عرض مشاركة واحدة
قديم 06-04-2021, 07:36 PM   #12
ابوبيان
عضو مميز
 
تاريخ التسجيل: Sep 2011
المشاركات: 2,642
افتراضي رد: هنا مايفيدك مقتطفات عن استقبال شهر رمضان المبارك

ما معنى قول رسول الله صلَّى الله عليه وسلَّم: (إِنَّ لِرَبِّكُمْ عزَّ وجلَّ فِي أَيَّامِ دَهْرِكُمْ نَفَحَاتٍ، فَتَعَرَّضُوا لَهَا، لَعَلَّ أَحَدَكُمْ أَنْ تُصِيبَهُ مِنْهَا نَفْحَةٌ لا يَشْقَى بَعْدَهَا أَبَدًا)[1]. ما هذه النفحات؟ وكيف نتعرض لها؟
--------
التعرض لنفحات الله هو التعرض لعطاءات الله، وعطاءات الله غير خيرات الله، فخيرات الله نأخذها بالحواس ويستفيد بها الجسم كالطعام والشراب، لكن عطاءات الله تنزل على القلب الذي صلح وانصلح وأصبح جاهزاً لنزول العطاءات من الله جل في علاه.
ففي هذه الليالي تنزل عطاءات من الله، ومن هذه العطاءات أن يتنزل الله في قلب المؤمن بالسكينة: (هُوَ الَّذِي أَنزَلَ السَّكِينَةَ فِي قُلُوبِ الْمُؤْمِنِينَ ) (4الفتح).
أن يُنزل الله في قلبه الطمأنينة: (أَلاَ بِذِكْرِ اللّهِ تَطْمَئِنُّ الْقُلُوبُ) (28الرعد)، أن يجعل الله عز وجل في قلبه نوراً يمشي به في الناس: (أَوَ مَن كَانَ مَيْتاً فَأَحْيَيْنَاهُ وَجَعَلْنَا لَهُ نُوراً يَمْشِي بِهِ فِي النَّاسِ ) (122الأنعام)، أن يجعل الله له ميزاناً في قلبه يكشف به الطيب من الخبيث، والحسن من السيء والحق من الباطل: (إَن تَتَّقُواْ اللّهَ يَجْعَل لَّكُمْ فُرْقَاناً ) (29الأنفال)، أو أن يأخذه الله عز وجل ويرفع عنه حجاب الران ويجعله ينظر بعين قلبه في ملكوت حضرة الرحمن.
قال صلى الله عليه وسلم عن بعض مارأى ليلة أُسري به: (فَلَمَّا نَزَلْتُ إِلَى السَّمَاءِ الدُّنْيَا، نَظَرْتُ أَسْفَلَ مِنِّي، فَإِذَا أَنَا بِرَهْجٍ وَدُخَانٍ وَأَصْوَاتٍ، فَقُلْتُ: مَا هَذَا يَا جِبْرِيلُ؟ قَالَ: هَذِهِ الشَّيَاطِينُ يَحُومُونَ عَلَى أَعْيُنِ بَنِي آدَمَ أَنْ لا يَتَفَكَّرُوا فِي مَلَكُوتِ السَّمَوَاتِ وَالأَرْضِ، وَلَوْلا ذَلِكَ لَرَأَوْا الْعَجَائِبَ)[2].
(وَكَذَلِكَ نُرِي إِبْرَاهِيمَ مَلَكُوتَ السَّمَاوَاتِ وَالأَرْضِ وَلِيَكُونَ مِنَ الْمُوقِنِينَ ) (75الأنعام).
أن يكرمه الله عزَّ وجلَّ فيجعله من أهل مقام الإحسان فيعبد الله عبادة فيها لذة وفيها خشية، يعبد الله كأنه يراه، وهذه عبادات الخاشين الخاشعين لله عز وجل.
أو يُكرمه الله عزَّ وجلَّ فيفتح له في قلبه عين يتلقى منها الإلهام المباشر من الله، فتجده مسدداً في القول، لا يقول قولاً إلا وهذا القول تجده صحيحاً فيما يحكيه ويرويه وفيما يتحدث فيه، لأن الله عزَّ وجلَّ يلهمه بهذا الحديث من عنده: (وَعَلَّمْنَاهُ مِن لَّدُنَّا عِلْماً) (65الكهف).
