عرض مشاركة واحدة
قديم 20-07-2016, 08:11 PM   #45
ابوبيان
عضو مميز
 
تاريخ التسجيل: Sep 2011
المشاركات: 2,642
افتراضي رد: !!! أحصــــــــــــــاه الله ونســـــــــــــوه !!!

تفسير قوله تعالى: (إن أصحاب الجنة اليوم في شغل فاكهون) إلى قوله: (سلام قولاً من رب رحيم)
يقول الله عز وجل: إِنَّ أَصْحَابَ الْجَنَّةِ الْيَوْمَ فِي شُغُلٍ فَاكِهُونَ [يس:55]،
أصحاب الجنة: أهلها وساكنوها، وقد جعلوا أصحاباً لها باعتبار المصاحبة وطول المكث والإقامة، كما قال ربنا عن أهل النار بأنهم أصحابها، قال سبحانه: وَنَادَى أَصْحَابُ الْجَنَّةِ أَصْحَابَ النَّارِ أَنْ قَدْ وَجَدْنَا مَا وَعَدَنَا رَبُّنَا حَقّاً فَهَلْ وَجَدْتُمْ مَا وَعَدَ رَبُّكُمْ حَقّاً قَالُوا نَعَمْ[الأعراف:44]، وقال: وَنَادَى أَصْحَابُ النَّارِ أَصْحَابَ الْجَنَّةِ أَنْ أَفِيضُوا عَلَيْنَا مِنْ الْمَاءِ
أَوْ مِمَّا رَزَقَكُمْ اللَّهُ[الأعراف:50]؛ فأصحاب الجنة هم أهلها وساكنوها؛ لطول مصاحبتهم لها ومكثهم فيها جعلوا أصحاباً لها، كذلك أهل النار -والعياذ بالله- لأنهم لا يقضى عليهم ولا يخفف عنهم من عذابها، بل عذابها مصاحب ملازم لهم، جعلوا أصحاباً لها.قال تعالى: إِنَّ أَصْحَابَ الْجَنَّةِ [يس:55]، الجنة: البستان الذي جن بسور، إما أن يكون هذا السور من الأشجار أو من غيرها، وتصغيرها: جنينة.قوله: الْيَوْمَ ، اليوم، يوم القيامة، بعدما يفصل بين العباد، بعدما يرى كل امرئ مقعده.وقوله: فِي شُغُلٍ[يس:55]، بضمتين، وفي قراءة: في شغل، بضمة فسكون، والشغل لغتان كالرعب والرعب، والسحت والسحت، وهذا كله قرئ في القراءات السبعية المتواترة؛ في قوله تعالى: سَأُلْقِي فِي قُلُوبِ الَّذِينَ كَفَرُوا الرُّعْبَ[الأنفال:12]، وقرئ: الرعب بضمتين، وقوله تعالى: سَمَّاعُونَ لِلْكَذِبِ أَكَّالُونَ لِلسُّحْتِ[المائدة:42]، وقرئ: للسحت، بضمتين، والشغل بضمتين والشغل بضمة فيكون بمعنى: الاشتغال.وقوله تعالى: فَاكِهُونَ [يس:55]، أي: ضاحكون مسرورون، وهنا يبين ربنا جل جلاله في هذه الآية أن أهل الجنة مشغولون بما هم فيه من النعيم المقيم الذي لا يحول ولا يزول، نسال الله أن يجعلنا منهم. ‏
أقوال العلماء في شغل أهل الجنة في الجنة
وقد اختلفت كلمة المفسرين رحمهم الله اختلاف تنوع في تفسير هذه الآية، فقيل: إِنَّ أَصْحَابَ الْجَنَّةِ الْيَوْمَ فِي شُغُلٍ[يس:55]، هم مشغولون بافتضاض الأبكار، وقيل: مشغولون بسماع الأوتار، وقيل: مشغولون بزيارة بعضهم بعضاً، وقيل: مشغولون بما هم فيه من النعيم عن عذاب أهل النار، ولا تعارض بين هذه الأقوال كلها، فكله شغل، وأهل الجنة مشغولون، ولكنهم ليسوا مشغولين بأعمال شاقة، ولا هم في شغل بالهموم والغموم كما هو حال أهل الدنيا، ولا هم في شغل بما كلفوا به من أعمال، وليسوا مشغولين بصيام ولا حج ولا عمرة ولا شيء مما كانت به تكاليف الدنيا، وإنما هم مشغولون بالنعيم، فتارة يشغلون بأزواجهم اللائي وصفهن الله عز وجل بأنهن: َحُورٌ عِينٌ [الواقعة:22]، كَأَنَّهُنَّ بَيْضٌ مَكْنُونٌ [الصافات:49]، وقد سألت أم سلمة رسول الله صلى الله عليه وسلم عن قوله تعالى: ( وَحُورٌ عِينٌ [الواقعة:22]، فقال: وَحُورٌ)): بيض، عِينٌ)): واسعات العيون شديدات بياضها شديدات سوادها، شفر الحورية منهن بمنزلة جناح النسر، قالت: فأخبرني عن قوله تعالى: كَأَنَّهُنَّ بَيْضٌ مَكْنُونٌ [الصافات:49]، قال: رقتهن كرقة القشرة مما يلي البيضة، ألبس الله وجوههن النور وأجسادهن الحرير، فهن بيض الوجوه، خضر الثياب، صفر الحلي، يدخل المؤمن على الواحدة منهن في خيمة مجوفة من لؤلؤ على سرير من ذهب، كلما أتاها وجدها بكراً، لا يفتر ذكره ولا تشتكي قبلها، تقول له: والله ما في الجنة شيء أطيب ولا أحسن منك، وبينما هو معها في ذلك النعيم تناديه الملائكة: يا عبد الله! اخرج، فيقول: إلى أين؟.. )،
يعني هو مع عروسه، مع زوجه، ( تناديه الملائكة: يا عبد الله! اخرج، فيقول: إلى أين؟ تقول له الملائكة: قد علمنا أنك لا تمل ولا تمل غير أن لك أزواجاً غيرها )، فهو مشغول، تارة بهذه وتارة بتلك.وزوجه في الجنة ليست مشغولة بأحد سواه، كما قال ربنا جل جلاله: حُورٌ مَقْصُورَاتٌ فِي الْخِيَامِ [الرحمن:72]، مَقْصُورَاتٌ))، أي: محبوسات في الخيام، لَمْ يَطْمِثْهُنَّ إِنسٌ قَبْلَهُمْ وَلا جَانٌّ [الرحمن:74]، وفي آية أخرى قال الله عز وجل: فِيهِنَّ قَاصِرَاتُ الطَّرْفِ[الرحمن:56]، قَاصِرَاتُ))، حابسات الطرف عن غير الأزواج، قَاصِرَاتُ الطَّرْفِ عِينٌ [الصافات:48]، والعين: جمع عيناء، والعيناء هي: جميلة العين، واسعتها.فأهل الجنة مشغولون بهؤلاء الأزواج اللائي ألبس الله وجوههن النور، قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ( لو أن واحدة من الحور العين ابتسمت لملأ نورها ما بين السماء والأرض )، فهذه لأهل الجنة مشغولون بها.وقيل: مشغولون بسماع الأوتار، أي: سماع الأصوات الجميلة المطربة.وقيل: مشغولون بالتزاور، يزور بعضهم بعضاً، وقد سئل رسول الله صلى الله عليه وسلم: ( هل يتزاور أهل الجنة؟ قال: بلى، يزور الأعلى الأدنى ولا يزور الأدنى الأعلى ).والحكمة أن الله عز وجل بين أن الغم والهم والكرب منفي عن أهل الجنة؛ فمن كان في منزلة دنيا في الجنة لو زار الأعلى ورأى ما هو فيه من النعيم لربما دخل قلبه شيء من الضيق أو الهم؛ ولذلك ربنا جل جلاله رفع عنهم ذلك، فجعل الأعلى يزور الأدنى؛ من أجل أن يزداد سروراً على سرور، ومن كان في درجة دنيا فهو أصلاً مسرور بما هو فيه؛ ولذلك أخبرنا رسول الله صلى الله عليه وسلم بأن آخر رجل من أمته يدخل الجنة بعدما كان في النار يقول الله عز وجل له: ( أترضى أن يكون لك مثل ما كان لملك من ملوك الدنيا؟ فيقول: رضيت يا رب! فيقول الله عز وجل: فإن لك هذا ومثله ومثله ومثله ومثله، فيقول في الخامسة: رضيت يا رب! فيقول الله عز وجل: لك هذا وعشرة أمثاله، ولك ما اشتهت نفسك وقرت عينك )، الملك من ملوك الدنيا، من ذوي المال واليسار، تجد عنده من القصور والمزارع والثياب والمراكب والمناكح وألوان من الأطعمة والأشربة وغير ذلك مما يتمتع به في دنياه، الواحد من أهل الجنة له أضعاف مضاعفة من ذلك الذي كان يتعاظمه أهل الدنيا -نسأل الله أن يجعلنا منهم- فهم مشغولون بالتزاور.