إضافة رد
 
أدوات الموضوع
قديم 20-07-2016, 01:33 PM   #41
ابوبيان
عضو مميز
 
تاريخ التسجيل: Sep 2011
المشاركات: 2,642
افتراضي رد: !!! أحصــــــــــــــاه الله ونســـــــــــــوه !!!

http://bafree.net/alhisn/showthread.php?t=109096
ابوبيان غير متواجد حالياً   رد مع اقتباس
  #41  
قديم 20-07-2016 , 01:33 PM
ابوبيان ابوبيان غير متواجد حالياً
عضو مميز
تاريخ التسجيل: Sep 2011
المشاركات: 2,642
افتراضي رد: !!! أحصــــــــــــــاه الله ونســـــــــــــوه !!!

http://bafree.net/alhisn/showthread.php?t=109096
رد مع اقتباس
قديم 20-07-2016, 07:51 PM   #42
ابوبيان
عضو مميز
 
تاريخ التسجيل: Sep 2011
المشاركات: 2,642
افتراضي رد: !!! أحصــــــــــــــاه الله ونســـــــــــــوه !!!

متن الحديث

عن معاذ بن جبل رضي الله عنه قال : قلت يا رسول الله ، أخبرني بعمل يُدخلني الجنة ويباعدني من النار ، قال :
( لقد سألت عن عظيم ، وإنه ليسير على من يسّره الله عليه : تعبد الله لا تُشرك به شيئا ، وتقيم الصلاة وتؤتي الزكاة ، وتصوم رمضان ، وتحجّ البيت ) ثم قال له : ( ألا أدلك على أبواب الخير ؟ الصوم جنّة ، والصدقة تطفيء الخطيئة كما يُطفيء الماء النار ، وصلاة الرجل في جوف الليل ) ، ثم تلا : { تتجافى جنوبهم عن المضاجع } حتى بلغ :
{ يعملون } ( السجدة : 16 – 17 ) ، ثم قال : ( ألا أخبرك برأس الأمر وعموده وذروة سنامه ؟ ) ،
قلت : بلى يا رسول الله . قال : ( رأس الأمر الإسلام ، وعموده الصلاة ، وذروة سنامه الجهاد ) ،
ثم قال :
( ألا أخبرك بملاك ذلك كله ؟ ) قلت : بلى يا رسول الله . فأخذ بلسانه ثم قال : ( كفّ عليك هذا ) ، قلت : يا نبي الله ، وإنا لمؤاخذون بما نتكلم به ؟ ، فقال : ( ثكلتك أمك يا معاذ ، وهل يكب الناس في النار على وجوههم - أو قال على مناخرهم - إلا حصائد ألسنتهم ؟ ) رواه الترمذي وقال : حديث حسن صحيح



الشرح


امتاز الصحابي الجليل معاذ بن جبل رضي الله عنه على غيره من أقرانه بما آتاه الله من الفهم الثاقب لتعاليم هذا الدين ، بل بلغ رتبة لم يبلغها أحد في هذا المجال ، وقد شهد له النبي صلى الله عليه وسلم بعلمه فقال عنه : ( ... وأعلمهم بالحلال والحرام معاذ بن جبل ) رواه أحمد .



وهذا العلم الذي حباه الله به قد أثمر في قلبه الشوق إلى لقاء ربه ، ودخول جنات النعيم ، وذلك هو ما أهمّ معاذا وأسهره الليالي ، ولقد نقلت لنا كتب السير هذا المشهد ، ولنقصّه كما رواه لنا معاذ نفسه ، حيث قال : " لما رأيت خلوة رسول الله صلى الله عليه وسلم إليه قلت له : يا رسول الله ، ائذن لي أسألك عن كلمة قد أمرضتني وأسقمتني وأحزنتني ، فقال نبي الله صلى الله عليه وسلم : ( سلني عمّا شئت ) ، قال : يا نبي الله ، حدثني بعمل يدخلني الجنة - وفي رواية : ويبعدني من النار - لا أسألك عن شيء غيرها " .



لقد سأل معاذ رضي الله عنه هذا السؤال ، وهو يعلم أن الجنة لا تنال بالأماني ، ولكن بالجدّ والعمل الصالح ، وقد تكفّل الله تعالى بتيسير الطريق وتذليل عقباته لمن أراد أن يسلكه حقا ، فإذا أقبل العبد على ربّه يسر له سبل مرضاته ، وأعانه على طاعته ، وهذا هو مقتضى قوله تعالى : { والذين اهتدوا زادهم هدى وآتاهم تقواهم } ( محمد: 17 ) ، وكذلك قوله : { فأما من أعطى واتقى ، وصدّق بالحسنى ، فسنيسره لليسرى } ( الليل : 5 - 7 ) .



وأصل الأعمال الصالحة : الإتيان بأركان الإسلام ، فتوحيد الله جلّ وعلا هو أساس قبول الأعمال ، والصلاة والزكاة والحج : من أركان الإسلام التي يجب على كل مسلم ومسلمة أن يقوم بها ، وقد تم بسط الكلام عنها في مواضع سابقة تغني عن إعادتها هنا .



وبعد أن بيّن النبي صلى الله عليه وسلم أن دخول الجنّة مترتّب على الإتيان بتلك الأركان ، أراد أن يكافيء معاذا رضي الله عنه على سؤاله العظيم ، فدلّه على أبواب أخرى للخير .



فمن تلك الأبواب : صيام التطوّع ، كما جاء في هذا الحديث : ( والصوم جنّة ) ، والجنة هي ما تحصل به الوقاية ، فالصيام جنة للعبد من المعاصي في الدنيا ، وهو جنّة للعبد من النار يوم القيامة ؛ لأن العبد إذا صام لله تعالى يوما : باعده الله من النار سبعين خريفا ، كما جاء في الحديث ؛ ولهذا يستحبّ للعبد أن يستزيد من صيام النوافل كيوم عاشوراء ، ويوم عرفة ، ويومي الاثنين والخميس ، وثلاثة أيام من كل شهر ، إلى غير ذلك مما ورد في السنة .



ومن أبواب الخير : صدقة التطوّع ، وفضل هذه الصدقة عظيم ؛ فإنها سبب لتكفير الذنوب وإزالتها ، وقد شبّه النبي صلى الله عليه وسلم تكفيرها للذنوب بالماء إذا صُبّ على النار ، فإنه يطفئها ويُذهب لهيبها ، وليس ذلك فحسب ، بل إنها تفيد صاحبها في عرصات يوم القيامة وتخفف عنه حرّ ذلك اليوم ، روى الإمام أحمد في مسنده عن عقبة بن عامر رضي الله عنه ، أن النبي صلى الله عليه وسلم قال : ( كل امرئ في ظل صدقته حتى يفصل بين الناس ) ، والأحاديث في فضل الصدقة كثيرة معلومة .



أما ثالث أبواب الخير
التي دلّ عليه الحديث فهو قيام الليل ، إنه شرف المؤمن ، وسلوة المحزون ، وخلوة المشتاق إلى ربّه ، وما بالك بعبد يؤثر لذة مناجاة ربّه ودعائه على النوم في الفراش الدافيء ،
ولذلك يقول النبي صلى الله عليه وسلم :
( عجب ربنا من رجلين – أحدهما - : رجل ثار عن وطائه ولحافه ، ومن بين أهله وحيّه إلى صلاته ، فيقول ربنا : أيا ملائكتي ، انظروا إلى عبدي ثار من فراشه ووطائه ، ومن بين حيّه وأهله إلى صلاته ؛ رغبة فيما عندي ، وشفقة مما عندي ) رواه أحمد في مسنده .



وكأن النبي صلى الله عليه وسلم لمح في عينيّ معاذ رضي الله عنه الرغبة في معرفة المزيد ، فأتـى له بمثال يبيّن حقيقة هذا الدين ويصوّره ، وقدّم بين يدي هذا المثال تشويقا ، فقال : ( ألا أخبرك برأس الأمر وعموده وذروة سنامه ؟ ) .



لقد شبّه النبي صلى الله عليه وسلم الإسلام بالرأس ، لأن الرأس إذا ذهب : ذهبت معه الحياة، فكذلك إذا ذهب إسلام المرء : ذهب دينه .

وفي قوله : ( وعموده الصلاة ) تشبيه للصلاة بالعمود الذي لا تقوم الخيمة إلا به ، ووجه ذلك : أن الصلاة هي أعظم أركان الإسلام العملية التي يتصل بها العبد بربّه ، وهي الحد الفاصل بين الإيمان والكفر ، وكذلك فإنها من أوضح الشعائر التي تميّز المسلم عن غيره ؛ لهذا حظيت بهذه المنزلة ، وتلك المكانة .



ولما كان الجهاد سببا في ظهور الإسلام ، وعاملا من عوامل انتشار هذا الدين ؛ شبّه النبي صلى الله عليه وسلم مكانته بذروة سنام الجمل ، ولئن كان الجمل متميزا بذروة سنامه ، فإن هذا الدين متميز بالجهاد ، ولا يخفى على المسلم فضل الجهاد وأجره ، وحسبنا أن نستحضر حديث النبي صلى الله عليه وسلم : ( مقام أحدكم يعني في سبيل الله خير من عبادة أحدكم في أهله ستين سنة ، أما تحبون أن يغفر الله لكم وتدخلون الجنة ؟ جاهدوا في سبيل الله . من قاتل في سبيل الله فواق ناقة وجبت له الجنة ) رواه أحمد .



ثم أرشد النبي صلى الله عليه وسلم معاذًا رضي الله عنه إلى ما يحصل به إحكام الدين وإتقانه، ليجعل ذلك خاتمة وصيته له ، لقد أرشده إلى مراقبة لسانه والمحافظة على منطقه ، وما ذلك إلا لشديد أثره وخطر أمره ، كيف لا ؟ وهو الباب إلى كثير من المعاصي ، فهو السبيل إلى كلمة الكفر ، والقول على الله بغير علم ، وشهادة الزور ، والكذب والغيبة والنميمة ، فلا ينبغي التهاون في شأن هذه الجارحة أو التقليل من خطورتها.



فحفظ اللسان هو عنوان الفلاح ، وطريق السلامة من الإثم ، فالنبي صلى الله عليه وسلم بتحذيره من خطر اللسان ، يدعونا إلى تسخيره في مجالات الخير والمعروف ، وميادين الذكر والإصلاح ، حتى يُكتب للمرء النجاة ،
وذلك هو غاية ما يتمناه المرء .
ابوبيان غير متواجد حالياً   رد مع اقتباس
  #42  
قديم 20-07-2016 , 07:51 PM
ابوبيان ابوبيان غير متواجد حالياً
عضو مميز
تاريخ التسجيل: Sep 2011
المشاركات: 2,642
افتراضي رد: !!! أحصــــــــــــــاه الله ونســـــــــــــوه !!!

متن الحديث

عن معاذ بن جبل رضي الله عنه قال : قلت يا رسول الله ، أخبرني بعمل يُدخلني الجنة ويباعدني من النار ، قال :
( لقد سألت عن عظيم ، وإنه ليسير على من يسّره الله عليه : تعبد الله لا تُشرك به شيئا ، وتقيم الصلاة وتؤتي الزكاة ، وتصوم رمضان ، وتحجّ البيت ) ثم قال له : ( ألا أدلك على أبواب الخير ؟ الصوم جنّة ، والصدقة تطفيء الخطيئة كما يُطفيء الماء النار ، وصلاة الرجل في جوف الليل ) ، ثم تلا : { تتجافى جنوبهم عن المضاجع } حتى بلغ :
{ يعملون } ( السجدة : 16 – 17 ) ، ثم قال : ( ألا أخبرك برأس الأمر وعموده وذروة سنامه ؟ ) ،
قلت : بلى يا رسول الله . قال : ( رأس الأمر الإسلام ، وعموده الصلاة ، وذروة سنامه الجهاد ) ،
ثم قال :
( ألا أخبرك بملاك ذلك كله ؟ ) قلت : بلى يا رسول الله . فأخذ بلسانه ثم قال : ( كفّ عليك هذا ) ، قلت : يا نبي الله ، وإنا لمؤاخذون بما نتكلم به ؟ ، فقال : ( ثكلتك أمك يا معاذ ، وهل يكب الناس في النار على وجوههم - أو قال على مناخرهم - إلا حصائد ألسنتهم ؟ ) رواه الترمذي وقال : حديث حسن صحيح



الشرح


امتاز الصحابي الجليل معاذ بن جبل رضي الله عنه على غيره من أقرانه بما آتاه الله من الفهم الثاقب لتعاليم هذا الدين ، بل بلغ رتبة لم يبلغها أحد في هذا المجال ، وقد شهد له النبي صلى الله عليه وسلم بعلمه فقال عنه : ( ... وأعلمهم بالحلال والحرام معاذ بن جبل ) رواه أحمد .