أو يكرمه الله عزَّ وجلَّ فيقرِّبه قرب قرابة من حبيب الله ومصطفاه، ويجعل سرَّه متصلاً بأصله، فيرى السرَّ - سرَّ الوصول - وهو حبيب الله ومصطفاه صلى الله عليه وسلم.
وقد يكرمه الله عزَّ وجلَّ فيفتح له آذان فؤاده فيسمع تسبيح الكائنات: (وَإِن مِّن شَيْءٍ إِلاَّ يُسَبِّحُ بِحَمْدَهِ وَلَـكِن لاَّ تَفْقَهُونَ تَسْبِيحَهُمْ ) (44الإسراء) - لكن هناك إناس يفقهون!!، سيدي أحمد الرفاعي رضي الله عنه عندما اختاره خاله لخلافته، قالت له زوجته: لماذا تفضل ابن أختك على ابنك؟ وساقت عليه كبار القوم، فأمر بإتيان الاثنين، وأعطى كل واحد منهما أمراً أن يذهب إلى الغابة ويُحضر حِمْلاً كبيراً من حشائش الغابة. فذهب ابنه وجاء بحمل ضخم في لحظات، واستمر الإمام أحمد الرفاعي ولم يأتِ!! فلما استبطأه أمرهم أن يذهبوا إليه ويطلبوه، فجاء وليس معه شيء، فقال له: لِمَ لم تأتِ بما أمرتُك به؟!! قال: يا سيدي ،كلما هممت أن أقطع نبتة سمعتها تذكر الله عزَّ وجلَّ فأستحي من الله عز وجل أن أقطعها وهي تَذْكُرُه!!، فقال لمن حوله: هل عرفتم لِمَ وضعتُ السرَّ هنا؟! هذا أعمى وهذا بصير، هل يصح أن يقود أعمى مبصرين؟! إن كان في هذا الزمان كذلك!، كما قال القائل:
إذا كان الغراب دليل قوم هوى بهم إلى وادي الخراب
فعطايا الله عزَّ وجلَّ لا تُعدُّ ولا تُحدّ، أشرنا إلى ذرة من هذه العطايا الإلهية التي يتعرض لها الصالحون، وذكر هذه العطايا لا يسعه وقت ولا تتحمله العقول، وإنما ينزل من المحبوب الأعظم عز وجل إلى قلوب الأحبة مباشرة بدون واسطة، نسأل الله عز وجل أن نكون من أهل هذه العطاءات أجمعين.
ونتعرض لهذه العطاءات بتجهيز القلب: (إِلَّا مَنْ أَتَى اللَّهَ بِقَلْبٍ سَلِيمٍ ) (89الشعراء)، وقال الله في شأن الخليل إبراهيم: (إِذْ جَاء رَبَّهُ بِقَلْبٍ سَلِيمٍ) (84الصافات)
لا بد أن يكون القلب سليم من الحظوظ والأهواء، ومن الميل إلى الفاني وإلى الشهوات وإلى كل المستلذات والمستحسنات، ويكون له ميل واحد في الله ولله عز وجل، يكون كما قال الله في هذه الإشارة: (أَفَرَأَيْتَ مَنِ اتَّخَذَ إِلَهَهُ هَوَاهُ ) هواه هو الله فقط، (وَأَضَلَّهُ اللَّهُ ) أضله الله عن الناس والدنيا وما فيها من شهوات وملذات (عَلَى عِلْمٍ) بأن يراها، (وَخَتَمَ عَلَى سَمْعِهِ ) فلا يسمع إلا من الله، (وَقَلْبِهِ ) فلا يرى إلا نور الله المنبث في الكائنات.