وقيل: مشغولون بما هم فيه من النعيم عن عذاب أهل النار، لا يسألون عنهم ولا يتذكرونهم، هم مشغولون بالجنة، قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ( ألا من مشمر إلى الجنة؟ إن الجنة لا خطر لها، هي والذي نفسي بيده نور يتلألأ، وريحانة تهتز، وقصر مشيد، وفاكهة نضيجة، وزوجة حسناء جميلة، وحلل كثيرة، في مقام أبد )، أي: في مقام مؤبد، ( لا يفنى شبابهم، ولا تبلى ثيابهم، يصحون فلا يسقمون، ويشبون فلا يهرمون، ويحيون فلا يموتون، ويصحون فلا يسقمون )، هذا حالهم في الجنة؛ ولذلك هم مشغولون.وقد جرت عادة أهل الدنيا بأن الشغل يصحبه كرب وجدية، يقول الواحد منهم: دعني فأنا مشغول؛ لكن أهل الجنة شغلهم معه سرور وحبور وفكاهة وضحك، هم في شغل لكنهم مع هذا الشغل فاكهون، ومعنى فاكهون: مسرورون، الواحد منهم يتأمل في قصره في الجنة؛ فإذا بناؤه لبنة من فضة ولبنة من ذهب، وملاطه المسك وحصباؤه اللؤلؤ وترابه الزعفران، الواحد ينظر ما كان عليه في الدنيا من الخوف والوجل فيقول بعضهم لبعض: إِنَّا كُنَّا قَبْلُ فِي أَهْلِنَا مُشْفِقِينَ * فَمَنَّ اللَّهُ عَلَيْنَا وَوَقَانَا عَذَابَ السَّمُومِ * إِنَّا كُنَّا مِنْ قَبْلُ نَدْعُوهُ إِنَّهُ هُوَ الْبَرُّ الرَّحِيمُ [الطور:26-28]، هذا هو حالهم.
ابوبيان غير متواجد حالياً   رد مع اقتباس
  #45  
قديم 20-07-2016 , 08:11 PM
ابوبيان ابوبيان غير متواجد حالياً
عضو مميز
تاريخ التسجيل: Sep 2011
المشاركات: 2,642
افتراضي رد: !!! أحصــــــــــــــاه الله ونســـــــــــــوه !!!

تفسير قوله تعالى: (إن أصحاب الجنة اليوم في شغل فاكهون) إلى قوله: (سلام قولاً من رب رحيم)
يقول الله عز وجل: إِنَّ أَصْحَابَ الْجَنَّةِ الْيَوْمَ فِي شُغُلٍ فَاكِهُونَ [يس:55]،
أصحاب الجنة: أهلها وساكنوها، وقد جعلوا أصحاباً لها باعتبار المصاحبة وطول المكث والإقامة، كما قال ربنا عن أهل النار بأنهم أصحابها، قال سبحانه: وَنَادَى أَصْحَابُ الْجَنَّةِ أَصْحَابَ النَّارِ أَنْ قَدْ وَجَدْنَا مَا وَعَدَنَا رَبُّنَا حَقّاً فَهَلْ وَجَدْتُمْ مَا وَعَدَ رَبُّكُمْ حَقّاً قَالُوا نَعَمْ[الأعراف:44]، وقال: وَنَادَى أَصْحَابُ النَّارِ أَصْحَابَ الْجَنَّةِ أَنْ أَفِيضُوا عَلَيْنَا مِنْ الْمَاءِ
أَوْ مِمَّا رَزَقَكُمْ اللَّهُ[الأعراف:50]؛ فأصحاب الجنة هم أهلها وساكنوها؛ لطول مصاحبتهم لها ومكثهم فيها جعلوا أصحاباً لها، كذلك أهل النار -والعياذ بالله- لأنهم لا يقضى عليهم ولا يخفف عنهم من عذابها، بل عذابها مصاحب ملازم لهم، جعلوا أصحاباً لها.قال تعالى: إِنَّ أَصْحَابَ الْجَنَّةِ [يس:55]، الجنة: البستان الذي جن بسور، إما أن يكون هذا السور من الأشجار أو من غيرها، وتصغيرها: جنينة.قوله: الْيَوْمَ ، اليوم، يوم القيامة، بعدما يفصل بين العباد، بعدما يرى كل امرئ مقعده.