وهذا العلم الذي حباه الله به قد أثمر في قلبه الشوق إلى لقاء ربه ، ودخول جنات النعيم ، وذلك هو ما أهمّ معاذا وأسهره الليالي ، ولقد نقلت لنا كتب السير هذا المشهد ، ولنقصّه كما رواه لنا معاذ نفسه ، حيث قال : " لما رأيت خلوة رسول الله صلى الله عليه وسلم إليه قلت له : يا رسول الله ، ائذن لي أسألك عن كلمة قد أمرضتني وأسقمتني وأحزنتني ، فقال نبي الله صلى الله عليه وسلم : ( سلني عمّا شئت ) ، قال : يا نبي الله ، حدثني بعمل يدخلني الجنة - وفي رواية : ويبعدني من النار - لا أسألك عن شيء غيرها " .



لقد سأل معاذ رضي الله عنه هذا السؤال ، وهو يعلم أن الجنة لا تنال بالأماني ، ولكن بالجدّ والعمل الصالح ، وقد تكفّل الله تعالى بتيسير الطريق وتذليل عقباته لمن أراد أن يسلكه حقا ، فإذا أقبل العبد على ربّه يسر له سبل مرضاته ، وأعانه على طاعته ، وهذا هو مقتضى قوله تعالى : { والذين اهتدوا زادهم هدى وآتاهم تقواهم } ( محمد: 17 ) ، وكذلك قوله : { فأما من أعطى واتقى ، وصدّق بالحسنى ، فسنيسره لليسرى } ( الليل : 5 - 7 ) .



وأصل الأعمال الصالحة : الإتيان بأركان الإسلام ، فتوحيد الله جلّ وعلا هو أساس قبول الأعمال ، والصلاة والزكاة والحج : من أركان الإسلام التي يجب على كل مسلم ومسلمة أن يقوم بها ، وقد تم بسط الكلام عنها في مواضع سابقة تغني عن إعادتها هنا .



وبعد أن بيّن النبي صلى الله عليه وسلم أن دخول الجنّة مترتّب على الإتيان بتلك الأركان ، أراد أن يكافيء معاذا رضي الله عنه على سؤاله العظيم ، فدلّه على أبواب أخرى للخير .



فمن تلك الأبواب : صيام التطوّع ، كما جاء في هذا الحديث : ( والصوم جنّة ) ، والجنة هي ما تحصل به الوقاية ، فالصيام جنة للعبد من المعاصي في الدنيا ، وهو جنّة للعبد من النار يوم القيامة ؛ لأن العبد إذا صام لله تعالى يوما : باعده الله من النار سبعين خريفا ، كما جاء في الحديث ؛ ولهذا يستحبّ للعبد أن يستزيد من صيام النوافل كيوم عاشوراء ، ويوم عرفة ، ويومي الاثنين والخميس ، وثلاثة أيام من كل شهر ، إلى غير ذلك مما ورد في السنة .



ومن أبواب الخير : صدقة التطوّع ، وفضل هذه الصدقة عظيم ؛ فإنها سبب لتكفير الذنوب وإزالتها ، وقد شبّه النبي صلى الله عليه وسلم تكفيرها للذنوب بالماء إذا صُبّ على النار ، فإنه يطفئها ويُذهب لهيبها ، وليس ذلك فحسب ، بل إنها تفيد صاحبها في عرصات يوم القيامة وتخفف عنه حرّ ذلك اليوم ، روى الإمام أحمد في مسنده عن عقبة بن عامر رضي الله عنه ، أن النبي صلى الله عليه وسلم قال : ( كل امرئ في ظل صدقته حتى يفصل بين الناس ) ، والأحاديث في فضل الصدقة كثيرة معلومة .



أما ثالث أبواب الخير
التي دلّ عليه الحديث فهو قيام الليل ، إنه شرف المؤمن ، وسلوة المحزون ، وخلوة المشتاق إلى ربّه ، وما بالك بعبد يؤثر لذة مناجاة ربّه ودعائه على النوم في الفراش الدافيء ،
ولذلك يقول النبي صلى الله عليه وسلم :
( عجب ربنا من رجلين – أحدهما - : رجل ثار عن وطائه ولحافه ، ومن بين أهله وحيّه إلى صلاته ، فيقول ربنا : أيا ملائكتي ، انظروا إلى عبدي ثار من فراشه ووطائه ، ومن بين حيّه وأهله إلى صلاته ؛ رغبة فيما عندي ، وشفقة مما عندي ) رواه أحمد في مسنده .



وكأن النبي صلى الله عليه وسلم لمح في عينيّ معاذ رضي الله عنه الرغبة في معرفة المزيد ، فأتـى له بمثال يبيّن حقيقة هذا الدين ويصوّره ، وقدّم بين يدي هذا المثال تشويقا ، فقال : ( ألا أخبرك برأس الأمر وعموده وذروة سنامه ؟ ) .



لقد شبّه النبي صلى الله عليه وسلم الإسلام بالرأس ، لأن الرأس إذا ذهب : ذهبت معه الحياة، فكذلك إذا ذهب إسلام المرء : ذهب دينه .

وفي قوله : ( وعموده الصلاة ) تشبيه للصلاة بالعمود الذي لا تقوم الخيمة إلا به ، ووجه ذلك : أن الصلاة هي أعظم أركان الإسلام العملية التي يتصل بها العبد بربّه ، وهي الحد الفاصل بين الإيمان والكفر ، وكذلك فإنها من أوضح الشعائر التي تميّز المسلم عن غيره ؛ لهذا حظيت بهذه المنزلة ، وتلك المكانة .



ولما كان الجهاد سببا في ظهور الإسلام ، وعاملا من عوامل انتشار هذا الدين ؛ شبّه النبي صلى الله عليه وسلم مكانته بذروة سنام الجمل ، ولئن كان الجمل متميزا بذروة سنامه ، فإن هذا الدين متميز بالجهاد ، ولا يخفى على المسلم فضل الجهاد وأجره ، وحسبنا أن نستحضر حديث النبي صلى الله عليه وسلم : ( مقام أحدكم يعني في سبيل الله خير من عبادة أحدكم في أهله ستين سنة ، أما تحبون أن يغفر الله لكم وتدخلون الجنة ؟ جاهدوا في سبيل الله . من قاتل في سبيل الله فواق ناقة وجبت له الجنة ) رواه أحمد .



ثم أرشد النبي صلى الله عليه وسلم معاذًا رضي الله عنه إلى ما يحصل به إحكام الدين وإتقانه، ليجعل ذلك خاتمة وصيته له ، لقد أرشده إلى مراقبة لسانه والمحافظة على منطقه ، وما ذلك إلا لشديد أثره وخطر أمره ، كيف لا ؟ وهو الباب إلى كثير من المعاصي ، فهو السبيل إلى كلمة الكفر ، والقول على الله بغير علم ، وشهادة الزور ، والكذب والغيبة والنميمة ، فلا ينبغي التهاون في شأن هذه الجارحة أو التقليل من خطورتها.



فحفظ اللسان هو عنوان الفلاح ، وطريق السلامة من الإثم ، فالنبي صلى الله عليه وسلم بتحذيره من خطر اللسان ، يدعونا إلى تسخيره في مجالات الخير والمعروف ، وميادين الذكر والإصلاح ، حتى يُكتب للمرء النجاة ،
وذلك هو غاية ما يتمناه المرء .
رد مع اقتباس
قديم 20-07-2016, 08:01 PM   #43
ابوبيان
عضو مميز
 
تاريخ التسجيل: Sep 2011
المشاركات: 2,642
افتراضي رد: !!! أحصــــــــــــــاه الله ونســـــــــــــوه !!!

علي أبن المأمون العباسي أبن الخليفة كان يسكن قصرا فخما وعنده الدنيا مبذولة ميسرة، فأطل ذات يوم من شرفت القصر فراء عاملا يكدح طيلة النهار، فإذا أضحى النهار توضأ وصلى ركعتين على شاطئ دجلة، فإذا اقترب الغروب ذهب إلى أهله.

فدعاه يوما من الأيام فسأله فأخبره أن له زوجة وأختين وأما يكدح لهن، وأنه لا قوت له ولا دخل إلا ما يتكسبه من السوق، وأنه يصوم كل يوم ويفطر مع الغروب على ما يحصل.

قال ابن الخليفة:

فهل تشكو من شيء ؟ قال العامل لا والحمد لله رب العالمين.

فترك ابن الخليفة القصر، وترك الإمرة وهام على وجهه ووجد ميتا بعد سنوات عديدة وكان يعمل في الخشب جهة خرسان)

فيا سبحان الله، من الإمارة إلى النجارة لأنه وجد السعادة في عمله هذا، ولم يجدها في القصر.
ابوبيان غير متواجد حالياً   رد مع اقتباس
  #43  
قديم 20-07-2016 , 08:01 PM
ابوبيان ابوبيان غير متواجد حالياً
عضو مميز
تاريخ التسجيل: Sep 2011
المشاركات: 2,642
افتراضي رد: !!! أحصــــــــــــــاه الله ونســـــــــــــوه !!!

علي أبن المأمون العباسي أبن الخليفة كان يسكن قصرا فخما وعنده الدنيا مبذولة ميسرة، فأطل ذات يوم من شرفت القصر فراء عاملا يكدح طيلة النهار، فإذا أضحى النهار توضأ وصلى ركعتين على شاطئ دجلة، فإذا اقترب الغروب ذهب إلى أهله.

فدعاه يوما من الأيام فسأله فأخبره أن له زوجة وأختين وأما يكدح لهن، وأنه لا قوت له ولا دخل إلا ما يتكسبه من السوق، وأنه يصوم كل يوم ويفطر مع الغروب على ما يحصل.

قال ابن الخليفة:

فهل تشكو من شيء ؟ قال العامل لا والحمد لله رب العالمين.

فترك ابن الخليفة القصر، وترك الإمرة وهام على وجهه ووجد ميتا بعد سنوات عديدة وكان يعمل في الخشب جهة خرسان)

فيا سبحان الله، من الإمارة إلى النجارة لأنه وجد السعادة في عمله هذا، ولم يجدها في القصر.
رد مع اقتباس
قديم 20-07-2016, 08:02 PM   #44
ابوبيان
عضو مميز
 
تاريخ التسجيل: Sep 2011
المشاركات: 2,642
افتراضي رد: !!! أحصــــــــــــــاه الله ونســـــــــــــوه !!!

محاضرة رائعة

http://www.baynoona.net/ar/audio/1521
ابوبيان غير متواجد حالياً   رد مع اقتباس
  #44  
قديم 20-07-2016 , 08:02 PM
ابوبيان ابوبيان غير متواجد حالياً
عضو مميز
تاريخ التسجيل: Sep 2011
المشاركات: 2,642
افتراضي رد: !!! أحصــــــــــــــاه الله ونســـــــــــــوه !!!

محاضرة رائعة

http://www.baynoona.net/ar/audio/1521
رد مع اقتباس
قديم 20-07-2016, 08:11 PM   #45
ابوبيان
عضو مميز
 
تاريخ التسجيل: Sep 2011
المشاركات: 2,642
افتراضي رد: !!! أحصــــــــــــــاه الله ونســـــــــــــوه !!!

