عرض مشاركة واحدة
قديم 12-07-2017, 01:39 PM   #61
ابوبيان
عضو مميز
 
تاريخ التسجيل: Sep 2011
المشاركات: 2,642
افتراضي رد: ... رسائل إلي كل عاصي واسرف على نفسه لاتقنط من رحمة ارحم الراحمين ...

ما يدخل في مرتبة كتابة المقادير
س: كم يدخل في هذه المرتبة من التقادير ؟
ج: يدخل في ذلك خمسة من التقادير كلها ترجع إلى العلم:
التقدير الأول: كتابة ذلك قبل خلق السماوات والأرض بخمسين ألف سنة ،عندما خلق الله القلم، وهو التقدير الأزلي.
الثاني: التقدير العمري، حين أخذ الميثاق، يوم( ألست بربكم(
الثالث: التقدير العمري أيضا عند تخليق النطفة في الرحم.
الرابع: التقدير الحولي في ليلة القدر.
الخامس: التقدير اليومي،وهو تنفيذ كل ذلك إلى مواضعه.
دليل التقدير اللأزلي
س: ما دليل التقدير اللأزلي ؟
ج: قال الله تعالى أصاب من مصيبة في الأرض ولا في أنفسكم إلا في كتاب من قبل أن نبرأها )الآيات وفي الصحيح قال النبي صلى الله عليه وسلم :”كتب الله مقادير الخلائق قبل أن يخلق السماوات والأرض بخمسين ألف سنة، قال :وعرشه على الماء ) وقال صلى الله عليه وسلم :”إن أول ما خلق الله القلم فقال له :اكتب فقال رب وماذا أكتب؟ قال :كتب مقادير كل شيء حتى تقوم الساعة ” الحديث في السنن ،وقال صلى الله عليه وسلم :”يا أبا هريرة جف القلم بما هو كائن ” الحديث في البخاري وغير ذلك كثير.
دليل التقدير العمري يوم الميثاق
س: ما دليل التقدير العمري يوم الميثاق ؟
ج: قال الله تعالى وإذ أخذ ربك من بني آدم من ظهورهم ذريتهم وأشهدهم على أنفسهم ألست بربكم قالوا بلى شهدنا ) الآيات .وروى إسحاق بن راهويه أن رجلا قال يا رسول الله أتبتدأ الأعمال أم قد مضى القضاء فقال :”إن الله تعالى لما أخرج ذرية آدم من ظهره أشهدهم على أنفسهم ،ثم أفاض بهم في كفيه فقال :هؤلاء للجنة ،وهؤلاء للنار ,فأهل الجنة ميسرون لعمل أهل الجنة, وأهل النار ميسرون لعمل أهل النار “وفي الموطأ أن عمر بن الخطاب رضي الله عنه سئل عن هذه الآية وإذ أخذ ربك من بني آدم من ظهورهم ذريتهم وأشهدهم على أنفسهم ألست بربكم قالوا بلى شهدنا أن تقولوا يوم القيامة إنا كنا عن هذا غافلين ) فقال عمر بن الخطاب سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يسأل عنها فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم :”إن الله تبارك وتعالى خلق آدم ثم مسح ظهره فاستخرج منه ذرية فقال خلقت هؤلاء للنار وبعمل أهل النار يعملون ” الحديث بطوله وفي الترمذي من حديث عبد الله بن عمرو رضي الله عنهما قال : خرج علينا رسول الله صلى الله عليه وسلم وفي يده كتابان فقال أتدرون ما هذان الكتابان؟ فقلنا :لا يا رسول الله إلا أن تخبرنا ،فقال للذي في يده اليمنى :”هذا كتاب من رب العالمين فيه أسماء أهل الجنة وأسماء آبائهم وقبائلهم، ثم أجمل على آخرهم فلا يزاد فيهم ولا ينقص منهم أبدا “ثم قال للذي في شماله :”هذا كتاب من رب العالمين فيه أسماء أهل النار وأسماء آبائهم وقبائلهم ،ثم أجمل على آخرهم فلا يزاد فيهم ولا ينقص منهم أبدا “- فقال أصحابه ففيم العمل يا رسول الله إن كان أمر قد فرغ منه؟ فقال :”سددوا وقاربوا فإن صاحب الجنة يختم له بعمل أهل الجنة وإن عمل أي عمل وإن صاحب النار يختم له بعمل أهل النار وإن عمل أي عمل “ثم قال صلى الله عليه وسلم بيديه فنبذهما ثم قال :”فرغ ربكم من العباد فريق في الجنة وفريق في السعير ” قال الترمذي :هذا حديث حسن صحيح غريب
دليل التقدير العمري الذي عند أول تخليق النطفة
س: ما دليل التقدير العمري الذي عند أول تخليق النطفة ؟
ج: قال الله تعالى هو أعلم بكم إذ أنشأكم من الأرض وإذ أنتم أجنة في بطون أمهاتكم فلا تزكوا أنفسكم هو أعلم بمن اتقى ) وفي الصحيحين قال النبي صلى الله عليه وسلم :”إن أحدكم ليجمع خلقه في بطن أمه أربعين يوما نطفة ,ثم يكون علقة مثل ذلك ,ثم يكون مضغة مثل ذلك ,ثم يرسل إليه الملك فينفخ فيه الروح ،ويؤمر بأربع كلمات ،يكتب رزقه ،وأجله ،وعمله ،وشقي أو سعيد ,فوالذي لا إله غيره ،إن أحدكم ليعمل بعمل أهل الجنة حتى ما يكون بينه وبينهما إلا ذراع فيسبق عليه الكتاب فيعمل بعمل أهل النار فيدخلها ،وإن أحدكم ليعمل بعمل أهل النار حتى ما يكون بينه وبينها إلا ذراع فيسبق عليه الكتاب فيعمل بعمل أهل الجنة فيدخلها ” وفيه روايات غير هذه عن جماعة من الصحابة بألفاظ أخر والمعنى واحد.