وقوله: فِي شُغُلٍ[يس:55]، بضمتين، وفي قراءة: في شغل، بضمة فسكون، والشغل لغتان كالرعب والرعب، والسحت والسحت، وهذا كله قرئ في القراءات السبعية المتواترة؛ في قوله تعالى: سَأُلْقِي فِي قُلُوبِ الَّذِينَ كَفَرُوا الرُّعْبَ[الأنفال:12]، وقرئ: الرعب بضمتين، وقوله تعالى: سَمَّاعُونَ لِلْكَذِبِ أَكَّالُونَ لِلسُّحْتِ[المائدة:42]، وقرئ: للسحت، بضمتين، والشغل بضمتين والشغل بضمة فيكون بمعنى: الاشتغال.وقوله تعالى: فَاكِهُونَ [يس:55]، أي: ضاحكون مسرورون، وهنا يبين ربنا جل جلاله في هذه الآية أن أهل الجنة مشغولون بما هم فيه من النعيم المقيم الذي لا يحول ولا يزول، نسال الله أن يجعلنا منهم. ‏
أقوال العلماء في شغل أهل الجنة في الجنة
وقد اختلفت كلمة المفسرين رحمهم الله اختلاف تنوع في تفسير هذه الآية، فقيل: إِنَّ أَصْحَابَ الْجَنَّةِ الْيَوْمَ فِي شُغُلٍ[يس:55]، هم مشغولون بافتضاض الأبكار، وقيل: مشغولون بسماع الأوتار، وقيل: مشغولون بزيارة بعضهم بعضاً، وقيل: مشغولون بما هم فيه من النعيم عن عذاب أهل النار، ولا تعارض بين هذه الأقوال كلها، فكله شغل، وأهل الجنة مشغولون، ولكنهم ليسوا مشغولين بأعمال شاقة، ولا هم في شغل بالهموم والغموم كما هو حال أهل الدنيا، ولا هم في شغل بما كلفوا به من أعمال، وليسوا مشغولين بصيام ولا حج ولا عمرة ولا شيء مما كانت به تكاليف الدنيا، وإنما هم مشغولون بالنعيم، فتارة يشغلون بأزواجهم اللائي وصفهن الله عز وجل بأنهن: َحُورٌ عِينٌ [الواقعة:22]، كَأَنَّهُنَّ بَيْضٌ مَكْنُونٌ [الصافات:49]، وقد سألت أم سلمة رسول الله صلى الله عليه وسلم عن قوله تعالى: ( وَحُورٌ عِينٌ [الواقعة:22]، فقال: وَحُورٌ)): بيض، عِينٌ)): واسعات العيون شديدات بياضها شديدات سوادها، شفر الحورية منهن بمنزلة جناح النسر، قالت: فأخبرني عن قوله تعالى: كَأَنَّهُنَّ بَيْضٌ مَكْنُونٌ [الصافات:49]، قال: رقتهن كرقة القشرة مما يلي البيضة، ألبس الله وجوههن النور وأجسادهن الحرير، فهن بيض الوجوه، خضر الثياب، صفر الحلي، يدخل المؤمن على الواحدة منهن في خيمة مجوفة من لؤلؤ على سرير من ذهب، كلما أتاها وجدها بكراً، لا يفتر ذكره ولا تشتكي قبلها، تقول له: والله ما في الجنة شيء أطيب ولا أحسن منك، وبينما هو معها في ذلك النعيم تناديه الملائكة: يا عبد الله! اخرج، فيقول: إلى أين؟.. )،
يعني هو مع عروسه، مع زوجه، ( تناديه الملائكة: يا عبد الله! اخرج، فيقول: إلى أين؟ تقول له الملائكة: قد علمنا أنك لا تمل ولا تمل غير أن لك أزواجاً غيرها )، فهو مشغول، تارة بهذه وتارة بتلك.وزوجه في الجنة ليست مشغولة بأحد سواه، كما قال ربنا جل جلاله: حُورٌ مَقْصُورَاتٌ فِي الْخِيَامِ [الرحمن:72]، مَقْصُورَاتٌ))، أي: محبوسات في الخيام، لَمْ يَطْمِثْهُنَّ إِنسٌ قَبْلَهُمْ وَلا جَانٌّ [الرحمن:74]، وفي آية أخرى قال الله عز وجل: فِيهِنَّ قَاصِرَاتُ الطَّرْفِ[الرحمن:56]، قَاصِرَاتُ))، حابسات الطرف عن غير الأزواج، قَاصِرَاتُ الطَّرْفِ عِينٌ [الصافات:48]، والعين: جمع عيناء، والعيناء هي: جميلة العين، واسعتها.