تفسير قوله تعالى: (إن أصحاب الجنة اليوم في شغل فاكهون) إلى قوله: (سلام قولاً من رب رحيم)
يقول الله عز وجل: إِنَّ أَصْحَابَ الْجَنَّةِ الْيَوْمَ فِي شُغُلٍ فَاكِهُونَ [يس:55]،
أصحاب الجنة: أهلها وساكنوها، وقد جعلوا أصحاباً لها باعتبار المصاحبة وطول المكث والإقامة، كما قال ربنا عن أهل النار بأنهم أصحابها، قال سبحانه: وَنَادَى أَصْحَابُ الْجَنَّةِ أَصْحَابَ النَّارِ أَنْ قَدْ وَجَدْنَا مَا وَعَدَنَا رَبُّنَا حَقّاً فَهَلْ وَجَدْتُمْ مَا وَعَدَ رَبُّكُمْ حَقّاً قَالُوا نَعَمْ[الأعراف:44]، وقال: وَنَادَى أَصْحَابُ النَّارِ أَصْحَابَ الْجَنَّةِ أَنْ أَفِيضُوا عَلَيْنَا مِنْ الْمَاءِ
أَوْ مِمَّا رَزَقَكُمْ اللَّهُ[الأعراف:50]؛ فأصحاب الجنة هم أهلها وساكنوها؛ لطول مصاحبتهم لها ومكثهم فيها جعلوا أصحاباً لها، كذلك أهل النار -والعياذ بالله- لأنهم لا يقضى عليهم ولا يخفف عنهم من عذابها، بل عذابها مصاحب ملازم لهم، جعلوا أصحاباً لها.قال تعالى: إِنَّ أَصْحَابَ الْجَنَّةِ [يس:55]، الجنة: البستان الذي جن بسور، إما أن يكون هذا السور من الأشجار أو من غيرها، وتصغيرها: جنينة.قوله: الْيَوْمَ ، اليوم، يوم القيامة، بعدما يفصل بين العباد، بعدما يرى كل امرئ مقعده.وقوله: فِي شُغُلٍ[يس:55]، بضمتين، وفي قراءة: في شغل، بضمة فسكون، والشغل لغتان كالرعب والرعب، والسحت والسحت، وهذا كله قرئ في القراءات السبعية المتواترة؛ في قوله تعالى: سَأُلْقِي فِي قُلُوبِ الَّذِينَ كَفَرُوا الرُّعْبَ[الأنفال:12]، وقرئ: الرعب بضمتين، وقوله تعالى: سَمَّاعُونَ لِلْكَذِبِ أَكَّالُونَ لِلسُّحْتِ[المائدة:42]، وقرئ: للسحت، بضمتين، والشغل بضمتين والشغل بضمة فيكون بمعنى: الاشتغال.وقوله تعالى: فَاكِهُونَ [يس:55]، أي: ضاحكون مسرورون، وهنا يبين ربنا جل جلاله في هذه الآية أن أهل الجنة مشغولون بما هم فيه من النعيم المقيم الذي لا يحول ولا يزول، نسال الله أن يجعلنا منهم. ‏
أقوال العلماء في شغل أهل الجنة في الجنة
وقد اختلفت كلمة المفسرين رحمهم الله اختلاف تنوع في تفسير هذه الآية، فقيل: إِنَّ أَصْحَابَ الْجَنَّةِ الْيَوْمَ فِي شُغُلٍ[يس:55]، هم مشغولون بافتضاض الأبكار، وقيل: مشغولون بسماع الأوتار، وقيل: مشغولون بزيارة بعضهم بعضاً، وقيل: مشغولون بما هم فيه من النعيم عن عذاب أهل النار، ولا تعارض بين هذه الأقوال كلها، فكله شغل، وأهل الجنة مشغولون، ولكنهم ليسوا مشغولين بأعمال شاقة، ولا هم في شغل بالهموم والغموم كما هو حال أهل الدنيا، ولا هم في شغل بما كلفوا به من أعمال، وليسوا مشغولين بصيام ولا حج ولا عمرة ولا شيء مما كانت به تكاليف الدنيا، وإنما هم مشغولون بالنعيم، فتارة يشغلون بأزواجهم اللائي وصفهن الله عز وجل بأنهن: َحُورٌ عِينٌ [الواقعة:22]، كَأَنَّهُنَّ بَيْضٌ مَكْنُونٌ [الصافات:49]، وقد سألت أم سلمة رسول الله صلى الله عليه وسلم عن قوله تعالى: ( وَحُورٌ عِينٌ [الواقعة:22]، فقال: وَحُورٌ)): بيض، عِينٌ)): واسعات العيون شديدات بياضها شديدات سوادها، شفر الحورية منهن بمنزلة جناح النسر، قالت: فأخبرني عن قوله تعالى: كَأَنَّهُنَّ بَيْضٌ مَكْنُونٌ [الصافات:49]، قال: رقتهن كرقة القشرة مما يلي البيضة، ألبس الله وجوههن النور وأجسادهن الحرير، فهن بيض الوجوه، خضر الثياب، صفر الحلي، يدخل المؤمن على الواحدة منهن في خيمة مجوفة من لؤلؤ على سرير من ذهب، كلما أتاها وجدها بكراً، لا يفتر ذكره ولا تشتكي قبلها، تقول له: والله ما في الجنة شيء أطيب ولا أحسن منك، وبينما هو معها في ذلك النعيم تناديه الملائكة: يا عبد الله! اخرج، فيقول: إلى أين؟.. )،
يعني هو مع عروسه، مع زوجه، ( تناديه الملائكة: يا عبد الله! اخرج، فيقول: إلى أين؟ تقول له الملائكة: قد علمنا أنك لا تمل ولا تمل غير أن لك أزواجاً غيرها )، فهو مشغول، تارة بهذه وتارة بتلك.وزوجه في الجنة ليست مشغولة بأحد سواه، كما قال ربنا جل جلاله: حُورٌ مَقْصُورَاتٌ فِي الْخِيَامِ [الرحمن:72]، مَقْصُورَاتٌ))، أي: محبوسات في الخيام، لَمْ يَطْمِثْهُنَّ إِنسٌ قَبْلَهُمْ وَلا جَانٌّ [الرحمن:74]، وفي آية أخرى قال الله عز وجل: فِيهِنَّ قَاصِرَاتُ الطَّرْفِ[الرحمن:56]، قَاصِرَاتُ))، حابسات الطرف عن غير الأزواج، قَاصِرَاتُ الطَّرْفِ عِينٌ [الصافات:48]، والعين: جمع عيناء، والعيناء هي: جميلة العين، واسعتها.فأهل الجنة مشغولون بهؤلاء الأزواج اللائي ألبس الله وجوههن النور، قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ( لو أن واحدة من الحور العين ابتسمت لملأ نورها ما بين السماء والأرض )، فهذه لأهل الجنة مشغولون بها.وقيل: مشغولون بسماع الأوتار، أي: سماع الأصوات الجميلة المطربة.وقيل: مشغولون بالتزاور، يزور بعضهم بعضاً، وقد سئل رسول الله صلى الله عليه وسلم: ( هل يتزاور أهل الجنة؟ قال: بلى، يزور الأعلى الأدنى ولا يزور الأدنى الأعلى ).والحكمة أن الله عز وجل بين أن الغم والهم والكرب منفي عن أهل الجنة؛ فمن كان في منزلة دنيا في الجنة لو زار الأعلى ورأى ما هو فيه من النعيم لربما دخل قلبه شيء من الضيق أو الهم؛ ولذلك ربنا جل جلاله رفع عنهم ذلك، فجعل الأعلى يزور الأدنى؛ من أجل أن يزداد سروراً على سرور، ومن كان في درجة دنيا فهو أصلاً مسرور بما هو فيه؛ ولذلك أخبرنا رسول الله صلى الله عليه وسلم بأن آخر رجل من أمته يدخل الجنة بعدما كان في النار يقول الله عز وجل له: ( أترضى أن يكون لك مثل ما كان لملك من ملوك الدنيا؟ فيقول: رضيت يا رب! فيقول الله عز وجل: فإن لك هذا ومثله ومثله ومثله ومثله، فيقول في الخامسة: رضيت يا رب! فيقول الله عز وجل: لك هذا وعشرة أمثاله، ولك ما اشتهت نفسك وقرت عينك )، الملك من ملوك الدنيا، من ذوي المال واليسار، تجد عنده من القصور والمزارع والثياب والمراكب والمناكح وألوان من الأطعمة والأشربة وغير ذلك مما يتمتع به في دنياه، الواحد من أهل الجنة له أضعاف مضاعفة من ذلك الذي كان يتعاظمه أهل الدنيا -نسأل الله أن يجعلنا منهم- فهم مشغولون بالتزاور.وقيل: مشغولون بما هم فيه من النعيم عن عذاب أهل النار، لا يسألون عنهم ولا يتذكرونهم، هم مشغولون بالجنة، قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ( ألا من مشمر إلى الجنة؟ إن الجنة لا خطر لها، هي والذي نفسي بيده نور يتلألأ، وريحانة تهتز، وقصر مشيد، وفاكهة نضيجة، وزوجة حسناء جميلة، وحلل كثيرة، في مقام أبد )، أي: في مقام مؤبد، ( لا يفنى شبابهم، ولا تبلى ثيابهم، يصحون فلا يسقمون، ويشبون فلا يهرمون، ويحيون فلا يموتون، ويصحون فلا يسقمون )، هذا حالهم في الجنة؛ ولذلك هم مشغولون.وقد جرت عادة أهل الدنيا بأن الشغل يصحبه كرب وجدية، يقول الواحد منهم: دعني فأنا مشغول؛ لكن أهل الجنة شغلهم معه سرور وحبور وفكاهة وضحك، هم في شغل لكنهم مع هذا الشغل فاكهون، ومعنى فاكهون: مسرورون، الواحد منهم يتأمل في قصره في الجنة؛ فإذا بناؤه لبنة من فضة ولبنة من ذهب، وملاطه المسك وحصباؤه اللؤلؤ وترابه الزعفران، الواحد ينظر ما كان عليه في الدنيا من الخوف والوجل فيقول بعضهم لبعض: إِنَّا كُنَّا قَبْلُ فِي أَهْلِنَا مُشْفِقِينَ * فَمَنَّ اللَّهُ عَلَيْنَا وَوَقَانَا عَذَابَ السَّمُومِ * إِنَّا كُنَّا مِنْ قَبْلُ نَدْعُوهُ إِنَّهُ هُوَ الْبَرُّ الرَّحِيمُ [الطور:26-28]، هذا هو حالهم.
ابوبيان غير متواجد حالياً   رد مع اقتباس
  #45  
قديم 20-07-2016 , 08:11 PM
ابوبيان ابوبيان غير متواجد حالياً
عضو مميز
تاريخ التسجيل: Sep 2011
المشاركات: 2,642
افتراضي رد: !!! أحصــــــــــــــاه الله ونســـــــــــــوه !!!