فالمطلوب أن يكون الإنسان كما قال صلى الله عليه وسلم: (لا يُؤْمِنُ أَحَدُكُمْ حَتَّى يَكُونَ هَوَاهُ تَبَعًا لِمَا جِئْتُ بِهِ)[3]. ولذلك قال الرجل الصالح:
قد كان لي أهواء مفرقة
فاستجمعت مذ رأتك العين أهوائي
تركت للناس دنياهم ودينهم
شغلاً بذاتك يا ديني ودنيائي
لا بد أن يجمع كل الهموم، قال صلى الله عليه وسلم في ذلك: (مَنْ جَعَلَ الْهُمُومَ هَمًّا وَاحِدًا، كَفَاهُ اللَّهُ مَا هَمَّهُ مِنْ أَمْرِ الدُّنْيَا وَالآخِرَةِ)
ابوبيان غير متواجد حالياً   رد مع اقتباس
  #12  
قديم 06-04-2021 , 07:36 PM
ابوبيان ابوبيان غير متواجد حالياً
عضو مميز
تاريخ التسجيل: Sep 2011
المشاركات: 2,642
افتراضي رد: هنا مايفيدك مقتطفات عن استقبال شهر رمضان المبارك

ما معنى قول رسول الله صلَّى الله عليه وسلَّم: (إِنَّ لِرَبِّكُمْ عزَّ وجلَّ فِي أَيَّامِ دَهْرِكُمْ نَفَحَاتٍ، فَتَعَرَّضُوا لَهَا، لَعَلَّ أَحَدَكُمْ أَنْ تُصِيبَهُ مِنْهَا نَفْحَةٌ لا يَشْقَى بَعْدَهَا أَبَدًا)[1]. ما هذه النفحات؟ وكيف نتعرض لها؟
--------
التعرض لنفحات الله هو التعرض لعطاءات الله، وعطاءات الله غير خيرات الله، فخيرات الله نأخذها بالحواس ويستفيد بها الجسم كالطعام والشراب، لكن عطاءات الله تنزل على القلب الذي صلح وانصلح وأصبح جاهزاً لنزول العطاءات من الله جل في علاه.
ففي هذه الليالي تنزل عطاءات من الله، ومن هذه العطاءات أن يتنزل الله في قلب المؤمن بالسكينة: (هُوَ الَّذِي أَنزَلَ السَّكِينَةَ فِي قُلُوبِ الْمُؤْمِنِينَ ) (4الفتح).
أن يُنزل الله في قلبه الطمأنينة: (أَلاَ بِذِكْرِ اللّهِ تَطْمَئِنُّ الْقُلُوبُ) (28الرعد)، أن يجعل الله عز وجل في قلبه نوراً يمشي به في الناس: (أَوَ مَن كَانَ مَيْتاً فَأَحْيَيْنَاهُ وَجَعَلْنَا لَهُ نُوراً يَمْشِي بِهِ فِي النَّاسِ ) (122الأنعام)، أن يجعل الله له ميزاناً في قلبه يكشف به الطيب من الخبيث، والحسن من السيء والحق من الباطل: (إَن تَتَّقُواْ اللّهَ يَجْعَل لَّكُمْ فُرْقَاناً ) (29الأنفال)، أو أن يأخذه الله عز وجل ويرفع عنه حجاب الران ويجعله ينظر بعين قلبه في ملكوت حضرة الرحمن.
قال صلى الله عليه وسلم عن بعض مارأى ليلة أُسري به: (فَلَمَّا نَزَلْتُ إِلَى السَّمَاءِ الدُّنْيَا، نَظَرْتُ أَسْفَلَ مِنِّي، فَإِذَا أَنَا بِرَهْجٍ وَدُخَانٍ وَأَصْوَاتٍ، فَقُلْتُ: مَا هَذَا يَا جِبْرِيلُ؟ قَالَ: هَذِهِ الشَّيَاطِينُ يَحُومُونَ عَلَى أَعْيُنِ بَنِي آدَمَ أَنْ لا يَتَفَكَّرُوا فِي مَلَكُوتِ السَّمَوَاتِ وَالأَرْضِ، وَلَوْلا ذَلِكَ لَرَأَوْا الْعَجَائِبَ)[2].
(وَكَذَلِكَ نُرِي إِبْرَاهِيمَ مَلَكُوتَ السَّمَاوَاتِ وَالأَرْضِ وَلِيَكُونَ مِنَ الْمُوقِنِينَ ) (75الأنعام).
أن يكرمه الله عزَّ وجلَّ فيجعله من أهل مقام الإحسان فيعبد الله عبادة فيها لذة وفيها خشية، يعبد الله كأنه يراه، وهذه عبادات الخاشين الخاشعين لله عز وجل.
أو يُكرمه الله عزَّ وجلَّ فيفتح له في قلبه عين يتلقى منها الإلهام المباشر من الله، فتجده مسدداً في القول، لا يقول قولاً إلا وهذا القول تجده صحيحاً فيما يحكيه ويرويه وفيما يتحدث فيه، لأن الله عزَّ وجلَّ يلهمه بهذا الحديث من عنده: (وَعَلَّمْنَاهُ مِن لَّدُنَّا عِلْماً) (65الكهف).