دليل التقدير الحولي في ليلة القدر
س: ما دليل التقدير الحولي في ليلة القدر ؟
ج: قال الله تعالى فيها يفرق كل أمر حكيم أمرا من عندنا ) الآيات.
وقال ابن عباس رضي الله عنهما :يكتب من أم الكتاب في ليلة القدر ما يكون في السنة من موت أو حياة ورزق ومطر حتى الحجاج يقال يحج فلان ويحج فلان ،وكذا قال الحسن وسعيد بن جبير ومقاتل وأبو عبد الرحمن السلمي وغيرهم.
دليل التقدير اليومي
س: ما دليل التقدير اليومي؟
ج: قال تعالى كل يوم هو في شأن ) وفي صحيح الحاكم قال ابن عباس رضي الله عنهما :”إن مما خلق الله تعالى لوحا محفوظا من درة بيضاء دفتاه من ياقوتة حمراء قلمه نور وكتابه نور ينظر فيه كل يوم ثلاثمائة وستين نظرة أو مرة ففي كل نظرة منها يخلق ويرزق ويحيي ويميت ويعز ويذل, ويفعل ما يشاء فذلك قوله تعالى كل يوم هو في شأن ) وكل هذه التقادير كالتفصيل من القدر السابق ،وهو الأزلي الذي أمر الله تعالى القلم عندما خلقه أن يكتبه في اللوح، المحفوظ وبذلك فسر ابن عمر وابن عباس رضي الله عنهم قوله تعالى إنا كنا نستنسخ ما كنتم تعملون ) وكل ذلك صادر عن علم الله الذي هو صفته تبارك وتعالى.
ما يقتضيه سبق المقادير بالشقاوة والسعادة
س: ماذا يقتضيه سبق المقادير بالشقاوة والسعادة ؟
ج: اتفقت جميع الكتب السماوية والسنن النبوية على أن القدر السابق لا يمنع العمل ولا يوجب الاتكال عليه ،بل يوجب الجد والاجتهاد والحرص على العمل الصالح ،ولهذا لما أخبر النبي صلى الله عليه وسلم أصحابه بسبق المقادير وجريانها وجفوف القلم بها قال بعضهم :أفلا نتكل على كتابنا وندع العمل ؟قال:” لا اعملوا فكل ميسر ” ثم قرأ فأما من أعطى واتقى ) الآية فالله سبحانه وتعالى قدر المقادير وهيأ لها أسبابا وهو الحكيم بما نصبه من الأسباب في المعاش والمعاد ،وقد يسر كلا من خلقه لما خلقه له في الدنيا والآخرة فهو مهيأ له ميسر له ,فإذا علم العبد أن مصالح آخرته مرتبطة بالأسباب الموصلة إليها كان أشد اجتهادا في فعلها والقيام بها وأعظم منه في أسباب معاشه ومصالح دنياه ,وقد فقه هذا كل الفقه من قال من الصحابة لما سمع أحاديث القدر ما كنت أشد اجتهادا مني الآن، وقال النبي صلى الله عليه وسلم :”احرص على ما ينفعك واستعن بالله ولا تعجز ” وقال صلى الله عليه وسلم لما قيل له : أرأيت دواء نتداوى به ورقى نسترقيها هل ترد من قدر الله شيئا ؟قال :”هي من قدر الله” يعني أن الله تعالى قدر الخير والشر وأسباب كل منهما.
دليل المرتبة الثالثة وهو الإيمان بالمشيئة
س: ما دليل المرتبة الثالثة وهو الإيمان بالمشيئة ؟
ج: قال الله تعالى وما تشاءون إلا أن يشاء الله )، وقال تعالى ولا تقولن لشيء إني فاعل ذلك غدا إلا أن يشاء الله)، وقال تعالى من يشإ الله يضلله ومن يشأ يجعله على صراط مستقيم )، وقال تعالى ولو شاء الله لجعلكم أمة واحدة )، (ولو شاء الله ما اقتتلوا ) ،(ولو يشاء الله لانتصر منهم ) ،وقال تعالى فعال لما يريد ) ،(إنما أمره إذا أراد شيئا أن يقول له كن فيكون )،( إنما قولنا لشيء إذا أردناه أن نقول له كن فيكون )،( فمن يرد الله أن يهديه يشرح صدره للإسلام ومن يرد أن يضله يجعل صدره ضيقا حرجا ) وغير ذلك من الآيات ما لا يحصى.
وقال صلى الله عليه وسلم:” قلوب العباد بين أصبعين من أصابع الرحمن كقلب واحد يصرفها كيف يشاء ” وقال صلى الله عليه وسلم في نومهم في الوادي:” أن الله تعالى قبض أرواحكم حين شاء وردها حين شاء “وقال :”اشفعوا تؤجروا ويقضي الله على لسان رسوله ما شاء ” وقال :”لا تقولوا ما شاء الله وشاء فلان ،ولكن قولوا :ما شاء الله وحده ” وقال صلى الله عليه وسلم :”من يرد الله تعالى به خيرا يفقهه في الدين “” إذا أراد الله تعالى رحمة أمة قبض نبيها قبلها وإذا أراد الله هلكة أمة عذبها ونبيها حي ” وغير ذلك من الأحاديث في ذكر المشيئة والإرادة ما لا يحصى.