تفسير قوله تعالى: (إن أصحاب الجنة اليوم في شغل فاكهون) إلى قوله: (سلام قولاً من رب رحيم)
يقول الله عز وجل: إِنَّ أَصْحَابَ الْجَنَّةِ الْيَوْمَ فِي شُغُلٍ فَاكِهُونَ [يس:55]،
أصحاب الجنة: أهلها وساكنوها، وقد جعلوا أصحاباً لها باعتبار المصاحبة وطول المكث والإقامة، كما قال ربنا عن أهل النار بأنهم أصحابها، قال سبحانه: وَنَادَى أَصْحَابُ الْجَنَّةِ أَصْحَابَ النَّارِ أَنْ قَدْ وَجَدْنَا مَا وَعَدَنَا رَبُّنَا حَقّاً فَهَلْ وَجَدْتُمْ مَا وَعَدَ رَبُّكُمْ حَقّاً قَالُوا نَعَمْ[الأعراف:44]، وقال: وَنَادَى أَصْحَابُ النَّارِ أَصْحَابَ الْجَنَّةِ أَنْ أَفِيضُوا عَلَيْنَا مِنْ الْمَاءِ
أَوْ مِمَّا رَزَقَكُمْ اللَّهُ[الأعراف:50]؛ فأصحاب الجنة هم أهلها وساكنوها؛ لطول مصاحبتهم لها ومكثهم فيها جعلوا أصحاباً لها، كذلك أهل النار -والعياذ بالله- لأنهم لا يقضى عليهم ولا يخفف عنهم من عذابها، بل عذابها مصاحب ملازم لهم، جعلوا أصحاباً لها.قال تعالى: إِنَّ أَصْحَابَ الْجَنَّةِ [يس:55]، الجنة: البستان الذي جن بسور، إما أن يكون هذا السور من الأشجار أو من غيرها، وتصغيرها: جنينة.قوله: الْيَوْمَ ، اليوم، يوم القيامة، بعدما يفصل بين العباد، بعدما يرى كل امرئ مقعده.وقوله: فِي شُغُلٍ[يس:55]، بضمتين، وفي قراءة: في شغل، بضمة فسكون، والشغل لغتان كالرعب والرعب، والسحت والسحت، وهذا كله قرئ في القراءات السبعية المتواترة؛ في قوله تعالى: سَأُلْقِي فِي قُلُوبِ الَّذِينَ كَفَرُوا الرُّعْبَ[الأنفال:12]، وقرئ: الرعب بضمتين، وقوله تعالى: سَمَّاعُونَ لِلْكَذِبِ أَكَّالُونَ لِلسُّحْتِ[المائدة:42]، وقرئ: للسحت، بضمتين، والشغل بضمتين والشغل بضمة فيكون بمعنى: الاشتغال.وقوله تعالى: فَاكِهُونَ [يس:55]، أي: ضاحكون مسرورون، وهنا يبين ربنا جل جلاله في هذه الآية أن أهل الجنة مشغولون بما هم فيه من النعيم المقيم الذي لا يحول ولا يزول، نسال الله أن يجعلنا منهم. ‏
أقوال العلماء في شغل أهل الجنة في الجنة
وقد اختلفت كلمة المفسرين رحمهم الله اختلاف تنوع في تفسير هذه الآية، فقيل: إِنَّ أَصْحَابَ الْجَنَّةِ الْيَوْمَ فِي شُغُلٍ[يس:55]، هم مشغولون بافتضاض الأبكار، وقيل: مشغولون بسماع الأوتار، وقيل: مشغولون بزيارة بعضهم بعضاً، وقيل: مشغولون بما هم فيه من النعيم عن عذاب أهل النار، ولا تعارض بين هذه الأقوال كلها، فكله شغل، وأهل الجنة مشغولون، ولكنهم ليسوا مشغولين بأعمال شاقة، ولا هم في شغل بالهموم والغموم كما هو حال أهل الدنيا، ولا هم في شغل بما كلفوا به من أعمال، وليسوا مشغولين بصيام ولا حج ولا عمرة ولا شيء مما كانت به تكاليف الدنيا، وإنما هم مشغولون بالنعيم، فتارة يشغلون بأزواجهم اللائي وصفهن الله عز وجل بأنهن: َحُورٌ عِينٌ [الواقعة:22]، كَأَنَّهُنَّ بَيْضٌ مَكْنُونٌ [الصافات:49]، وقد سألت أم سلمة رسول الله صلى الله عليه وسلم عن قوله تعالى: ( وَحُورٌ عِينٌ [الواقعة:22]، فقال: وَحُورٌ)): بيض، عِينٌ)): واسعات العيون شديدات بياضها شديدات سوادها، شفر الحورية منهن بمنزلة جناح النسر، قالت: فأخبرني عن قوله تعالى: كَأَنَّهُنَّ بَيْضٌ مَكْنُونٌ [الصافات:49]، قال: رقتهن كرقة القشرة مما يلي البيضة، ألبس الله وجوههن النور وأجسادهن الحرير، فهن بيض الوجوه، خضر الثياب، صفر الحلي، يدخل المؤمن على الواحدة منهن في خيمة مجوفة من لؤلؤ على سرير من ذهب، كلما أتاها وجدها بكراً، لا يفتر ذكره ولا تشتكي قبلها، تقول له: والله ما في الجنة شيء أطيب ولا أحسن منك، وبينما هو معها في ذلك النعيم تناديه الملائكة: يا عبد الله! اخرج، فيقول: إلى أين؟.. )،
يعني هو مع عروسه، مع زوجه، ( تناديه الملائكة: يا عبد الله! اخرج، فيقول: إلى أين؟ تقول له الملائكة: قد علمنا أنك لا تمل ولا تمل غير أن لك أزواجاً غيرها )، فهو مشغول، تارة بهذه وتارة بتلك.وزوجه في الجنة ليست مشغولة بأحد سواه، كما قال ربنا جل جلاله: حُورٌ مَقْصُورَاتٌ فِي الْخِيَامِ [الرحمن:72]، مَقْصُورَاتٌ))، أي: محبوسات في الخيام، لَمْ يَطْمِثْهُنَّ إِنسٌ قَبْلَهُمْ وَلا جَانٌّ [الرحمن:74]، وفي آية أخرى قال الله عز وجل: فِيهِنَّ قَاصِرَاتُ الطَّرْفِ[الرحمن:56]، قَاصِرَاتُ))، حابسات الطرف عن غير الأزواج، قَاصِرَاتُ الطَّرْفِ عِينٌ [الصافات:48]، والعين: جمع عيناء، والعيناء هي: جميلة العين، واسعتها.فأهل الجنة مشغولون بهؤلاء الأزواج اللائي ألبس الله وجوههن النور، قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ( لو أن واحدة من الحور العين ابتسمت لملأ نورها ما بين السماء والأرض )، فهذه لأهل الجنة مشغولون بها.وقيل: مشغولون بسماع الأوتار، أي: سماع الأصوات الجميلة المطربة.وقيل: مشغولون بالتزاور، يزور بعضهم بعضاً، وقد سئل رسول الله صلى الله عليه وسلم: ( هل يتزاور أهل الجنة؟ قال: بلى، يزور الأعلى الأدنى ولا يزور الأدنى الأعلى ).والحكمة أن الله عز وجل بين أن الغم والهم والكرب منفي عن أهل الجنة؛ فمن كان في منزلة دنيا في الجنة لو زار الأعلى ورأى ما هو فيه من النعيم لربما دخل قلبه شيء من الضيق أو الهم؛ ولذلك ربنا جل جلاله رفع عنهم ذلك، فجعل الأعلى يزور الأدنى؛ من أجل أن يزداد سروراً على سرور، ومن كان في درجة دنيا فهو أصلاً مسرور بما هو فيه؛ ولذلك أخبرنا رسول الله صلى الله عليه وسلم بأن آخر رجل من أمته يدخل الجنة بعدما كان في النار يقول الله عز وجل له: ( أترضى أن يكون لك مثل ما كان لملك من ملوك الدنيا؟ فيقول: رضيت يا رب! فيقول الله عز وجل: فإن لك هذا ومثله ومثله ومثله ومثله، فيقول في الخامسة: رضيت يا رب! فيقول الله عز وجل: لك هذا وعشرة أمثاله، ولك ما اشتهت نفسك وقرت عينك )، الملك من ملوك الدنيا، من ذوي المال واليسار، تجد عنده من القصور والمزارع والثياب والمراكب والمناكح وألوان من الأطعمة والأشربة وغير ذلك مما يتمتع به في دنياه، الواحد من أهل الجنة له أضعاف مضاعفة من ذلك الذي كان يتعاظمه أهل الدنيا -نسأل الله أن يجعلنا منهم- فهم مشغولون بالتزاور.وقيل: مشغولون بما هم فيه من النعيم عن عذاب أهل النار، لا يسألون عنهم ولا يتذكرونهم، هم مشغولون بالجنة، قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ( ألا من مشمر إلى الجنة؟ إن الجنة لا خطر لها، هي والذي نفسي بيده نور يتلألأ، وريحانة تهتز، وقصر مشيد، وفاكهة نضيجة، وزوجة حسناء جميلة، وحلل كثيرة، في مقام أبد )، أي: في مقام مؤبد، ( لا يفنى شبابهم، ولا تبلى ثيابهم، يصحون فلا يسقمون، ويشبون فلا يهرمون، ويحيون فلا يموتون، ويصحون فلا يسقمون )، هذا حالهم في الجنة؛ ولذلك هم مشغولون.وقد جرت عادة أهل الدنيا بأن الشغل يصحبه كرب وجدية، يقول الواحد منهم: دعني فأنا مشغول؛ لكن أهل الجنة شغلهم معه سرور وحبور وفكاهة وضحك، هم في شغل لكنهم مع هذا الشغل فاكهون، ومعنى فاكهون: مسرورون، الواحد منهم يتأمل في قصره في الجنة؛ فإذا بناؤه لبنة من فضة ولبنة من ذهب، وملاطه المسك وحصباؤه اللؤلؤ وترابه الزعفران، الواحد ينظر ما كان عليه في الدنيا من الخوف والوجل فيقول بعضهم لبعض: إِنَّا كُنَّا قَبْلُ فِي أَهْلِنَا مُشْفِقِينَ * فَمَنَّ اللَّهُ عَلَيْنَا وَوَقَانَا عَذَابَ السَّمُومِ * إِنَّا كُنَّا مِنْ قَبْلُ نَدْعُوهُ إِنَّهُ هُوَ الْبَرُّ الرَّحِيمُ [الطور:26-28]، هذا هو حالهم.
رد مع اقتباس
قديم 20-07-2016, 08:15 PM   #46
ابوبيان
عضو مميز
 
تاريخ التسجيل: Sep 2011
المشاركات: 2,642
افتراضي رد: !!! أحصــــــــــــــاه الله ونســـــــــــــوه !!!

تابع تفسير قوله تعالى: (إن كانت إلا صيحة واحدة...) إلى قوله: (...ولا تجزون إلا ما كنتم تعملون)
بسم الله الرحمن الرحيم.الحمد لله، وصلى الله وسلم وبارك على سيدنا رسول الله، وعلى آله وصحبه ومن اهتدى بهداه.سبحانك لا علم لنا إلا ما علمتنا إنك أنت العليم الحكيم، اللهم علمنا علماً نافعاً، وارزقنا عملاً صالحاً، ووفقنا برحمتك لما تحب وترضى، أما بعد:فقد أخذنا في الآيات السابقات أن الكفار عندما قال لهم النبي صلى الله عليه وسلم: أنفقوا مما رزقكم الله، قالوا: أَنُطْعِمُ مَنْ لَوْ يَشَاءُ اللَّهُ أَطْعَمَهُ[يس:47]، ومعناه: هؤلاء الفقراء والمساكين لو شاء الله لأغناهم، ولو شاء لأطعمهم وأشبعهم، فمن أفقره الله لا نغنيه، ومن جوعه الله فلا نطعمه.ثم يتمادون في الضلال فيصفون المؤمنين بالضلال المبين قالوا: إِنْ أَنْتُمْ إِلاَّ فِي ضَلالٍ مُبِينٍ [يس:47]، وكذلك إذا قيل لهم: اتقوا ما بين أيديكم من أهوال القيامة وفظائعها، واعملوا لذلك اليوم عملاً ينجيكم، وخذوا حذركم، واعلموا أنكم موقوفون بين يدي الله عز وجل ليحاسبكم، فالكفار كانوا يطرحون هذا السؤال الذي يدل على بلادة الذهن، يقولون: مَتَى هَذَا الْوَعْدُ إِنْ كُنتُمْ صَادِقِينَ [يس:48]، أي: لو كانت القيامة حقاً أخبرونا متى تكون! قال الله عز وجل: مَا يَنظُرُونَ إِلاَّ صَيْحَةً وَاحِدَةً تَأْخُذُهُمْ وَهُمْ يَخِصِّمُونَ [يس:49]، هؤلاء الذين يستبعدون وقوع القيامة ويسألون عنها بمثل هذه الصيغة، كان الجواب عليهم: لا ينتظرون إلا صيحة واحدة من ملك كريم هو إسرافيل عليه السلام، هذا الملك إذا نفخ في الصور، فهذه النفخة ستأخذ هؤلاء أخذ عزيز مقتدر، بينما هم يتخاصمون في دنياهم وبيعهم وشرائهم، وأخذهم وعطائهم؛ ولذلك كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: ( كيف آمن وقد التقم صاحب الصور قرنه، ينتظر متى يؤمر فينفخ فيه )، فالنبي عليه الصلاة والسلام يقول: إسرافيل النافخ في الصور قد أخذ وضع الاستعداد، التقم قرنه ينتظر متى يؤمر من الله عز وجل بالنفخ فينفخ.قال الله: فَلا يَسْتَطِيعُونَ تَوْصِيَةً [يس:50]، أي: لا يستطيع أحدهم أن يوصي بما له أو ما عليه، وَلا إِلَى أَهْلِهِمْ يَرْجِعُونَ [يس:50].ثم يقول سبحانه: وَنُفِخَ فِي الصُّورِ فَإِذَا هُمْ مِنْ الأَجْدَاثِ إِلَى رَبِّهِمْ يَنسِلُونَ [يس:51]، ونفخ في الصور النفخة الثانية، نفخة البعث، فَإِذَا هُمْ مِنْ الأَجْدَاثِ ))، من القبور، إِلَى رَبِّهِمْ يَنسِلُونَ ))، أي: يسرعون، يعني: يحشرون إلى أرض المحشر ليوقفوا بين يدي الله عز وجل في ذلك اليوم العبوس القمطرير، وهؤلاء البلداء البلهاء يقولون: يَا وَيْلَنَا مَنْ بَعَثَنَا مِنْ مَرْقَدِنَا[يس:52]، يطرحون هذا السؤال، قد كانوا في عذاب مقيم، عندما كانوا في قبورهم، كانت قبورهم حفراً من حفر النار، لكنها بالنسبة لما ينتظرهم من العذاب الشديد يعتبرونها مراقد، قالوا: مَنْ بَعَثَنَا مِنْ مَرْقَدِنَا))، فيكون الجواب من الملائكة، أو من المؤمنين، أو يجيبون أنفسهم بأنفسهم فيقولون: هَذَا مَا وَعَدَ الرَّحْمَنُ وَصَدَقَ الْمُرْسَلُونَ * إِنْ كَانَتْ إِلاَّ صَيْحَةً وَاحِدَةً فَإِذَا هُمْ جَمِيعٌ لَدَيْنَا مُحْضَرُونَ [يس:52-53]، محضرون بين يدي الله عز وجل.
نفي الله عن نفسه الظلم يوم القيامة
ثم ينفي جل جلاله الظلم في ذلك اليوم: فَالْيَوْمَ لا تُظْلَمُ نَفْسٌ شَيْئاً وَلا تُجْزَوْنَ إِلاَّ مَا كُنتُمْ تَعْمَلُونَ [يس:54]، يبين ربنا جل جلاله أن الجزاء في ذلك اليوم بحسب الأعمال، كما قال في الحديث القدسي: ( يا عبادي! إنما هي أعمالكم أحصيها لكم، ثم أوفيكم إياها، فمن وجد خيراً فليحمد الله، ومن وجد غير ذلك فلا يلومن إلا نفسه )، وقال تعالى: هَذَا كِتَابُنَا يَنطِقُ عَلَيْكُمْ بِالْحَقِّ إِنَّا كُنَّا نَسْتَنسِخُ مَا كُنتُمْ تَعْمَلُونَ [الجاثية:29]، في ذلك اليوم لا ظلم، وإنما صحيفة ابن آدم تشهد عليه، وكذلك جوارحه تشهد عليه، وكذلك الملائكة تشهد عليه، كما قال ربنا جل جلاله: وَجَاءَتْ كُلُّ نَفْسٍ مَعَهَا سَائِقٌ وَشَهِيدٌ [ق:21]، وكما قال جل جلاله: الْيَوْمَ نَخْتِمُ عَلَى أَفْوَاهِهِمْ وَتُكَلِّمُنَا أَيْدِيهِمْ وَتَشْهَدُ أَرْجُلُهُمْ بِمَا كَانُوا يَكْسِبُونَ [يس:65].
انقسام الناس يوم القيامة إلى فريقين
فكيف يكون حال الناس في ذلك اليوم؟يبين ربنا في الآيات التي بعدها أنهم ينقسمون إلى فريقين، ويتمايزون إلى قبيلين: فَرِيقٌ فِي الْجَنَّةِ وَفَرِيقٌ فِي السَّعِيرِ [الشورى:7]، فريق منعم وفريق معذب، فريق يتكلمون فيما بينهم بالكلام الطيب ويتلقون التحية والسلام، وفريق آخر -والعياذ بالله- هم في الآهات والحسرات، يلعن بعضهم بعضاً ويكفر بعضهم ببعض.
ابوبيان غير متواجد حالياً   رد مع اقتباس
  #46  
قديم 20-07-2016 , 08:15 PM
ابوبيان ابوبيان غير متواجد حالياً
عضو مميز
تاريخ التسجيل: Sep 2011
المشاركات: 2,642
افتراضي رد: !!! أحصــــــــــــــاه الله ونســـــــــــــوه !!!