فأهل الجنة مشغولون بهؤلاء الأزواج اللائي ألبس الله وجوههن النور، قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ( لو أن واحدة من الحور العين ابتسمت لملأ نورها ما بين السماء والأرض )، فهذه لأهل الجنة مشغولون بها.وقيل: مشغولون بسماع الأوتار، أي: سماع الأصوات الجميلة المطربة.وقيل: مشغولون بالتزاور، يزور بعضهم بعضاً، وقد سئل رسول الله صلى الله عليه وسلم: ( هل يتزاور أهل الجنة؟ قال: بلى، يزور الأعلى الأدنى ولا يزور الأدنى الأعلى ).والحكمة أن الله عز وجل بين أن الغم والهم والكرب منفي عن أهل الجنة؛ فمن كان في منزلة دنيا في الجنة لو زار الأعلى ورأى ما هو فيه من النعيم لربما دخل قلبه شيء من الضيق أو الهم؛ ولذلك ربنا جل جلاله رفع عنهم ذلك، فجعل الأعلى يزور الأدنى؛ من أجل أن يزداد سروراً على سرور، ومن كان في درجة دنيا فهو أصلاً مسرور بما هو فيه؛ ولذلك أخبرنا رسول الله صلى الله عليه وسلم بأن آخر رجل من أمته يدخل الجنة بعدما كان في النار يقول الله عز وجل له: ( أترضى أن يكون لك مثل ما كان لملك من ملوك الدنيا؟ فيقول: رضيت يا رب! فيقول الله عز وجل: فإن لك هذا ومثله ومثله ومثله ومثله، فيقول في الخامسة: رضيت يا رب! فيقول الله عز وجل: لك هذا وعشرة أمثاله، ولك ما اشتهت نفسك وقرت عينك )، الملك من ملوك الدنيا، من ذوي المال واليسار، تجد عنده من القصور والمزارع والثياب والمراكب والمناكح وألوان من الأطعمة والأشربة وغير ذلك مما يتمتع به في دنياه، الواحد من أهل الجنة له أضعاف مضاعفة من ذلك الذي كان يتعاظمه أهل الدنيا -نسأل الله أن يجعلنا منهم- فهم مشغولون بالتزاور.وقيل: مشغولون بما هم فيه من النعيم عن عذاب أهل النار، لا يسألون عنهم ولا يتذكرونهم، هم مشغولون بالجنة، قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ( ألا من مشمر إلى الجنة؟ إن الجنة لا خطر لها، هي والذي نفسي بيده نور يتلألأ، وريحانة تهتز، وقصر مشيد، وفاكهة نضيجة، وزوجة حسناء جميلة، وحلل كثيرة، في مقام أبد )، أي: في مقام مؤبد، ( لا يفنى شبابهم، ولا تبلى ثيابهم، يصحون فلا يسقمون، ويشبون فلا يهرمون، ويحيون فلا يموتون، ويصحون فلا يسقمون )، هذا حالهم في الجنة؛ ولذلك هم مشغولون.وقد جرت عادة أهل الدنيا بأن الشغل يصحبه كرب وجدية، يقول الواحد منهم: دعني فأنا مشغول؛ لكن أهل الجنة شغلهم معه سرور وحبور وفكاهة وضحك، هم في شغل لكنهم مع هذا الشغل فاكهون، ومعنى فاكهون: مسرورون، الواحد منهم يتأمل في قصره في الجنة؛ فإذا بناؤه لبنة من فضة ولبنة من ذهب، وملاطه المسك وحصباؤه اللؤلؤ وترابه الزعفران، الواحد ينظر ما كان عليه في الدنيا من الخوف والوجل فيقول بعضهم لبعض: إِنَّا كُنَّا قَبْلُ فِي أَهْلِنَا مُشْفِقِينَ * فَمَنَّ اللَّهُ عَلَيْنَا وَوَقَانَا عَذَابَ السَّمُومِ * إِنَّا كُنَّا مِنْ قَبْلُ نَدْعُوهُ إِنَّهُ هُوَ الْبَرُّ الرَّحِيمُ [الطور:26-28]، هذا هو حالهم.
رد مع اقتباس