الجواب لمن قال كيف يشاء الله ويريد ما لا يرضى به ولا يحبه
س: قد أخبرنا الله تعالى في كتابه وعلى لسان رسوله وبما علمنا من صفاته أنه يحب المحسنين والمتقين والصابرين, ويرضى عن الذين آمنوا وعملوا الصالحات ،ولا يحب الكافرين ولا الظالمين ،ولا يرضى لعباده الكفر ولا يحب الفساد. مع كون كل ذلك بمشيئة الله وإرادته ,وأنه لو شاء لم يكن ذلك ،فإنه لا يكون في ملكه ما لا يريد, فما الجواب لمن قال كيف يشاء ويريد ما لا يرضى به ولا يحب؟
ج: اعلم أن الإرادة في النصوص جاءت على معنيين :إرادة كونية قدرية ،هي المشيئة ،ولا ملازمة بينها وبين المحبة والرضا ،بل يدخل فيها الكفر والإيمان ،والطاعات والعصيان ،والمرضي والمحبوب ،والمكروه وضده, وهذه الإرادة ليس لأحد خروج منها ولا محيص عنها كقوله تعالى فمن يرد الله أن يهديه يشرح صدره للإسلام ومن يرد أن يضله يجعل صدره ضيقا حرجا )، وقوله تعالى ومن يرد الله فتنته فلن تملك له من الله شيئا أولئك الذين لم يرد الله أن يطهر قلوبهم ) الآيات وغيرها. وإرادة دينية شرعية ،مختصة بمراضي الله ومحابه ،وعلى مقتضاها أمر عباده ونهاهم كقوله تعالى يريد الله بكم اليسر ولا يريد بكم العسر )، وقوله تعالى يريد الله ليبين لكم ويهديكم سنن الذين من قبلكم ويتوب عليكم والله عليم حكيم ) وغيرها من الآيات ،وهذه الإرادة لا يحصل اتباعها إلا لمن سبقت له بذلك الإرادة الكونية. فتجتمع الإرادة الكونية والشرعية في حق المؤمن الطائع ،وتنفرد الكونية في حق الفاجر العاصي, فالله سبحانه دعا عباده عامة إلى مرضاته وهدى لإجابته من شاء منهم كما قال تعالى والله يدعو إلى دار السلام ويهدي من يشاء إلى صراط مستقيم ) فعمم سبحانه الدعوة وخص الهداية بمن شاء إن ربك هو أعلم بمن ضل عن سبيله وهو أعلم بمن اهتدى).
دليل المرتبة الرابعة من الإيمان بالقدر وهي مرتبة الخلق
س: ما دليل المرتبة الرابعة من الإيمان بالقدر وهي مرتبة الخلق ؟
ج: قال الله تعالى الله خالق كل شيء وهو على كل شيء وكيل )، وقال تعالى هل من خالق غير الله يرزقكم من السماء والأرض )، وقال تعالى هذا خلق الله فأروني ماذا خلق الذين من دونه )، وقال تعالى الله الذي خلقكم ثم رزقكم ثم يميتكم ثم يحييكم هل من شركائكم من يفعل من ذلكم من شيء )، وقال تعالى والله خلقكم وما تعملون )، وقال تعالى ونفس وما سواها فألهمها فجورها وتقواها )، وقال تعالىمن يهد الله فهو المهتدي ومن يضلل فأولئك هم الخاسرون )، وقال تعالى ولكن الله حبب إليكم الإيمان وزينه في قلوبكم وكره إليكم الكفر والفسوق والعصيان ) وغير ذلك من الآيات, وللبخاري في خلق أفعال العباد عن حذيفة مرفوعا : “إن الله يصنع كل صانع وصنعته “وقال النبي صلى الله عليه وسلم :”اللهم آت نفسي تقواها وزكها أنت خير من زكاها إنك أنت وليها ومولاها ” وغير ذلك من الأحاديث.
معنى قول النبي صلى الله عليه وسلم والخير كله في يديك والشر ليس إليك
س: ما معنى قول النبي صلى الله عليه وسلم :”والخير كله في يديك والشر ليس إليك ” مع أن الله سبحانه خالق كل شيء؟
ج: معنى ذلك أن أفعال الله عز وجل كلها خير محض من حيث اتصافه بها وصدورها عنه ليس فيها شر بوجه ،فإنه تعالى حكم عدل وجميع أفعاله حكمة وعدل يضع الأشياء مواضعها اللائقة بها كما هي معلومة عنده سبحانه وتعالى، وما كان في نفس المقدور من شر فمن جهة إضافته إلى العبد لما يلحقه من المهالك وذلك بما كسبت يداه جزاء وفاقا، كما قال تعالى وما أصابكم من مصيبة فبما كسبت أيديكم ويعفو عن كثير ) ،وقال تعالى وما ظلمناهم ولكن كانوا هم الظالمين )، وقال تعالى إن الله لا يظلم الناس شيئا ولكن الناس أنفسهم يظلمون).