تابع تفسير قوله تعالى: (إن كانت إلا صيحة واحدة...) إلى قوله: (...ولا تجزون إلا ما كنتم تعملون)
بسم الله الرحمن الرحيم.الحمد لله، وصلى الله وسلم وبارك على سيدنا رسول الله، وعلى آله وصحبه ومن اهتدى بهداه.سبحانك لا علم لنا إلا ما علمتنا إنك أنت العليم الحكيم، اللهم علمنا علماً نافعاً، وارزقنا عملاً صالحاً، ووفقنا برحمتك لما تحب وترضى، أما بعد:فقد أخذنا في الآيات السابقات أن الكفار عندما قال لهم النبي صلى الله عليه وسلم: أنفقوا مما رزقكم الله، قالوا: أَنُطْعِمُ مَنْ لَوْ يَشَاءُ اللَّهُ أَطْعَمَهُ[يس:47]، ومعناه: هؤلاء الفقراء والمساكين لو شاء الله لأغناهم، ولو شاء لأطعمهم وأشبعهم، فمن أفقره الله لا نغنيه، ومن جوعه الله فلا نطعمه.ثم يتمادون في الضلال فيصفون المؤمنين بالضلال المبين قالوا: إِنْ أَنْتُمْ إِلاَّ فِي ضَلالٍ مُبِينٍ [يس:47]، وكذلك إذا قيل لهم: اتقوا ما بين أيديكم من أهوال القيامة وفظائعها، واعملوا لذلك اليوم عملاً ينجيكم، وخذوا حذركم، واعلموا أنكم موقوفون بين يدي الله عز وجل ليحاسبكم، فالكفار كانوا يطرحون هذا السؤال الذي يدل على بلادة الذهن، يقولون: مَتَى هَذَا الْوَعْدُ إِنْ كُنتُمْ صَادِقِينَ [يس:48]، أي: لو كانت القيامة حقاً أخبرونا متى تكون! قال الله عز وجل: مَا يَنظُرُونَ إِلاَّ صَيْحَةً وَاحِدَةً تَأْخُذُهُمْ وَهُمْ يَخِصِّمُونَ [يس:49]، هؤلاء الذين يستبعدون وقوع القيامة ويسألون عنها بمثل هذه الصيغة، كان الجواب عليهم: لا ينتظرون إلا صيحة واحدة من ملك كريم هو إسرافيل عليه السلام، هذا الملك إذا نفخ في الصور، فهذه النفخة ستأخذ هؤلاء أخذ عزيز مقتدر، بينما هم يتخاصمون في دنياهم وبيعهم وشرائهم، وأخذهم وعطائهم؛ ولذلك كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: ( كيف آمن وقد التقم صاحب الصور قرنه، ينتظر متى يؤمر فينفخ فيه )، فالنبي عليه الصلاة والسلام يقول: إسرافيل النافخ في الصور قد أخذ وضع الاستعداد، التقم قرنه ينتظر متى يؤمر من الله عز وجل بالنفخ فينفخ.قال الله: فَلا يَسْتَطِيعُونَ تَوْصِيَةً [يس:50]، أي: لا يستطيع أحدهم أن يوصي بما له أو ما عليه، وَلا إِلَى أَهْلِهِمْ يَرْجِعُونَ [يس:50].ثم يقول سبحانه: وَنُفِخَ فِي الصُّورِ فَإِذَا هُمْ مِنْ الأَجْدَاثِ إِلَى رَبِّهِمْ يَنسِلُونَ [يس:51]، ونفخ في الصور النفخة الثانية، نفخة البعث، فَإِذَا هُمْ مِنْ الأَجْدَاثِ ))، من القبور، إِلَى رَبِّهِمْ يَنسِلُونَ ))، أي: يسرعون، يعني: يحشرون إلى أرض المحشر ليوقفوا بين يدي الله عز وجل في ذلك اليوم العبوس القمطرير، وهؤلاء البلداء البلهاء يقولون: يَا وَيْلَنَا مَنْ بَعَثَنَا مِنْ مَرْقَدِنَا[يس:52]، يطرحون هذا السؤال، قد كانوا في عذاب مقيم، عندما كانوا في قبورهم، كانت قبورهم حفراً من حفر النار، لكنها بالنسبة لما ينتظرهم من العذاب الشديد يعتبرونها مراقد، قالوا: مَنْ بَعَثَنَا مِنْ مَرْقَدِنَا))، فيكون الجواب من الملائكة، أو من المؤمنين، أو يجيبون أنفسهم بأنفسهم فيقولون: هَذَا مَا وَعَدَ الرَّحْمَنُ وَصَدَقَ الْمُرْسَلُونَ * إِنْ كَانَتْ إِلاَّ صَيْحَةً وَاحِدَةً فَإِذَا هُمْ جَمِيعٌ لَدَيْنَا مُحْضَرُونَ [يس:52-53]، محضرون بين يدي الله عز وجل.
نفي الله عن نفسه الظلم يوم القيامة
ثم ينفي جل جلاله الظلم في ذلك اليوم: فَالْيَوْمَ لا تُظْلَمُ نَفْسٌ شَيْئاً وَلا تُجْزَوْنَ إِلاَّ مَا كُنتُمْ تَعْمَلُونَ [يس:54]، يبين ربنا جل جلاله أن الجزاء في ذلك اليوم بحسب الأعمال، كما قال في الحديث القدسي: ( يا عبادي! إنما هي أعمالكم أحصيها لكم، ثم أوفيكم إياها، فمن وجد خيراً فليحمد الله، ومن وجد غير ذلك فلا يلومن إلا نفسه )، وقال تعالى: هَذَا كِتَابُنَا يَنطِقُ عَلَيْكُمْ بِالْحَقِّ إِنَّا كُنَّا نَسْتَنسِخُ مَا كُنتُمْ تَعْمَلُونَ [الجاثية:29]، في ذلك اليوم لا ظلم، وإنما صحيفة ابن آدم تشهد عليه، وكذلك جوارحه تشهد عليه، وكذلك الملائكة تشهد عليه، كما قال ربنا جل جلاله: وَجَاءَتْ كُلُّ نَفْسٍ مَعَهَا سَائِقٌ وَشَهِيدٌ [ق:21]، وكما قال جل جلاله: الْيَوْمَ نَخْتِمُ عَلَى أَفْوَاهِهِمْ وَتُكَلِّمُنَا أَيْدِيهِمْ وَتَشْهَدُ أَرْجُلُهُمْ بِمَا كَانُوا يَكْسِبُونَ [يس:65].
انقسام الناس يوم القيامة إلى فريقين
فكيف يكون حال الناس في ذلك اليوم؟يبين ربنا في الآيات التي بعدها أنهم ينقسمون إلى فريقين، ويتمايزون إلى قبيلين: فَرِيقٌ فِي الْجَنَّةِ وَفَرِيقٌ فِي السَّعِيرِ [الشورى:7]، فريق منعم وفريق معذب، فريق يتكلمون فيما بينهم بالكلام الطيب ويتلقون التحية والسلام، وفريق آخر -والعياذ بالله- هم في الآهات والحسرات، يلعن بعضهم بعضاً ويكفر بعضهم ببعض.
رد مع اقتباس
قديم 20-07-2016, 08:16 PM   #47
ابوبيان
عضو مميز
 
تاريخ التسجيل: Sep 2011
المشاركات: 2,642
افتراضي رد: !!! أحصــــــــــــــاه الله ونســـــــــــــوه !!!

