَى ((تُطْفِئُ الخَطِيئَةَ)) الَّتِي تُوجِبُ النَّارَ، ((كَما يُطْفِئُ الْمَاءُ النَّارَ)) مَنْ أَطْفَأَ الْخَطِيئَةَ بِمَا يُطْفِئُهَا منَ التَّوْبَةِ والاسْتِغْفَارِ والحسَنَاتِ، سَلِمَ مِنْ شَرِّهَا وَإِلاَّ أَحْرَقَتْهُ، وَمِنْ أَعْظَمِ ما يُطْفِئُهَا الصَّدَقَةُ.
((وَصَلاةُ الرَّجُلِ)): يُرِيدُ التَّهَجُّدَ في جَوْفِ الليلِ؛ دَأْبَ الأَخْيَارِ، ولَهَا ثَوَابٌ جَليلُ المِقْدارِ، ثُمَّ تَلاَ آيَةً تَدُلُّ على فَضْلِهَا، وهيَ {تَتَجَافَى}: تَتَبَاعَدُ، {جُنُوبُهُمْ عَنِ الْمَضَاجِعِ} حتَّى بَلَغَ قَوْلَهُ: {يَعْمَلُونَ} أَيْ: {يَدْعُونَ رَبَّهُمْ خَوْفًا وَطَمَعًا وَمِّمَا رَزَقْنَاهُمْ يُنْفِقُونَ فَلاَ تَعْلَمُ نَفْسٌ مَا أُخْفِيَ لَهُم مِّنْ قُرَّةِ أَعْيُنٍ جَزَاءً بِمَا كَانُوا يَعْمَلُونَ}[السجدة:16-17].
((ثُمَّ قَالَ: أَلاَ أُخْبِرُكَ بِرَأْسِ الأَمْرِ)) أَيْ: أَمْرِ الدِّينِ ((وَعَمُودِهِ وَذِرْوَةِ سَنَامِهِ)): وَهُوَ أَعْلَى الجَمَلِ.
(قُلْتُ: بَلَى) أَخْبِرْنِي بذلكَ (يَا رَسُولَ اللهِ).
((قَالَ: رَأْسُ الأَمْرِ الإِسْلاَمُ)) أَي: التَّكَلُّمُ بِمَا يُوجِبُ الدُّخُولَ في الدِّينِ، والخُرُوجَ مِنَ الكُفْرِ، مَعَ تَصْدِيقِ القَلْبِ؛ فإنَّهُ الرَّأْسُ، وَمَا سِوَاهُ تَبَعٌ لَهُ.
((وَعَمُودُهُ الصَّلاَةُ)) فَمَنْ أَقَامَهَا فَقَدْ أَقَامَ الدِّينَ، وَمَنْ تَرَكَهَا فَقَدْ هَدَمَ الدِّينَ.
((وَذِرْوَةُ سَنَامِهِ الْجِهَادُ))ضِدَّ أَهلِ الكُفْرِ والبِدَعِ والمَعَاصِي، قَوْلاً وَفِعْلاً وَنِيَّةً، فَمَنْ جَاهَدَ فَقَدْ رَفَعَ الدِّينَ وَأَعْلاَهُ.
((ثُمَّ قالَ: أَلاَ أُخْبِرُكَ بِمِلاَكِ)) بِمَا تَمْلِكُ بِهِ ((ذَلِكَ كُلَّهُ)) المَذْكُورَ؟(قُلْتُ: بَلَى) أَخْبِرْنِي بهِ (يَا رَسُولَ اللهِ)،(فَأَخَذَ بِلِسَانِهِ) الشَّرِيفِ، فقالَ: ((كُفَّ))احْبِسْ ((عَلَيْكَ هذا)) أيْ: احْفَظْ لِسَانَكَ الَّذِي هُوَ مِنْ جِنْسِ لِسَانِي هذا، عَمَّا لا يَعْنِي، وَأَعْمِلْهُ فِيمَا يَعْنِي، فَمَنْ فَعَلَ ذلكَ وُفِّقَ للخَيْرِ، وَعُصِمَ مِنَ الضَّيْرِ.(قُلْتُ) تَعَجُّبًا: (يَا نَبِيَّ اللهِ! وَإِنَّا لَمُؤَاخَذُونَ بِمَا نَتَكَلَّمُ بِهِ؟)
(7) قالَ: ((ثَكِلَتْكَ)) فَقَدَتْكَ ((أُمُّكَ يَا مُعَاذُ)) هذهِ كلمةٌ تُقَالُ عِندَ العِتَابِ والتَّأْدِيبِ.
((وَهَلْ يَكُبُّ النَّاسَ)) غَالِبًا ((في النَّارِ عَلَى وُجُوهِهِمْ أَوْ عَلَى مَنَاخِرِهِمْ))أُنُوفِهِمْ، ((إِلاَّ حَصَائِدُ أَلْسِنَتِهِمْ؟)) شَبَّهَ مَا يَتَكَلَّمُ بِهِ اللِّسَانُ بِالزَّرْعِ المَحْصُودِ، واللِّسَانَ بالمِنْجَلِ، فَكَمَا أَنَّ المِنْجَلَ يَقْطَعُ ولاَ يُمَيِّزُ بَيْنَ الرَّطْبِ واليَابِسِ، وَالجَيِّدِ وَالرَّدِيءِ، فَكَذَلِكَ لِسَانُ بَعضِ النَّاسِ، يَتَكلَّمُ بكُلِّ نوعٍ مِنَ القَبِيحِ والحَسَنِ.
والحاصِلُ أَنَّ مَنْ لَمْ يَحْفَظْ لِسَانَهُ عَنِ السُّوءِ أَوْجَبَ لَهُ دُخُولَ النَّارِ، وَهُوَ أَضَرُّ الأَعْضَاءِ على الإنسانِ، اللهُ العَاصِمُ. |