هل للعباد قدرة ومشيئة على أفعالهم المضافة إليهم
س: هل للعباد قدرة ومشيئة على أفعالهم المضافة إليهم ؟
ج: نعم للعباد قدرة على أعمالهم ،ولهم مشيئة وإرادة ،وأفعالهم تضاف إليهم حقيقة ،وبحسبها كلفوا ،وعليها يثابون ويعاقبون ،ولم يكلفهم الله إلا وسعهم ،وقد أثبت لهم ذلك في الكتاب والسنة ووصفهم به ،ولكنهم لا يقدرون إلا على ما أقدرهم الله عليه، ولا يشاءون إلا أن يشاء الله ،ولا يفعلون إلا بجعله إياهم فاعلين كما تقدم في نصوص المشيئة والإرادة والخلق ،فكما لم يوجدوا أنفسهم ،لم يوجدوا أفعالهم ،فقدرتهم ومشيئتهم وإرادتهم وأفعالهم تابعة لقدرته ومشيئته وإرادته وفعله, إذ هو خالقهم ،وخالق قدرتهم وإرادتهم ومشيئتهم وأفعالهم, وليس مشيئتهم وإرادتهم وقدرتهم وأفعالهم هي عين مشيئة الله وإرادته وقدرته وأفعاله ،كما ليسوا هم إياه ،تعالى الله ،عن ذلك بل أفعالهم المخلوقة لله قائمة بهم ،لائقة بهم ،مضافة إليهم حقيقة ،فالله فاعل حقيقة ،والعبد منفعل حقيقة ، والله هاد حقيقة ، والعبد مهتد حقيقة ،ولهذا أضاف كلا من الفعلين إلى من قام به فقال تعالى من يهد الله فهو المهتد ) فإضافة الهداية إلى الله حقيقة، وإضافة الاهتداء إلى البعد حقيقة ،فكما ليس الهادي هو عين المهتدي ،فكذلك ليس الهداية هي عين الاهتداء ,وكذلك يضل الله من يشاء حقيقة ،وذلك العبد يكون ضالا حقيقة, وهكذا جميع تصرف الله في عباده ،فمن أضاف الفعل والانفعال إلى العبد كفر, ومن أضاف إلى الله كفر, ومن أضاف الفعل إلى الخالق والانفعال إلى المخلوق كلاهما حقيقة فهو المؤمن حقيقة.
جواب من قال أليس ممكنا في قدرة الله أن يجعل كل عباده مؤمنين مهتدين طائعين
س: ما جواب من قال أليس ممكنا في قدرة الله أن يجعل كل عباده مؤمنين مهتدين طائعين مع محبته ذلك منهم شرعا ؟
ج: بلى هو قادر على ذلك كما قال تعالى ولو شاء الله لجعلكم أمة واحدة ) الآية ،وقال تعالى ولو شاء ربك لآمن من في الأرض كلهم جميعا ) وغيرها من الآيات ,ولكن هذا الذي فعله بهم هو مقتضى حكمته وموجب ربوبيته وإلهيته وأسمائه وصفاته, فقول القائل :لم كان من عباده الطائع والعاصي ؟كقول من قال لم كان من أسمائه الضار النافع والمعطي المانع والخافض الرافع والمنعم والمنتقم ونحو ذلك ؟ إذ أفعاله تعالى هي مقتضى أسمائه ،وآثار صفاته، ,فالاعتراض عليه في أفعاله اعتراض عليه في أسمائه وصفاته ،بل وعلى إلهيته وربوبيته فسبحان الله رب العرش عما يصفون لا يسأل عما يفعل وهم يسألون).
منزلة الإيمان بالقدر من الدين
شعب الإيمان
س: ما منزلة الإيمان بالقدر من الدين ؟
ج: الإيمان بالقدر نظام التوحيد ،كما أن الإيمان بالأسباب التي توصل إلى خيره وتحجز عن شره هي نظام الشرع ،ولا ينتظم أمر الدين ويستقيم إلا لمن آمن بالقدر وامتثل الشرع ،كما قرر النبي صلى الله عليه وسلم الإيمان بالقدر ثم قال لمن قال له أفلا نتكل على كتابنا وندع العمل، قال: “اعملوا فكل ميسر لما خلق له ” فمن نفى القدر زاعما منافاته للشرع ،فقد عطل الله تعالى عن علمه وقدرته ،وجعل العبد مستقلا بأفعاله خالقا لها ،فأثبت مع الله تعالى خالقا ،بل أثبت أن جميع المخلوقين خالقون, ومن أثبت محتجا به على الشرع محاربا له به ،نافيا عن العبد قدرته واختياره التي منحه الله تعالى إياها وكلفه بحسبها زاعما أن الله كلف عباده ما لا يطاق ،كتكليف الأعمى ينقط المصحف فقد نسب الله تعالى إلى الظلم ،وكان إمامه في ذلك إبليس لعنه الله تعالى إذ يقول فبما أغويتني لأقعدن لهم صراطك المستقيم ) وأما المؤمنون حقا ،فيؤمنون بالقدر خيره وشره ،وأن الله خالق ذلك كله ،وينقادون للشرع أمره ونهيه، ويحكمونه في أنفسهم سرا وجهرا ،وأن الهداية والإضلال بيد الله يهدي من يشاء بفضله, ويضل من يشاء بعدله ,وهو أعلم بمواقع فضله وعدله وهو أعلم بمن ضل عن سبيله وهو أعلم بمن اهتدى ) وله في ذلك الحكمة البالغة والحجة الدامغة, وأن الثواب والعقاب مترتب على الشرع فعلا وتركا لا على القدر ،وإنما يعزون أنفسهم بالقدر عند المصائب ;فإذا وفقوا لحسنة عرفوا الحق لأهله فقالوا الحمد لله الذي هدانا لهذا وما كنا لنهتدي لولا أن هدانا الله )، ولم يقولوا قال الفاجر إنما أوتيته على علم عندي ) وإذا اقترفوا سيئة قالوا كما قال الأبوان ربنا ظلمنا أنفسنا وإن لم تغفر لنا وترحمنا لنكونن من الخاسرين ) ولم يقولوا كقول الشيطان الرجيم رب بما أغويتني ) إذا أصابتهم مصيبة قالوا إنا لله وإنا إليه راجعون ) ولم يقولوا كما قال الذين كفروا وقالوا لإخوانهم إذا ضربوا في الأرض أو كانوا غزى لو كانوا عندنا ما ماتوا وما قتلوا ليجعل الله ذلك حسرة في قلوبهم والله يحيي ويميت والله بما تعملون بصير).