ظلال أهل الجنة
وقوله تعالى: هُمْ وَأَزْوَاجُهُمْ [يس:56]، إما أن يكون المراد بالأزواج: الأشباه، كما في قول الله عز وجل: احْشُرُوا الَّذِينَ ظَلَمُوا وَأَزْوَاجَهُمْ[الصافات:22] بمعنى: أشباههم وأمثالهم ونظائرهم، وإما أن يكون المراد بالأزواج: الزوجات.وقوله: فِي ظِلالٍ))؛ لأن الجنة كما قال ربنا جل جلاله: لا يَرَوْنَ فِيهَا شَمْساً وَلا زَمْهَرِيراً [الإنسان:13]، وكما في الحديث: ( إن في الجنة شجرة يسير الراكب في ظلها مائة عام لا يقطعها )، مائة سنة يمشي في ظلها، وليس المراد بالظل أنه ظل من الشمس، كما أن الطعام في الجنة ليس طعاماً من جوع، ولا الشراب في الجنة شراب على ظمأ، وإنما كل ما في الجنة نعيم، لا عن حاجة وإنما عن تفكه، فالإنسان في الدنيا يأكل من أجل أن يقتات، من أجل أن تبقى فيه قوته، من أجل أن تدوم له حياته، ولو منع من الطعام لمات، أما أهل الجنة فإنهم لا يأكلون عن جوع ولا يشربون عن ظمأ، ولا يستظلون من شمس، كما أنهم لا يعبدون عن تكليف، يعني: أهل الجنة يستمتعون بقراءة القرآن، يستمتعون بالصلاة، يستمتعون بذكر الله، يستمتعون بإفشاء السلام فيما بينهم؛ لا يَسْمَعُونَ فِيهَا لَغْواً وَلا تَأْثِيماً * إِلاَّ قِيلاً سَلاماً سَلاماً [الواقعة:25-26]، نحن في الدنيا مكلفون بإفشاء السلام تكليفاً، أما أهل الجنة فهذا كله يستمتعون به استمناعاً.وقوله: هُمْ وَأَزْوَاجُهُمْ فِي ظِلالٍ[يس:56]، هي كما قال ربنا جل جلاله: إِنَّ الْمُتَّقِينَ فِي ظِلالٍ وَعُيُونٍ [المرسلات:41].
أرائك أهل الجنة
قوله تعالى: عَلَى الأَرَائِكِ[يس:56]، (الأرائك) جمع أريكة، وهي: السرر المزينة بأنواع اللباس والرياش، سرر مزينة وصفها ربنا جل جلاله في آية أخرى بأنها مصفوفة، وأنها مرفوعة، وفي سورة الكهف قال: أُوْلَئِكَ لَهُمْ جَنَّاتُ عَدْنٍ تَجْرِي مِنْ تَحْتِهِمْ الأَنْهَارُ يُحَلَّوْنَ فِيهَا مِنْ أَسَاوِرَ مِنْ ذَهَبٍ وَيَلْبَسُونَ ثِيَاباً خُضْراً مِنْ سُندُسٍ وَإِسْتَبْرَقٍ مُتَّكِئِينَ فِيهَا عَلَى الأَرَائِكِ نِعْمَ الثَّوَابُ وَحَسُنَتْ مُرْتَفَقاً [الكهف:31]، فهؤلاء أهل الجنة يجلسون على تلك السرر المزينة بأنواع اللباس والحجال.وقوله: مُتَّكِئُونَ[يس:56]، وفي قراءة: متكون، وهناك في سورة الكهف: مُتَّكِئِينَ فِيهَا عَلَى الأَرَائِكِ[الكهف:31]، يعني: يجلسون جلسة الراحة والرفاهية والطمأنينة، بينما كانوا في الدنيا ممنوعين منها، فقد نهانا الرسول صلى الله عليه وسلم أن يأكل أحدنا متكئاً أو يشرب متكئاً، لربما بعض الناس يؤتى بالطعام أو الشراب وهو لا يعاني علة ولا مرضاً فيأكل متكئاً أو يشرب متكئاً، وهذا مكروه، قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ( لا آكل متكئاً ولا أجلس متكئاً، إنما أنا عبد آكل كما يأكل العبد وأجلس كما يجلس العبد )، عليه الصلاة والسلام.
الفواكه في الجنة
وقوله تعالى: لَهُمْ فِيهَا فَاكِهَةٌ [يس:57] لهم في الجنة فاكهة، وهذه الفاكهة من كل شيء، كما قال ربنا جل جلاله: فِيهِمَا مِنْ كُلِّ فَاكِهَةٍ زَوْجَانِ [الرحمن:52]، (من كل فاكهة)، من كل ما يخطر وما لا يخطر بالبال، قال صلى الله عليه وسلم: ( فيها ما لا عين رأت، ولا أذن سمعت، ولا خطر على قلب بشر )، وقرب الله إلينا المعنى في قوله: فِيهِمَا فَاكِهَةٌ وَنَخْلٌ وَرُمَّانٌ [الرحمن:68]، وإذا سمعت أن في الجنة رماناً أو تمراً أو عنباً أو خمراً أو عسلاً أو ماء أو لبناً.. فلا يخطرن ببالك شيء مما في الدنيا؛ فإذا سمعت عنباً فلا يخطر ببالك عنب الدنيا، وإذا سمعت رماناً فلا يخطر ببالك رمان الدنيا، قال ابن عباس : والله ما في الدنيا شيء مما في الجنة إلا الأسماء، الأسماء فقط مشتركة، ولكن الحقائق مختلفة تماماً.قال الله عز وجل: كُلَّمَا رُزِقُوا مِنْهَا مِنْ ثَمَرَةٍ رِزْقاً قَالُوا هَذَا الَّذِي رُزِقْنَا مِنْ قَبْلُ[البقرة:25]، ففي الجنة إذا جيء لك بعنب ثم جيء لك بعنب، تقول: هذا الذي رزقنا من قبل فقال الله عز وجل: وَأُتُوا بِهِ مُتَشَابِهاً[البقرة:25]، يقول لك خدم الجنة: اللون واحد ولكن الطعم مختلف، ذق وجرب، قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ( إن أدنى أهل الجنة منزلة من يقوم على رأسه عشرة آلاف خادم، مع كل خادم صحفتان، واحدة من ذهب وأخرى من فضة، في كل واحدة لون من الطعام ليس في الأخرى، يأكل من آخره مثل ما يأكل من أوله، يجد لآخره من اللذة ما لا يجد لأوله )، يعني: كل دخلة من خدم الجنة فيها عشرون ألف صنف، قد يقول قائل من الناس: والله أنا في الدنيا معي نفس النعيم، نقول له: لكن هل تستطيع أن تأكل منها كلها؟! وهل عندك ماعون يسع ذلك؟! الجواب: لا يستطيع؛ بل ربما بعد خمس دقائق، أو بعد عشر دقائق، لا يستطيع أن يدخل حبة واحدة أو لقمة واحدة، فابن آدم وعاؤه يمتلئ، قال صلى الله عليه وسلم: ( ما ملأ آدمي وعاء شراً من بطنه )، فهذه البطن تمتلئ، ربما الإنسان لو أكل خمس تمرات، سبع تمرات، عشر تمرات، عشرين تمرة، بعد ذلك لا يستطيع أن يدخل شيئاً آخر، أما أهل الجنة فنعيمهم دائم، نسأل الله أن يجعلنا منهم.وقوله: وَلَهُمْ مَا يَدَّعُونَ [يس:57]، أي: ما يطلبون، كل ما يطلبون يجدونه، مهما يشتهون في الجنة يجدونه، ما على الواحد منهم إذا خطر بباله شيء إلا أن يقول: سبحانك اللهم فقط هذه الكلمة! سبحانك اللهم، أشتهي حريراً، أشتهي زوجة، أشتهي طعاماً، شراباً، مركباً، ملبساً، وسوف يجد ذلك كله.
تسليم الله والملائكة على أهل الجنة
وقوله تعالى: سَلامٌ قَوْلاً مِنْ رَبٍّ رَحِيمٍ [يس:58]، أي: ولهم سلام، يعني: مع الأزواج ومع الفاكهة ومع شهواتهم كلها، مع هذا كله لهم سلام، وهذا السلام ليس من واحد من المخلوقات، وإنما من الرب الرحيم جل جلاله، قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ( بينما أهل الجنة في نعيمهم إذ سطع لهم نور من فوقهم فرفعوا رءوسهم، فإذا الرب جل جلاله يقول لهم: السلام عليكم يا أهل الجنة! فما أعطوا شيئاً أحب إليهم من النظر إليه )، نسأل الله أن يجعلنا منهم، قال تعالى: وُجُوهٌ يَوْمَئِذٍ نَاضِرَةٌ * إِلَى رَبِّهَا نَاظِرَةٌ [القيامة:22-23]، وقال سبحانه: لِلَّذِينَ أَحْسَنُوا الْحُسْنَى وَزِيَادَةٌ[يونس:26].ومن الأسباب التي تؤهلك لهذا النعيم: المحافظة على صلاة الصبح وصلاة العصر، قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ( إنكم سترون ربكم كما ترون القمر ليلة البدر، فمن استطاع منكم ألا يغلب على صلاة قبل طلوع الشمس وقبل غروبها فليفعل )، فالذي يحافظ على صلاة الصبح وعلى صلاة العصر إن شاء الله يتمتع بالنظر إلى وجه الله جل جلاله.وقوله: سَلامٌ قَوْلاً مِنْ رَبٍّ رَحِيمٍ [يس:58]، (قولاً) هاهنا تمييز، يبين ربنا جل جلاله أن التسليم حقيقي وليس مجازياً، يسلم ربنا جل جلاله على أهل الجنة، وكذلك الملائكة تسلم عليهم، كما قال ربنا: وَالْمَلائِكَةُ يَدْخُلُونَ عَلَيْهِمْ مِنْ كُلِّ بَابٍ * سَلامٌ عَلَيْكُمْ بِمَا صَبَرْتُمْ فَنِعْمَ عُقْبَى الدَّارِ [الرعد:23-24]، وقال الله عز وجل: وَتَحِيَّتُهُمْ فِيهَا سَلامٌ وَآخِرُ دَعْوَاهُمْ أَنْ الْحَمْدُ لِلَّهِ رَبِّ الْعَالَمِينَ [يونس:10]، وقال: الَّذِينَ تَتَوَفَّاهُمْ الْمَلائِكَةُ طَيِّبِينَ يَقُولُونَ سَلامٌ عَلَيْكُمْ[النحل:32]، وقال: وَسِيقَ الَّذِينَ اتَّقَوْا رَبَّهُمْ إِلَى الْجَنَّةِ زُمَراً حَتَّى إِذَا جَاءُوهَا وَفُتِحَتْ أَبْوَابُهَا وَقَالَ لَهُمْ خَزَنَتُهَا سَلامٌ عَلَيْكُمْ طِبْتُمْ فَادْخُلُوهَا خَالِدِينَ [الزمر:73]، فلا يسمعون إلا السلام من كل مكان، والجزاء من جنس العمل، فمن أفشى السلام في الدنيا وألقاه على من يعرف ومن لا يعرف، فهذا من الأسباب التي توصله إلى الجنة، كما قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ( أفشوا السلام، وأطعموا الطعام، وصلوا الأرحام، وصلوا بالليل والناس نيام؛ تدخلوا الجنة بسلام )، وقال عليه الصلاة والسلام: ( لن تدخلوا الجنة حتى تؤمنوا ولن تؤمنوا حتى تحابوا، ألا أدلكم على شيء إذا فعلتموه تحاببتم؟ أفشوا السلام بينكم )؛ ولذلك الرسول صلى الله عليه وسلم كان يسلم على من مر بهم، إذا مر على رجال سلم، وإذا مر على نساء سلم، وإذا مر على صبيان سلم، فهذا من تواضعه عليه الصلاة والسلام، حتى الصغار كان يسلم عليهم صلوات ربي وسلامه عليه.وقوله: مِنْ رَبٍّ رَحِيمٍ ))، من رب يظللكم برحمته، رحمته معكم إذا أصبحتم، وإذا أمسيتم، أنتم في الجنة تعيشون في رحمة الله وقد دخلتموها برحمة الله، كما قال صلى الله عليه وسلم: ( لن يدخل أحد الجنة بعمله، قالوا: ولا أنت يا رسول الله؟ قال: ولا أنا، إلا أن يتغمدني الله برحمة منه وفضل ).
تفسير قوله تعالى: (وامتازوا اليوم أيها المجرمون)
ثم قال سبحانه فبعدما قال لأهل الجنة: اذهبوا إلى الجنة، وادخلوها خالدين، يقال: وَامْتَازُوا الْيَوْمَ أَيُّهَا الْمُجْرِمُونَ ، وَامْتَازُوا))، أي: تميزوا، كما قال سبحانه: وَيَوْمَ نَحْشُرُهُمْ جَمِيعاً ثُمَّ نَقُولُ لِلَّذِينَ أَشْرَكُوا مَكَانَكُمْ أَنْتُمْ وَشُرَكَاؤُكُمْ فَزَيَّلْنَا[يونس:28]، أي: ميزنا، ومثل قوله تعالى في سورة الفتح: لَوْ تَزَيَّلُوا لَعَذَّبْنَا الَّذِينَ كَفَرُوا مِنْهُمْ عَذَاباً أَلِيماً [الفتح:25]، لَوْ تَزَيَّلُوا))، أي: لو تميزوا؛ لأنه في أول الآية قال: وَلَوْلا رِجَالٌ مُؤْمِنُونَ وَنِسَاءٌ مُؤْمِنَاتٌ لَمْ تَعْلَمُوهُمْ أَنْ تَطَئُوهُمْ فَتُصِيبَكُمْ مِنْهُمْ مَعَرَّةٌ بِغَيْرِ عِلْمٍ[الفتح:25]، يعني منع النبي صلى الله عليه وسلم من مكة؛ لأن فيها مؤمنين مع الكفار، ولربما يصيب هؤلاء المؤمنين شراً، إذا احتدم القتال وحمي الوطيس.فهاهنا ربنا جل جلاله يميز هؤلاء المجرمين والعياذ بالله، يميزهم سبحانه وتعالى بوجوههم، إذ الوجوه يوم القيامة ليست واحدة؛ قال تعالى: وُجُوهٌ يَوْمَئِذٍ مُسْفِرَةٌ * ضَاحِكَةٌ مُسْتَبْشِرَةٌ * وَوُجُوهٌ يَوْمَئِذٍ عَلَيْهَا غَبَرَةٌ * تَرْهَقُهَا قَتَرَةٌ * أُوْلَئِكَ هُمْ الْكَفَرَةُ الْفَجَرَةُ [عبس:38-42]، وقال سبحانه: وُجُوهٌ يَوْمَئِذٍ نَاضِرَةٌ * إِلَى رَبِّهَا نَاظِرَةٌ * وَوُجُوهٌ يَوْمَئِذٍ بَاسِرَةٌ [القيامة:22-24]، أي: عابسة والعياذ بالله، تَظُنُّ أَنْ يُفْعَلَ بِهَا فَاقِرَةٌ [القيامة:25]، الواحد منهم قلق. ثم بعد ذلك العرق ليس واحداً، فالمؤمنون الطيبون لا يحزنهم الفزع الأكبر، وأما أولئك المجرمون يلجمهم العرق إلجاماً.ثم بعد ذلك الهيئة ليست واحدة، فالمؤمنون الطيبون يكسون، قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ( يحشر الناس يوم القيامة حفاة عراة، فيكون أول من يكسى إبراهيم عليه السلام )؛ فالجزاء من جنس العمل؛ لأن إبراهيم عليه السلام تعرى في سبيل الله، إذ قبل أن يلقوه في النار جردوه من ثيابه، ولما جرد من ثيابه في الله كان جزاؤه أن يكون هو أول من يكسى يوم القيامة، قال عليه الصلاة والسلام: ( ثم أكسى حلة لا يقوم لها الخلائق )، يعني: أول من يكسى إبراهيم ثم يكسى محمد صلى الله عليه وسلم حلة أجمل من حلة إبراهيم عليه السلام، ثم يكسى أهل الجنة، أما أهل النار والعياذ بالله فيبقون حفاة عراة، ثم إذا ألقوا في النار كسوا، أي: بعدما يدخلون النار يكسون؛ لكن ماذا يكسون - نسأل الله العافية؟! قال تعالى: فَالَّذِينَ كَفَرُوا قُطِّعَتْ لَهُمْ ثِيَابٌ مِنْ نَارٍ[الحج:19]، يعني: في النار يُفصل لكل واحد منهم الثوب الذي يليق به، فيكساه في النار والعياذ بالله، يكسى في النار ثياباً من نار؛ قال تعالى: فَالَّذِينَ كَفَرُوا قُطِّعَتْ لَهُمْ ثِيَابٌ مِنْ نَارٍ يُصَبُّ مِنْ فَوْقِ رُءُوسِهِمْ الْحَمِيمُ * يُصْهَرُ بِهِ مَا فِي بُطُونِهِمْ وَالْجُلُودُ * وَلَهُمْ مَقَامِعُ مِنْ حَدِيدٍ * كُلَّمَا أَرَادُوا أَنْ يَخْرُجُوا مِنْهَا مِنْ غَمٍّ أُعِيدُوا فِيهَا وَذُوقُوا عَذَابَ الْحَرِيقِ [الحج:19-22].إذاً: الكفار متميزون يوم القيامة، متميزون بوجوههم، متميزون بعرقهم، متميزون بهيئاتهم، ثم بعد ذلك متميزون بالكلام الذي يتكلمون به، أما المؤمنون الطيبون فيقولون: هَذَا مَا وَعَدَ الرَّحْمَنُ وَصَدَقَ الْمُرْسَلُونَ [يس:52]، والكافر فهو كما قال تعالى: يَقُولُ الإِنسَانُ يَوْمَئِذٍ أَيْنَ الْمَفَرُّ [القيامة:10]، وأيضاً بعدما يرى أنه يقتص للشاة الجلحاء من الشاة القرناء، يقول: يَا لَيْتَنِي كُنتُ تُرَابًا [النبأ:40]، وقال تعالى عنهم: يَا لَيْتَنَا نُرَدُّ وَلا نُكَذِّبَ بِآيَاتِ رَبِّنَا وَنَكُونَ مِنْ الْمُؤْمِنِينَ [الأنعام:27]، ليت، ليت، ليت.. هذه تكثر على لسانهم.وقوله: أَيُّهَا الْمُجْرِمُونَ [يس:59]، (المجرمون): جمع مجرم، وهو فاعل الإجرام، وهو الجناية العظيمة التي تستوجب العقوبة، وقد بين ربنا جل جلاله في القرآن أن هؤلاء المجرمين لا يفلحون، قال تعالى: إِنَّهُ لا يُفْلِحُ الْمُجْرِمُونَ [يونس:17]، وقال سبحانه: فَمَنْ أَظْلَمُ مِمَّنْ افْتَرَى عَلَى اللَّهِ كَذِباً أَوْ كَذَّبَ بِآيَاتِهِ إِنَّهُ لا يُفْلِحُ الْمُجْرِمُونَ [يونس:17]. نسأل الله أن يجعلنا من أهل الجنة. وصلى الله وسلم على نبينا محمد وعلى آله وأصحابه أجمعين.
ابوبيان غير متواجد حالياً   رد مع اقتباس
  #47  
قديم 20-07-2016 , 08:16 PM
ابوبيان ابوبيان غير متواجد حالياً
عضو مميز
تاريخ التسجيل: Sep 2011
المشاركات: 2,642
افتراضي رد: !!! أحصــــــــــــــاه الله ونســـــــــــــوه !!!

