استعد ليومك بسم الله الرحمن الرحيم
إن الحمد لله، نحمده ونستعينه ونستغفره، و، وأشهد أن لا إله إلا الله
وحده لا شريك له، وأشهد أن محمداً عبده ورسوله.. أما بعد:
أخي الكريم: ما أحوجنا إلى وقفة متأملة.. مع حقيقة الموت.. تلك الحقيقة المرّة
التي يرحل بها الإنسان من حياة إلى أخرى.. ومن دار إلى دار.
تلك الحقيقة التي حيّرت العقول.. وحطّمت أماني الخلود.. وأجبرت الناس على اختلاف
منازلهم أن يروا الحياة محطة عابرة.. لا خلود فيها ولا قرار.
ففريق منهم أدرك سرّ الحياة.. فآمن بالله رباً وبالإسلام ديناً وبمحمدٍ نبياً
ورسولاً، وعلم من دينه أن الحياة رحلة ابتلاء، يعبرها المؤمن مسافراً إلى ربه، يرجو
زاداً يبلغه إليه سالماً غانماً.
وفريق منهم أدرك تفاهة الحياة، وقصرها، واندثارها، بَيْدَ أنه ضلّ الطريق،
فاتخذها قراراً، ورضي بها منزلاً، ولم يعمل لزاد رحلته حساب! فهو في تناقض واضطراب،
وتضادٍّ وعذاب.
أخي الكريم: فمن أي الفريقين أنت؟ وهل أعددت زاداً للرحيل؟
أنت عابر سبيل
فرسول الله
يوصيك أن تكون كذلك، ويقول: { كن في الدنيا كأنك غريب
أو عابر سبيل } [رواه البخاري]، وابن عمر رضي الله عنهما الذي وجه
إليه رسول الله هذه الوصية يقول: ( إذا أمسيت فلا تنتظر الصباح،
وإذا أصبحت فلا تنتظر المساء، وخذ من صحتك لمرضك، ومن حياتك لموتك ) [رواه
البخاري].
أخي: وسواء أعددت نفسك من العابرين لسبيل الحياة أم أعددت نفسك من الخلّدين
المقيمين.. فأنت في النهاية سترحل ! وفي سائر الحالات أنت عابرها ! فمُنى الخلودكالظل الزائل.. وَمَا جَعَلْنَا لِبَشَرٍ مّن
قَبلِكَ الْخُلْدَ أَفَإِن مّتَّ فَهُمُ الْخَالِدُونَ [الأنبياء:34].
هكذا خلق الله الحياة.. وهكذا أرادها.. كُلُّ مَنْ عَلَيْهَا فَانٍ (26)
وَيَبَقَى وَجْهُ رَبِكَ ذُو الْجَلالِ وَالإكْرَامِ [الرحمن:27،26].
الكل وإن طالت الأعمار راحل، وبريق الدنيا مهما لمع زائل، وعمودها مهما استقام
مائل.
وقال عمر بن عبد العزيز: ( إن الدنيا ليست بدار قراركم، كتب الله عليها الفناء،
وكتب على أهلها منها الظعن، فأحسنوا رحمكم الله منها الرحلة بأحسن ما بحضرتكم من النقلة، وتزودوا فإن خير الزاد التقوى
لا تغفل فإنك لم تخلق سدى، وإذا رأيت الناس قد سخّروا فِطنَتَهم للدنيا، فاستعمل
فِطْنَتك في الآخرة.. تفكر في رحيلك.. واجعل همك كل همك في معادك.. تذكر أن الموت يأتي على غرة.. وأعدّ
لفجأته حساباً ! |