س: كم شعب الإيمان ؟
ج: قال الله تعالى ليس البر أن تولوا وجوهكم قبل المشرق والمغرب ولكن البر من آمن بالله واليوم الآخر والملائكة والكتاب والنبيين وآتى المال على حبه ذوي القربي واليتامى والمساكين وابن السبيل والسائلين وفي الرقاب وأقام الصلاة وآتى الزكاة والموفون بعهدهم إذا عاهدوا والصابرين في البأساء والضراء وحين البأس أولئك الذين صدقوا وأولئك هم المتقون ) وقال النبي صلى الله عليه وسلم:” الإيمان بضع وستون ” وفي رواية :”بضع وسبعون شعبة فأعلاها قول لا إله إلا الله وأدناها إماطة الأذى عن الطريق والحياء شعبة من الإيمان”.
ابوبيان غير متواجد حالياً   رد مع اقتباس
  #61  
قديم 12-07-2017 , 01:39 PM
ابوبيان ابوبيان غير متواجد حالياً
عضو مميز
تاريخ التسجيل: Sep 2011
المشاركات: 2,642
افتراضي رد: ... رسائل إلي كل عاصي واسرف على نفسه لاتقنط من رحمة ارحم الراحمين ...

ما يدخل في مرتبة كتابة المقادير
س: كم يدخل في هذه المرتبة من التقادير ؟
ج: يدخل في ذلك خمسة من التقادير كلها ترجع إلى العلم:
التقدير الأول: كتابة ذلك قبل خلق السماوات والأرض بخمسين ألف سنة ،عندما خلق الله القلم، وهو التقدير الأزلي.
الثاني: التقدير العمري، حين أخذ الميثاق، يوم( ألست بربكم(
الثالث: التقدير العمري أيضا عند تخليق النطفة في الرحم.
الرابع: التقدير الحولي في ليلة القدر.
الخامس: التقدير اليومي،وهو تنفيذ كل ذلك إلى مواضعه.
دليل التقدير اللأزلي
س: ما دليل التقدير اللأزلي ؟
ج: قال الله تعالى أصاب من مصيبة في الأرض ولا في أنفسكم إلا في كتاب من قبل أن نبرأها )الآيات وفي الصحيح قال النبي صلى الله عليه وسلم :”كتب الله مقادير الخلائق قبل أن يخلق السماوات والأرض بخمسين ألف سنة، قال :وعرشه على الماء ) وقال صلى الله عليه وسلم :”إن أول ما خلق الله القلم فقال له :اكتب فقال رب وماذا أكتب؟ قال :كتب مقادير كل شيء حتى تقوم الساعة ” الحديث في السنن ،وقال صلى الله عليه وسلم :”يا أبا هريرة جف القلم بما هو كائن ” الحديث في البخاري وغير ذلك كثير.
دليل التقدير العمري يوم الميثاق
س: ما دليل التقدير العمري يوم الميثاق ؟
ج: قال الله تعالى وإذ أخذ ربك من بني آدم من ظهورهم ذريتهم وأشهدهم على أنفسهم ألست بربكم قالوا بلى شهدنا ) الآيات .وروى إسحاق بن راهويه أن رجلا قال يا رسول الله أتبتدأ الأعمال أم قد مضى القضاء فقال :”إن الله تعالى لما أخرج ذرية آدم من ظهره أشهدهم على أنفسهم ،ثم أفاض بهم في كفيه فقال :هؤلاء للجنة ،وهؤلاء للنار ,فأهل الجنة ميسرون لعمل أهل الجنة, وأهل النار ميسرون لعمل أهل النار “وفي الموطأ أن عمر بن الخطاب رضي الله عنه سئل عن هذه الآية وإذ أخذ ربك من بني آدم من ظهورهم ذريتهم وأشهدهم على أنفسهم ألست بربكم قالوا بلى شهدنا أن تقولوا يوم القيامة إنا كنا عن هذا غافلين ) فقال عمر بن الخطاب سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يسأل عنها فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم :”إن الله تبارك وتعالى خلق آدم ثم مسح ظهره فاستخرج منه ذرية فقال خلقت هؤلاء للنار وبعمل أهل النار يعملون ” الحديث بطوله وفي الترمذي من حديث عبد الله بن عمرو رضي الله عنهما قال : خرج علينا رسول الله صلى الله عليه وسلم وفي يده كتابان فقال أتدرون ما هذان الكتابان؟ فقلنا :لا يا رسول الله إلا أن تخبرنا ،فقال للذي في يده اليمنى :”هذا كتاب من رب العالمين فيه أسماء أهل الجنة وأسماء آبائهم وقبائلهم، ثم أجمل على آخرهم فلا يزاد فيهم ولا ينقص منهم أبدا “ثم قال للذي في شماله :”هذا كتاب من رب العالمين فيه أسماء أهل النار وأسماء آبائهم وقبائلهم ،ثم أجمل على آخرهم فلا يزاد فيهم ولا ينقص منهم أبدا “- فقال أصحابه ففيم العمل يا رسول الله إن كان أمر قد فرغ منه؟ فقال :”سددوا وقاربوا فإن صاحب الجنة يختم له بعمل أهل الجنة وإن عمل أي عمل وإن صاحب النار يختم له بعمل أهل النار وإن عمل أي عمل “ثم قال صلى الله عليه وسلم بيديه فنبذهما ثم قال :”فرغ ربكم من العباد فريق في الجنة وفريق في السعير ” قال الترمذي :هذا حديث حسن صحيح غريب