ظلال أهل الجنة
وقوله تعالى: هُمْ وَأَزْوَاجُهُمْ [يس:56]، إما أن يكون المراد بالأزواج: الأشباه، كما في قول الله عز وجل: احْشُرُوا الَّذِينَ ظَلَمُوا وَأَزْوَاجَهُمْ[الصافات:22] بمعنى: أشباههم وأمثالهم ونظائرهم، وإما أن يكون المراد بالأزواج: الزوجات.وقوله: فِي ظِلالٍ))؛ لأن الجنة كما قال ربنا جل جلاله: لا يَرَوْنَ فِيهَا شَمْساً وَلا زَمْهَرِيراً [الإنسان:13]، وكما في الحديث: ( إن في الجنة شجرة يسير الراكب في ظلها مائة عام لا يقطعها )، مائة سنة يمشي في ظلها، وليس المراد بالظل أنه ظل من الشمس، كما أن الطعام في الجنة ليس طعاماً من جوع، ولا الشراب في الجنة شراب على ظمأ، وإنما كل ما في الجنة نعيم، لا عن حاجة وإنما عن تفكه، فالإنسان في الدنيا يأكل من أجل أن يقتات، من أجل أن تبقى فيه قوته، من أجل أن تدوم له حياته، ولو منع من الطعام لمات، أما أهل الجنة فإنهم لا يأكلون عن جوع ولا يشربون عن ظمأ، ولا يستظلون من شمس، كما أنهم لا يعبدون عن تكليف، يعني: أهل الجنة يستمتعون بقراءة القرآن، يستمتعون بالصلاة، يستمتعون بذكر الله، يستمتعون بإفشاء السلام فيما بينهم؛ لا يَسْمَعُونَ فِيهَا لَغْواً وَلا تَأْثِيماً * إِلاَّ قِيلاً سَلاماً سَلاماً [الواقعة:25-26]، نحن في الدنيا مكلفون بإفشاء السلام تكليفاً، أما أهل الجنة فهذا كله يستمتعون به استمناعاً.وقوله: هُمْ وَأَزْوَاجُهُمْ فِي ظِلالٍ[يس:56]، هي كما قال ربنا جل جلاله: إِنَّ الْمُتَّقِينَ فِي ظِلالٍ وَعُيُونٍ [المرسلات:41].
أرائك أهل الجنة
قوله تعالى: عَلَى الأَرَائِكِ[يس:56]، (الأرائك) جمع أريكة، وهي: السرر المزينة بأنواع اللباس والرياش، سرر مزينة وصفها ربنا جل جلاله في آية أخرى بأنها مصفوفة، وأنها مرفوعة، وفي سورة الكهف قال: أُوْلَئِكَ لَهُمْ جَنَّاتُ عَدْنٍ تَجْرِي مِنْ تَحْتِهِمْ الأَنْهَارُ يُحَلَّوْنَ فِيهَا مِنْ أَسَاوِرَ مِنْ ذَهَبٍ وَيَلْبَسُونَ ثِيَاباً خُضْراً مِنْ سُندُسٍ وَإِسْتَبْرَقٍ مُتَّكِئِينَ فِيهَا عَلَى الأَرَائِكِ نِعْمَ الثَّوَابُ وَحَسُنَتْ مُرْتَفَقاً [الكهف:31]، فهؤلاء أهل الجنة يجلسون على تلك السرر المزينة بأنواع اللباس والحجال.وقوله: مُتَّكِئُونَ[يس:56]، وفي قراءة: متكون، وهناك في سورة الكهف: مُتَّكِئِينَ فِيهَا عَلَى الأَرَائِكِ[الكهف:31]، يعني: يجلسون جلسة الراحة والرفاهية والطمأنينة، بينما كانوا في الدنيا ممنوعين منها، فقد نهانا الرسول صلى الله عليه وسلم أن يأكل أحدنا متكئاً أو يشرب متكئاً، لربما بعض الناس يؤتى بالطعام أو الشراب وهو لا يعاني علة ولا مرضاً فيأكل متكئاً أو يشرب متكئاً، وهذا مكروه، قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ( لا آكل متكئاً ولا أجلس متكئاً، إنما أنا عبد آكل كما يأكل العبد وأجلس كما يجلس العبد )، عليه الصلاة والسلام.
الفواكه في الجنة
وقوله تعالى: لَهُمْ فِيهَا فَاكِهَةٌ [يس:57] لهم في الجنة فاكهة، وهذه الفاكهة من كل شيء، كما قال ربنا جل جلاله: فِيهِمَا مِنْ كُلِّ فَاكِهَةٍ زَوْجَانِ [الرحمن:52]، (من كل فاكهة)، من كل ما يخطر وما لا يخطر بالبال، قال صلى الله عليه وسلم: ( فيها ما لا عين رأت، ولا أذن سمعت، ولا خطر على قلب بشر )، وقرب الله إلينا المعنى في قوله: فِيهِمَا فَاكِهَةٌ وَنَخْلٌ وَرُمَّانٌ [الرحمن:68]، وإذا سمعت أن في الجنة رماناً أو تمراً أو عنباً أو خمراً أو عسلاً أو ماء أو لبناً.. فلا يخطرن ببالك شيء مما في الدنيا؛ فإذا سمعت عنباً فلا يخطر ببالك عنب الدنيا، وإذا سمعت رماناً فلا يخطر ببالك رمان الدنيا، قال ابن عباس : والله ما في الدنيا شيء مما في الجنة إلا الأسماء، الأسماء فقط مشتركة، ولكن الحقائق مختلفة تماماً.قال الله عز وجل: كُلَّمَا رُزِقُوا مِنْهَا مِنْ ثَمَرَةٍ رِزْقاً قَالُوا هَذَا الَّذِي رُزِقْنَا مِنْ قَبْلُ[البقرة:25]، ففي الجنة إذا جيء لك بعنب ثم جيء لك بعنب، تقول: هذا الذي رزقنا من قبل فقال الله عز وجل: وَأُتُوا بِهِ مُتَشَابِهاً[البقرة:25]، يقول لك خدم الجنة: اللون واحد ولكن الطعم مختلف، ذق وجرب، قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ( إن أدنى أهل الجنة منزلة من يقوم على رأسه عشرة آلاف خادم، مع كل خادم صحفتان، واحدة من ذهب وأخرى من فضة، في كل واحدة لون من الطعام ليس في الأخرى، يأكل من آخره مثل ما يأكل من أوله، يجد لآخره من اللذة ما لا يجد لأوله )، يعني: كل دخلة من خدم الجنة فيها عشرون ألف صنف، قد يقول قائل من الناس: والله أنا في الدنيا معي نفس النعيم، نقول له: لكن هل تستطيع أن تأكل منها كلها؟! وهل عندك ماعون يسع ذلك؟! الجواب: لا يستطيع؛ بل ربما بعد خمس دقائق، أو بعد عشر دقائق، لا يستطيع أن يدخل حبة واحدة أو لقمة واحدة، فابن آدم وعاؤه يمتلئ، قال صلى الله عليه وسلم: ( ما ملأ آدمي وعاء شراً من بطنه )، فهذه البطن تمتلئ، ربما الإنسان لو أكل خمس تمرات، سبع تمرات، عشر تمرات، عشرين تمرة، بعد ذلك لا يستطيع أن يدخل شيئاً آخر، أما أهل الجنة فنعيمهم دائم، نسأل الله أن يجعلنا منهم.وقوله: وَلَهُمْ مَا يَدَّعُونَ [يس:57]، أي: ما يطلبون، كل ما يطلبون يجدونه، مهما يشتهون في الجنة يجدونه، ما على الواحد منهم إذا خطر بباله شيء إلا أن يقول: سبحانك اللهم فقط هذه الكلمة! سبحانك اللهم، أشتهي حريراً، أشتهي زوجة، أشتهي طعاماً، شراباً، مركباً، ملبساً، وسوف يجد ذلك كله.
تسليم الله والملائكة على أهل الجنة
وقوله تعالى: سَلامٌ قَوْلاً مِنْ رَبٍّ رَحِيمٍ [يس:58]، أي: ولهم سلام، يعني: مع الأزواج ومع الفاكهة ومع شهواتهم كلها، مع هذا كله لهم سلام، وهذا السلام ليس من واحد من المخلوقات، وإنما من الرب الرحيم جل جلاله، قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ( بينما أهل الجنة في نعيمهم إذ سطع لهم نور من فوقهم فرفعوا رءوسهم، فإذا الرب جل جلاله يقول لهم: السلام عليكم يا أهل الجنة! فما أعطوا شيئاً أحب إليهم من النظر إليه )، نسأل الله أن يجعلنا منهم، قال تعالى: وُجُوهٌ يَوْمَئِذٍ نَاضِرَةٌ * إِلَى رَبِّهَا نَاظِرَةٌ [القيامة:22-23]، وقال سبحانه: لِلَّذِينَ أَحْسَنُوا الْحُسْنَى وَزِيَادَةٌ[يونس:26].ومن الأسباب التي تؤهلك لهذا النعيم: المحافظة على صلاة الصبح وصلاة العصر، قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ( إنكم سترون ربكم كما ترون القمر ليلة البدر، فمن استطاع منكم ألا يغلب على صلاة قبل طلوع الشمس وقبل غروبها فليفعل )، فالذي يحافظ على صلاة الصبح وعلى صلاة العصر إن شاء الله يتمتع بالنظر إلى وجه الله جل جلاله.وقوله: سَلامٌ قَوْلاً مِنْ رَبٍّ رَحِيمٍ [يس:58]، (قولاً) هاهنا تمييز، يبين ربنا جل جلاله أن التسليم حقيقي وليس مجازياً، يسلم ربنا جل جلاله على أهل الجنة، وكذلك الملائكة تسلم عليهم، كما قال ربنا: وَالْمَلائِكَةُ يَدْخُلُونَ عَلَيْهِمْ مِنْ كُلِّ بَابٍ * سَلامٌ عَلَيْكُمْ بِمَا صَبَرْتُمْ فَنِعْمَ عُقْبَى الدَّارِ [الرعد:23-24]، وقال الله عز وجل: وَتَحِيَّتُهُمْ فِيهَا سَلامٌ وَآخِرُ دَعْوَاهُمْ أَنْ الْحَمْدُ لِلَّهِ رَبِّ الْعَالَمِينَ [يونس:10]، وقال: الَّذِينَ تَتَوَفَّاهُمْ الْمَلائِكَةُ طَيِّبِينَ يَقُولُونَ سَلامٌ عَلَيْكُمْ[النحل:32]، وقال: وَسِيقَ الَّذِينَ اتَّقَوْا رَبَّهُمْ إِلَى الْجَنَّةِ زُمَراً حَتَّى إِذَا جَاءُوهَا وَفُتِحَتْ أَبْوَابُهَا وَقَالَ لَهُمْ خَزَنَتُهَا سَلامٌ عَلَيْكُمْ طِبْتُمْ فَادْخُلُوهَا خَالِدِينَ [الزمر:73]، فلا يسمعون إلا السلام من كل مكان، والجزاء من جنس العمل، فمن أفشى السلام في الدنيا وألقاه على من يعرف ومن لا يعرف، فهذا من الأسباب التي توصله إلى الجنة، كما قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ( أفشوا السلام، وأطعموا الطعام، وصلوا الأرحام، وصلوا بالليل والناس نيام؛ تدخلوا الجنة بسلام )، وقال عليه الصلاة والسلام: ( لن تدخلوا الجنة حتى تؤمنوا ولن تؤمنوا حتى تحابوا، ألا أدلكم على شيء إذا فعلتموه تحاببتم؟ أفشوا السلام بينكم )؛ ولذلك الرسول صلى الله عليه وسلم كان يسلم على من مر بهم، إذا مر على رجال سلم، وإذا مر على نساء سلم، وإذا مر على صبيان سلم، فهذا من تواضعه عليه الصلاة والسلام، حتى الصغار كان يسلم عليهم صلوات ربي وسلامه عليه.وقوله: مِنْ رَبٍّ رَحِيمٍ ))، من رب يظللكم برحمته، رحمته معكم إذا أصبحتم، وإذا أمسيتم، أنتم في الجنة تعيشون في رحمة الله وقد دخلتموها برحمة الله، كما قال صلى الله عليه وسلم: ( لن يدخل أحد الجنة بعمله، قالوا: ولا أنت يا رسول الله؟ قال: ولا أنا، إلا أن يتغمدني الله برحمة منه وفضل ).
تفسير قوله تعالى: (وامتازوا اليوم أيها المجرمون)
ثم قال سبحانه فبعدما قال لأهل الجنة: اذهبوا إلى الجنة، وادخلوها خالدين، يقال: وَامْتَازُوا الْيَوْمَ أَيُّهَا الْمُجْرِمُونَ ، وَامْتَازُوا))، أي: تميزوا، كما قال سبحانه: وَيَوْمَ نَحْشُرُهُمْ جَمِيعاً ثُمَّ نَقُولُ لِلَّذِينَ أَشْرَكُوا مَكَانَكُمْ أَنْتُمْ وَشُرَكَاؤُكُمْ فَزَيَّلْنَا[يونس:28]، أي: ميزنا، ومثل قوله تعالى في سورة الفتح: لَوْ تَزَيَّلُوا لَعَذَّبْنَا الَّذِينَ كَفَرُوا مِنْهُمْ عَذَاباً أَلِيماً [الفتح:25]، لَوْ تَزَيَّلُوا))، أي: لو تميزوا؛ لأنه في أول الآية قال: وَلَوْلا رِجَالٌ مُؤْمِنُونَ وَنِسَاءٌ مُؤْمِنَاتٌ لَمْ تَعْلَمُوهُمْ أَنْ تَطَئُوهُمْ فَتُصِيبَكُمْ مِنْهُمْ مَعَرَّةٌ بِغَيْرِ عِلْمٍ[الفتح:25]، يعني منع النبي صلى الله عليه وسلم من مكة؛ لأن فيها مؤمنين مع الكفار، ولربما يصيب هؤلاء المؤمنين شراً، إذا احتدم القتال وحمي الوطيس.فهاهنا ربنا جل جلاله يميز هؤلاء المجرمين والعياذ بالله، يميزهم سبحانه وتعالى بوجوههم، إذ الوجوه يوم القيامة ليست واحدة؛ قال تعالى: وُجُوهٌ يَوْمَئِذٍ مُسْفِرَةٌ * ضَاحِكَةٌ مُسْتَبْشِرَةٌ * وَوُجُوهٌ يَوْمَئِذٍ عَلَيْهَا غَبَرَةٌ * تَرْهَقُهَا قَتَرَةٌ * أُوْلَئِكَ هُمْ الْكَفَرَةُ الْفَجَرَةُ [عبس:38-42]، وقال سبحانه: وُجُوهٌ يَوْمَئِذٍ نَاضِرَةٌ * إِلَى رَبِّهَا نَاظِرَةٌ * وَوُجُوهٌ يَوْمَئِذٍ بَاسِرَةٌ [القيامة:22-24]، أي: عابسة والعياذ بالله، تَظُنُّ أَنْ يُفْعَلَ بِهَا فَاقِرَةٌ [القيامة:25]، الواحد منهم قلق. ثم بعد ذلك العرق ليس واحداً، فالمؤمنون الطيبون لا يحزنهم الفزع الأكبر، وأما أولئك المجرمون يلجمهم العرق إلجاماً.ثم بعد ذلك الهيئة ليست واحدة، فالمؤمنون الطيبون يكسون، قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ( يحشر الناس يوم القيامة حفاة عراة، فيكون أول من يكسى إبراهيم عليه السلام )؛ فالجزاء من جنس العمل؛ لأن إبراهيم عليه السلام تعرى في سبيل الله، إذ قبل أن يلقوه في النار جردوه من ثيابه، ولما جرد من ثيابه في الله كان جزاؤه أن يكون هو أول من يكسى يوم القيامة، قال عليه الصلاة والسلام: ( ثم أكسى حلة لا يقوم لها الخلائق )، يعني: أول من يكسى إبراهيم ثم يكسى محمد صلى الله عليه وسلم حلة أجمل من حلة إبراهيم عليه السلام، ثم يكسى أهل الجنة، أما أهل النار والعياذ بالله فيبقون حفاة عراة، ثم إذا ألقوا في النار كسوا، أي: بعدما يدخلون النار يكسون؛ لكن ماذا يكسون - نسأل الله العافية؟! قال تعالى: فَالَّذِينَ كَفَرُوا قُطِّعَتْ لَهُمْ ثِيَابٌ مِنْ نَارٍ[الحج:19]، يعني: في النار يُفصل لكل واحد منهم الثوب الذي يليق به، فيكساه في النار والعياذ بالله، يكسى في النار ثياباً من نار؛ قال تعالى: فَالَّذِينَ كَفَرُوا قُطِّعَتْ لَهُمْ ثِيَابٌ مِنْ نَارٍ يُصَبُّ مِنْ فَوْقِ رُءُوسِهِمْ الْحَمِيمُ * يُصْهَرُ بِهِ مَا فِي بُطُونِهِمْ وَالْجُلُودُ * وَلَهُمْ مَقَامِعُ مِنْ حَدِيدٍ * كُلَّمَا أَرَادُوا أَنْ يَخْرُجُوا مِنْهَا مِنْ غَمٍّ أُعِيدُوا فِيهَا وَذُوقُوا عَذَابَ الْحَرِيقِ [الحج:19-22].إذاً: الكفار متميزون يوم القيامة، متميزون بوجوههم، متميزون بعرقهم، متميزون بهيئاتهم، ثم بعد ذلك متميزون بالكلام الذي يتكلمون به، أما المؤمنون الطيبون فيقولون: هَذَا مَا وَعَدَ الرَّحْمَنُ وَصَدَقَ الْمُرْسَلُونَ [يس:52]، والكافر فهو كما قال تعالى: يَقُولُ الإِنسَانُ يَوْمَئِذٍ أَيْنَ الْمَفَرُّ [القيامة:10]، وأيضاً بعدما يرى أنه يقتص للشاة الجلحاء من الشاة القرناء، يقول: يَا لَيْتَنِي كُنتُ تُرَابًا [النبأ:40]، وقال تعالى عنهم: يَا لَيْتَنَا نُرَدُّ وَلا نُكَذِّبَ بِآيَاتِ رَبِّنَا وَنَكُونَ مِنْ الْمُؤْمِنِينَ [الأنعام:27]، ليت، ليت، ليت.. هذه تكثر على لسانهم.وقوله: أَيُّهَا الْمُجْرِمُونَ [يس:59]، (المجرمون): جمع مجرم، وهو فاعل الإجرام، وهو الجناية العظيمة التي تستوجب العقوبة، وقد بين ربنا جل جلاله في القرآن أن هؤلاء المجرمين لا يفلحون، قال تعالى: إِنَّهُ لا يُفْلِحُ الْمُجْرِمُونَ [يونس:17]، وقال سبحانه: فَمَنْ أَظْلَمُ مِمَّنْ افْتَرَى عَلَى اللَّهِ كَذِباً أَوْ كَذَّبَ بِآيَاتِهِ إِنَّهُ لا يُفْلِحُ الْمُجْرِمُونَ [يونس:17]. نسأل الله أن يجعلنا من أهل الجنة. وصلى الله وسلم على نبينا محمد وعلى آله وأصحابه أجمعين.
رد مع اقتباس
قديم 20-07-2016, 08:17 PM   #48
ابوبيان
عضو مميز
 