أو يكرمه الله عزَّ وجلَّ فيقرِّبه قرب قرابة من حبيب الله ومصطفاه، ويجعل سرَّه متصلاً بأصله، فيرى السرَّ - سرَّ الوصول - وهو حبيب الله ومصطفاه صلى الله عليه وسلم.
وقد يكرمه الله عزَّ وجلَّ فيفتح له آذان فؤاده فيسمع تسبيح الكائنات: (وَإِن مِّن شَيْءٍ إِلاَّ يُسَبِّحُ بِحَمْدَهِ وَلَـكِن لاَّ تَفْقَهُونَ تَسْبِيحَهُمْ ) (44الإسراء) - لكن هناك إناس يفقهون!!، سيدي أحمد الرفاعي رضي الله عنه عندما اختاره خاله لخلافته، قالت له زوجته: لماذا تفضل ابن أختك على ابنك؟ وساقت عليه كبار القوم، فأمر بإتيان الاثنين، وأعطى كل واحد منهما أمراً أن يذهب إلى الغابة ويُحضر حِمْلاً كبيراً من حشائش الغابة. فذهب ابنه وجاء بحمل ضخم في لحظات، واستمر الإمام أحمد الرفاعي ولم يأتِ!! فلما استبطأه أمرهم أن يذهبوا إليه ويطلبوه، فجاء وليس معه شيء، فقال له: لِمَ لم تأتِ بما أمرتُك به؟!! قال: يا سيدي ،كلما هممت أن أقطع نبتة سمعتها تذكر الله عزَّ وجلَّ فأستحي من الله عز وجل أن أقطعها وهي تَذْكُرُه!!، فقال لمن حوله: هل عرفتم لِمَ وضعتُ السرَّ هنا؟! هذا أعمى وهذا بصير، هل يصح أن يقود أعمى مبصرين؟! إن كان في هذا الزمان كذلك!، كما قال القائل:
إذا كان الغراب دليل قوم هوى بهم إلى وادي الخراب
فعطايا الله عزَّ وجلَّ لا تُعدُّ ولا تُحدّ، أشرنا إلى ذرة من هذه العطايا الإلهية التي يتعرض لها الصالحون، وذكر هذه العطايا لا يسعه وقت ولا تتحمله العقول، وإنما ينزل من المحبوب الأعظم عز وجل إلى قلوب الأحبة مباشرة بدون واسطة، نسأل الله عز وجل أن نكون من أهل هذه العطاءات أجمعين.
ونتعرض لهذه العطاءات بتجهيز القلب: (إِلَّا مَنْ أَتَى اللَّهَ بِقَلْبٍ سَلِيمٍ ) (89الشعراء)، وقال الله في شأن الخليل إبراهيم: (إِذْ جَاء رَبَّهُ بِقَلْبٍ سَلِيمٍ) (84الصافات)
لا بد أن يكون القلب سليم من الحظوظ والأهواء، ومن الميل إلى الفاني وإلى الشهوات وإلى كل المستلذات والمستحسنات، ويكون له ميل واحد في الله ولله عز وجل، يكون كما قال الله في هذه الإشارة: (أَفَرَأَيْتَ مَنِ اتَّخَذَ إِلَهَهُ هَوَاهُ ) هواه هو الله فقط، (وَأَضَلَّهُ اللَّهُ ) أضله الله عن الناس والدنيا وما فيها من شهوات وملذات (عَلَى عِلْمٍ) بأن يراها، (وَخَتَمَ عَلَى سَمْعِهِ ) فلا يسمع إلا من الله، (وَقَلْبِهِ ) فلا يرى إلا نور الله المنبث في الكائنات.
فالمطلوب أن يكون الإنسان كما قال صلى الله عليه وسلم: (لا يُؤْمِنُ أَحَدُكُمْ حَتَّى يَكُونَ هَوَاهُ تَبَعًا لِمَا جِئْتُ بِهِ)[3]. ولذلك قال الرجل الصالح:
قد كان لي أهواء مفرقة
فاستجمعت مذ رأتك العين أهوائي
تركت للناس دنياهم ودينهم
شغلاً بذاتك يا ديني ودنيائي
لا بد أن يجمع كل الهموم، قال صلى الله عليه وسلم في ذلك: (مَنْ جَعَلَ الْهُمُومَ هَمًّا وَاحِدًا، كَفَاهُ اللَّهُ مَا هَمَّهُ مِنْ أَمْرِ الدُّنْيَا وَالآخِرَةِ)
رد مع اقتباس