رد: كفاك ذنوب كفاك .. هو الذي يقبل التوبة
روي أن نصر السمرقندي قال: إن الإمام الزاهد أبا عبد الله كان يمشي في زمرة من أصحابه, فبلغ السير بهم إلى قوم جالسين يشربون الخمر، فأراد أصحابه أن ينكروه عليهم ويمنعوهم عن تلك الحالة. فقال أبو عبد الله: دعوني حتى أمنعهم أنا بنفسي وأعلمهم الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر ثم دنا إليهم وقال السلام عليكم.
فقالوا: وعليكم السلام.
فقال أحدهم ووضع قدحا في كف الشيخ فأخذ القدح منه. وقال: يا فتيان إن من عادتكم أن تذكروا أخباركم عند شرب الخمر
وإني أريد أن أذكر ما لا بد منه. فقيل الأمر إليك.
فقال: إخواني نذكر يوماً تحمل فيه إلى القبور أجسادنا، وترفع إلى السماء أرواحنا، ويقسم في الدور ميراثنا، ونذكر يوما ينادي بنا: أنتم جمعتم الدنيا أم الدنيا جمعتكم، أنتم قبلتم الدنيا أم الدنيا قبلتكم، أنتم تركتم الدنيا أم الدنيا تركتكم ونذكر يوما نوضع على سرير الغرباء وينادي بنا أين نفوسكم القوية ما أضعفكم أين لسانكم الذلق ما أسكتكم؟!
أين أحباؤكم الكثرة ما أوحشكم؟! ونذكر من يركب مركوب الضعفاء يحمل بأربعة أنفس فينادي الواحد منا: يا إخوتاه، ويا أهل بيتاه، ويا حملة نعشاه لا تغرنكم الحياة الدنيا كما غرتني ولا تلعبن بكم الدنيا كما لعبت بي، ونذكر قول القبر لنا أنا بيت الظلمة، أنا بيت الوحشة أنسيت وحشتي أم نسيت ظلمتي؟ وتذكر يوما فيه تبيض وجوه وتسود وجوه، ولا ندري من أيهما نحن ونذكر يوماً قال الله عز وجل: فَأَمَّا مَنْ أُوتِيَ كِتَابَهُ بِيَمِينِهِ فَيَقُولُ هَاؤُمُ اقْرَءُوا كِتَابِيَهْ * إِنِّي ظَنَنْتُ أَنِّي مُلَاقٍ حِسَابِيَهْ * فَهُوَ فِي عِيشَةٍ رَاضِيَةٍ * فِي جَنَّةٍ عَالِيَةٍ * قُطُوفُهَا دَانِيَةٌ * كُلُوا وَاشْرَبُوا هَنِيئًا بِمَا أَسْلَفْتُمْ فِي الْأَيَّامِ الْخَالِيَةِ * وَأَمَّا مَنْ أُوتِيَ كِتَابَهُ بِشِمَالِهِ فَيَقُولُ يَا لَيْتَنِي لَمْ أُوتَ كِتَابِيَهْ * وَلَمْ أَدْرِ مَا حِسَابِيَهْ * يَا لَيْتَهَا كَانَتِ الْقَاضِيَةَ * مَا أَغْنَى عَنِّي مَالِيَهْ * هَلَكَ عَنِّي سُلْطَانِيَهْ * خُذُوهُ فَغُلُّوهُ * ثُمَّ الْجَحِيمَ صَلُّوهُ * ثُمَّ فِي سِلْسِلَةٍ ذَرْعُهَا سَبْعُونَ ذِرَاعًا فَاسْلُكُوهُ * إِنّهُ كَانَ لَا يُؤْمِنُ بِاللَّهِ الْعَظِيمِ( ).
ونذكر يوماً. قال الله عز وجل: وَنَضَعُ الْمَوَازِينَ الْقِسْطَ لِيَوْمِ الْقِيَامَةِ فَلَا تُظْلَمُ نَفْسٌ شَيْئًا وَإِنْ كَانَ مِثْقَالَ حَبَّةٍ مِنْ خَرْدَلٍ أَتَيْنَا بِهَا وَكَفَى بِنَا حَاسِبِينَ. ونذكر يوما. قال الله تعالى: فَرِيقٌ فِي الْجَنَّةِ وَفَرِيقٌ فِي السَّعِيرِ( ).
فلما بلغ هذا الموضع من الموعظة والمعرفة. قام أولئك القوم والشباب، وكسروا ما كان بين أيديهم من آلات الفسق والخمور, وتابوا إلى الله عز وجل وأحسنوا توبتهم, قال تعالى: وَهُوَ الَّذِي يَقْبَلُ التَّوْبَةَ عَنْ عِبَادِهِ وَيَعْفُو عَنِ السَّيِّئَاتِ وَيَعْلَمُ مَا تَفْعَلُونَ( ). |