تاريخ التسجيل: Sep 2011
المشاركات: 2,642
افتراضي رد: !!! أحصــــــــــــــاه الله ونســـــــــــــوه !!!

لمتميزون عند الله الشيخ يوسف بن حسن الحمادي حفظه الله تعالى

https://www.youtube.com/watch?v=zZpea5aVo9Q
ابوبيان غير متواجد حالياً   رد مع اقتباس
  #48  
قديم 20-07-2016 , 08:17 PM
ابوبيان ابوبيان غير متواجد حالياً
عضو مميز
تاريخ التسجيل: Sep 2011
المشاركات: 2,642
افتراضي رد: !!! أحصــــــــــــــاه الله ونســـــــــــــوه !!!

لمتميزون عند الله الشيخ يوسف بن حسن الحمادي حفظه الله تعالى

https://www.youtube.com/watch?v=zZpea5aVo9Q
رد مع اقتباس
إضافة رد


يشاهد الموضوع الآن : 1 ( الأعضاء 0 والزوار 1)
 

تعليمات المشاركة
لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
لا تستطيع الرد على المواضيع
لا تستطيع إرفاق ملفات
لا تستطيع تعديل مشاركاتك

BB code is متاحة
كود [IMG] متاحة
كود HTML معطلة

الانتقال السريع
الانتقال السريع


الساعة الآن 05:49 PM