سنوات المجد والعبر ... معركة الزلاقه في سنة 462هـ آل أمر المرابطين إلى يوسف بن تاشفين وكان رجلاً تقيا حازماً داهية مجرباً ، فمد فتوحه في المغرب الأفريقي حتى دان له جميعه ، واختط مدينة مراكش تحت جبال المصامدة ، الذين هم أشد أهل المغرب قوة وأمنعهم عقلاً ، فكانت مراكش عاصمة لدولة المرابطين ثم ملك سبته وطنجه واصبح بذلك مطلاً على جنوب الأندلس .
ودولته هي أقوى دولة بالمغرب يومئذ ومن ثم استنجد به أهل الأندلس فاستجاب ابن تاشفين بدافع من النصرة لإخوانه ، وحب الجهاد فحشد الجيوش للجهاد واجازها إلى الجزيرة الخضراء وجعلها قاعدة لجيوشه .
وما كادت سفن جيش المسلمين تنشر قلاعها حتى صعد يوسف بن تاشفين إلى مقدمة سفينته ودعا الله مخلصاً ( اللهم إن كان تعلم ان في جوازي هذا خيراً وصلاحاً للمسلمين فسهل على جواز هذا البحر ، وان كان غير ذلك فصعبه حتى لا اجوزه ) فهدأ البحر وجازت السفن سراعاً ولما نزل ارض الأندلس سجد لله شكراً .
وقد انظم إليه ملوك الطوائف منهم الراضي ومنهم الكاره ، واخترق الولايات بجيوشه حتى التقى بألفونسو عند موضع يسمى الزلاقة سنة 479هـ في ربيع أول بالقرب من بطليوس وقد ظهرت من القائد يوسف خصال وأفعال اعادت إلى الأذهان سيرة السلف الصالح في فتوحاتهم .
وفي المقابل أعد الفونسو جيشاً قوامه خمسين الفا صاح حين رأى كثرتهم وكما ل عدتهم ( بمثل هؤلاء أحارب الشيطان والجن والملائكة ) ولكن كثرة عدده وما أبداه من النشوة لم تغن عنه شيئا امام بسالة ابن عبداد ودهاء ابن تاشفين وإيمان المرابطين وحماسهم .
التقى الطرفان في سهل الزلاقه بالقرب من مدينة بطليوس ، ووقف جيش المعتمد بن عباد في المقدمة واصطف جيش يوسف بن تاشفين خلف أكمة عالية من الجبل وحاول الفونس السادس الخديعة إذ تبادل الرسائل بين الفريقين لتحديد يوم القتال ، واقترح النصارى الا يكون الجمعة لأنه يوم عيد المسلمين ، ولا السبت لأنه عيد اليهود وهم وزراء النصارى في الأندلس وكتابهم ، ولا الاحد لأنه عيد النصارى .
غير أنه ما حان يوم الجمعة وخرج يوسف بن تاشفين للصلاة حتى بدأ هجوم النصارى غير ان المعتمد بن عباد كان يخشى هذه الخديعة لذا فقد بقي في سلاحه وتصدى لهجوم النصارى ، وانتهى المرابطون من صلاتهم وحملو على النصارى وبدأ فيهم قتلاً حتى قيل انهم قد أفنوهم عن آخرهم وذلك في منتصف رجب من عام 479هـ وقبل أوائل رمضان واستولى المسلمون على كل ماكان من النصارى ، وقد أثر يوسف بن تاشفين بهذه الغنائم من أنظم إليه من ملوك الأندلس لذا فقد أحبوه كما أحبه الشعب ، ولم ينج إلا الفونسو وعدد قليل بلغ الخمسمائة من الفرسان . |