دليل التقدير العمري الذي عند أول تخليق النطفة
س: ما دليل التقدير العمري الذي عند أول تخليق النطفة ؟
ج: قال الله تعالى هو أعلم بكم إذ أنشأكم من الأرض وإذ أنتم أجنة في بطون أمهاتكم فلا تزكوا أنفسكم هو أعلم بمن اتقى ) وفي الصحيحين قال النبي صلى الله عليه وسلم :”إن أحدكم ليجمع خلقه في بطن أمه أربعين يوما نطفة ,ثم يكون علقة مثل ذلك ,ثم يكون مضغة مثل ذلك ,ثم يرسل إليه الملك فينفخ فيه الروح ،ويؤمر بأربع كلمات ،يكتب رزقه ،وأجله ،وعمله ،وشقي أو سعيد ,فوالذي لا إله غيره ،إن أحدكم ليعمل بعمل أهل الجنة حتى ما يكون بينه وبينهما إلا ذراع فيسبق عليه الكتاب فيعمل بعمل أهل النار فيدخلها ،وإن أحدكم ليعمل بعمل أهل النار حتى ما يكون بينه وبينها إلا ذراع فيسبق عليه الكتاب فيعمل بعمل أهل الجنة فيدخلها ” وفيه روايات غير هذه عن جماعة من الصحابة بألفاظ أخر والمعنى واحد.
دليل التقدير الحولي في ليلة القدر
س: ما دليل التقدير الحولي في ليلة القدر ؟
ج: قال الله تعالى فيها يفرق كل أمر حكيم أمرا من عندنا ) الآيات.
وقال ابن عباس رضي الله عنهما :يكتب من أم الكتاب في ليلة القدر ما يكون في السنة من موت أو حياة ورزق ومطر حتى الحجاج يقال يحج فلان ويحج فلان ،وكذا قال الحسن وسعيد بن جبير ومقاتل وأبو عبد الرحمن السلمي وغيرهم.
دليل التقدير اليومي
س: ما دليل التقدير اليومي؟
ج: قال تعالى كل يوم هو في شأن ) وفي صحيح الحاكم قال ابن عباس رضي الله عنهما :”إن مما خلق الله تعالى لوحا محفوظا من درة بيضاء دفتاه من ياقوتة حمراء قلمه نور وكتابه نور ينظر فيه كل يوم ثلاثمائة وستين نظرة أو مرة ففي كل نظرة منها يخلق ويرزق ويحيي ويميت ويعز ويذل, ويفعل ما يشاء فذلك قوله تعالى كل يوم هو في شأن ) وكل هذه التقادير كالتفصيل من القدر السابق ،وهو الأزلي الذي أمر الله تعالى القلم عندما خلقه أن يكتبه في اللوح، المحفوظ وبذلك فسر ابن عمر وابن عباس رضي الله عنهم قوله تعالى إنا كنا نستنسخ ما كنتم تعملون ) وكل ذلك صادر عن علم الله الذي هو صفته تبارك وتعالى.
ما يقتضيه سبق المقادير بالشقاوة والسعادة
س: ماذا يقتضيه سبق المقادير بالشقاوة والسعادة ؟
ج: اتفقت جميع الكتب السماوية والسنن النبوية على أن القدر السابق لا يمنع العمل ولا يوجب الاتكال عليه ،بل يوجب الجد والاجتهاد والحرص على العمل الصالح ،ولهذا لما أخبر النبي صلى الله عليه وسلم أصحابه بسبق المقادير وجريانها وجفوف القلم بها قال بعضهم :أفلا نتكل على كتابنا وندع العمل ؟قال:” لا اعملوا فكل ميسر ” ثم قرأ فأما من أعطى واتقى ) الآية فالله سبحانه وتعالى قدر المقادير وهيأ لها أسبابا وهو الحكيم بما نصبه من الأسباب في المعاش والمعاد ،وقد يسر كلا من خلقه لما خلقه له في الدنيا والآخرة فهو مهيأ له ميسر له ,فإذا علم العبد أن مصالح آخرته مرتبطة بالأسباب الموصلة إليها كان أشد اجتهادا في فعلها والقيام بها وأعظم منه في أسباب معاشه ومصالح دنياه ,وقد فقه هذا كل الفقه من قال من الصحابة لما سمع أحاديث القدر ما كنت أشد اجتهادا مني الآن، وقال النبي صلى الله عليه وسلم :”احرص على ما ينفعك واستعن بالله ولا تعجز ” وقال صلى الله عليه وسلم لما قيل له : أرأيت دواء نتداوى به ورقى نسترقيها هل ترد من قدر الله شيئا ؟قال :”هي من قدر الله” يعني أن الله تعالى قدر الخير والشر وأسباب كل منهما.
دليل المرتبة الثالثة وهو الإيمان بالمشيئة
س: ما دليل المرتبة الثالثة وهو الإيمان بالمشيئة ؟
ج: قال الله تعالى وما تشاءون إلا أن يشاء الله )، وقال تعالى ولا تقولن لشيء إني فاعل ذلك غدا إلا أن يشاء الله)، وقال تعالى من يشإ الله يضلله ومن يشأ يجعله على صراط مستقيم )، وقال تعالى ولو شاء الله لجعلكم أمة واحدة )، (ولو شاء الله ما اقتتلوا ) ،(ولو يشاء الله لانتصر منهم ) ،وقال تعالى فعال لما يريد ) ،(إنما أمره إذا أراد شيئا أن يقول له كن فيكون )،( إنما قولنا لشيء إذا أردناه أن نقول له كن فيكون )،( فمن يرد الله أن يهديه يشرح صدره للإسلام ومن يرد أن يضله يجعل صدره ضيقا حرجا ) وغير ذلك من الآيات ما لا يحصى.
وقال صلى الله عليه وسلم:” قلوب العباد بين أصبعين من أصابع الرحمن كقلب واحد يصرفها كيف يشاء ” وقال صلى الله عليه وسلم في نومهم في الوادي:” أن الله تعالى قبض أرواحكم حين شاء وردها حين شاء “وقال :”اشفعوا تؤجروا ويقضي الله على لسان رسوله ما شاء ” وقال :”لا تقولوا ما شاء الله وشاء فلان ،ولكن قولوا :ما شاء الله وحده ” وقال صلى الله عليه وسلم :”من يرد الله تعالى به خيرا يفقهه في الدين “” إذا أراد الله تعالى رحمة أمة قبض نبيها قبلها وإذا أراد الله هلكة أمة عذبها ونبيها حي ” وغير ذلك من الأحاديث في ذكر المشيئة والإرادة ما لا يحصى.
الجواب لمن قال كيف يشاء الله ويريد ما لا يرضى به ولا يحبه
س: قد أخبرنا الله تعالى في كتابه وعلى لسان رسوله وبما علمنا من صفاته أنه يحب المحسنين والمتقين والصابرين, ويرضى عن الذين آمنوا وعملوا الصالحات ،ولا يحب الكافرين ولا الظالمين ،ولا يرضى لعباده الكفر ولا يحب الفساد. مع كون كل ذلك بمشيئة الله وإرادته ,وأنه لو شاء لم يكن ذلك ،فإنه لا يكون في ملكه ما لا يريد, فما الجواب لمن قال كيف يشاء ويريد ما لا يرضى به ولا يحب؟
ج: اعلم أن الإرادة في النصوص جاءت على معنيين :إرادة كونية قدرية ،هي المشيئة ،ولا ملازمة بينها وبين المحبة والرضا ،بل يدخل فيها الكفر والإيمان ،والطاعات والعصيان ،والمرضي والمحبوب ،والمكروه وضده, وهذه الإرادة ليس لأحد خروج منها ولا محيص عنها كقوله تعالى فمن يرد الله أن يهديه يشرح صدره للإسلام ومن يرد أن يضله يجعل صدره ضيقا حرجا )، وقوله تعالى ومن يرد الله فتنته فلن تملك له من الله شيئا أولئك الذين لم يرد الله أن يطهر قلوبهم ) الآيات وغيرها. وإرادة دينية شرعية ،مختصة بمراضي الله ومحابه ،وعلى مقتضاها أمر عباده ونهاهم كقوله تعالى يريد الله بكم اليسر ولا يريد بكم العسر )، وقوله تعالى يريد الله ليبين لكم ويهديكم سنن الذين من قبلكم ويتوب عليكم والله عليم حكيم ) وغيرها من الآيات ،وهذه الإرادة لا يحصل اتباعها إلا لمن سبقت له بذلك الإرادة الكونية. فتجتمع الإرادة الكونية والشرعية في حق المؤمن الطائع ،وتنفرد الكونية في حق الفاجر العاصي, فالله سبحانه دعا عباده عامة إلى مرضاته وهدى لإجابته من شاء منهم كما قال تعالى والله يدعو إلى دار السلام ويهدي من يشاء إلى صراط مستقيم ) فعمم سبحانه الدعوة وخص الهداية بمن شاء إن ربك هو أعلم بمن ضل عن سبيله وهو أعلم بمن اهتدى).
دليل المرتبة الرابعة من الإيمان بالقدر وهي مرتبة الخلق
س: ما دليل المرتبة الرابعة من الإيمان بالقدر وهي مرتبة الخلق ؟
ج: قال الله تعالى الله خالق كل شيء وهو على كل شيء وكيل )، وقال تعالى هل من خالق غير الله يرزقكم من السماء والأرض )، وقال تعالى هذا خلق الله فأروني ماذا خلق الذين من دونه )، وقال تعالى الله الذي خلقكم ثم رزقكم ثم يميتكم ثم يحييكم هل من شركائكم من يفعل من ذلكم من شيء )، وقال تعالى والله خلقكم وما تعملون )، وقال تعالى ونفس وما سواها فألهمها فجورها وتقواها )، وقال تعالىمن يهد الله فهو المهتدي ومن يضلل فأولئك هم الخاسرون )، وقال تعالى ولكن الله حبب إليكم الإيمان وزينه في قلوبكم وكره إليكم الكفر والفسوق والعصيان ) وغير ذلك من الآيات, وللبخاري في خلق أفعال العباد عن حذيفة مرفوعا : “إن الله يصنع كل صانع وصنعته “وقال النبي صلى الله عليه وسلم :”اللهم آت نفسي تقواها وزكها أنت خير من زكاها إنك أنت وليها ومولاها ” وغير ذلك من الأحاديث.
معنى قول النبي صلى الله عليه وسلم والخير كله في يديك والشر ليس إليك
س: ما معنى قول النبي صلى الله عليه وسلم :”والخير كله في يديك والشر ليس إليك ” مع أن الله سبحانه خالق كل شيء؟
ج: معنى ذلك أن أفعال الله عز وجل كلها خير محض من حيث اتصافه بها وصدورها عنه ليس فيها شر بوجه ،فإنه تعالى حكم عدل وجميع أفعاله حكمة وعدل يضع الأشياء مواضعها اللائقة بها كما هي معلومة عنده سبحانه وتعالى، وما كان في نفس المقدور من شر فمن جهة إضافته إلى العبد لما يلحقه من المهالك وذلك بما كسبت يداه جزاء وفاقا، كما قال تعالى وما أصابكم من مصيبة فبما كسبت أيديكم ويعفو عن كثير ) ،وقال تعالى وما ظلمناهم ولكن كانوا هم الظالمين )، وقال تعالى إن الله لا يظلم الناس شيئا ولكن الناس أنفسهم يظلمون).
هل للعباد قدرة ومشيئة على أفعالهم المضافة إليهم
س: هل للعباد قدرة ومشيئة على أفعالهم المضافة إليهم ؟
ج: نعم للعباد قدرة على أعمالهم ،ولهم مشيئة وإرادة ،وأفعالهم تضاف إليهم حقيقة ،وبحسبها كلفوا ،وعليها يثابون ويعاقبون ،ولم يكلفهم الله إلا وسعهم ،وقد أثبت لهم ذلك في الكتاب والسنة ووصفهم به ،ولكنهم لا يقدرون إلا على ما أقدرهم الله عليه، ولا يشاءون إلا أن يشاء الله ،ولا يفعلون إلا بجعله إياهم فاعلين كما تقدم في نصوص المشيئة والإرادة والخلق ،فكما لم يوجدوا أنفسهم ،لم يوجدوا أفعالهم ،فقدرتهم ومشيئتهم وإرادتهم وأفعالهم تابعة لقدرته ومشيئته وإرادته وفعله, إذ هو خالقهم ،وخالق قدرتهم وإرادتهم ومشيئتهم وأفعالهم, وليس مشيئتهم وإرادتهم وقدرتهم وأفعالهم هي عين مشيئة الله وإرادته وقدرته وأفعاله ،كما ليسوا هم إياه ،تعالى الله ،عن ذلك بل أفعالهم المخلوقة لله قائمة بهم ،لائقة بهم ،مضافة إليهم حقيقة ،فالله فاعل حقيقة ،والعبد منفعل حقيقة ، والله هاد حقيقة ، والعبد مهتد حقيقة ،ولهذا أضاف كلا من الفعلين إلى من قام به فقال تعالى من يهد الله فهو المهتد ) فإضافة الهداية إلى الله حقيقة، وإضافة الاهتداء إلى البعد حقيقة ،فكما ليس الهادي هو عين المهتدي ،فكذلك ليس الهداية هي عين الاهتداء ,وكذلك يضل الله من يشاء حقيقة ،وذلك العبد يكون ضالا حقيقة, وهكذا جميع تصرف الله في عباده ،فمن أضاف الفعل والانفعال إلى العبد كفر, ومن أضاف إلى الله كفر, ومن أضاف الفعل إلى الخالق والانفعال إلى المخلوق كلاهما حقيقة فهو المؤمن حقيقة.
جواب من قال أليس ممكنا في قدرة الله أن يجعل كل عباده مؤمنين مهتدين طائعين
س: ما جواب من قال أليس ممكنا في قدرة الله أن يجعل كل عباده مؤمنين مهتدين طائعين مع محبته ذلك منهم شرعا ؟
ج: بلى هو قادر على ذلك كما قال تعالى ولو شاء الله لجعلكم أمة واحدة ) الآية ،وقال تعالى ولو شاء ربك لآمن من في الأرض كلهم جميعا ) وغيرها من الآيات ,ولكن هذا الذي فعله بهم هو مقتضى حكمته وموجب ربوبيته وإلهيته وأسمائه وصفاته, فقول القائل :لم كان من عباده الطائع والعاصي ؟كقول من قال لم كان من أسمائه الضار النافع والمعطي المانع والخافض الرافع والمنعم والمنتقم ونحو ذلك ؟ إذ أفعاله تعالى هي مقتضى أسمائه ،وآثار صفاته، ,فالاعتراض عليه في أفعاله اعتراض عليه في أسمائه وصفاته ،بل وعلى إلهيته وربوبيته فسبحان الله رب العرش عما يصفون لا يسأل عما يفعل وهم يسألون).
منزلة الإيمان بالقدر من الدين
شعب الإيمان
س: ما منزلة الإيمان بالقدر من الدين ؟
ج: الإيمان بالقدر نظام التوحيد ،كما أن الإيمان بالأسباب التي توصل إلى خيره وتحجز عن شره هي نظام الشرع ،ولا ينتظم أمر الدين ويستقيم إلا لمن آمن بالقدر وامتثل الشرع ،كما قرر النبي صلى الله عليه وسلم الإيمان بالقدر ثم قال لمن قال له أفلا نتكل على كتابنا وندع العمل، قال: “اعملوا فكل ميسر لما خلق له ” فمن نفى القدر زاعما منافاته للشرع ،فقد عطل الله تعالى عن علمه وقدرته ،وجعل العبد مستقلا بأفعاله خالقا لها ،فأثبت مع الله تعالى خالقا ،بل أثبت أن جميع المخلوقين خالقون, ومن أثبت محتجا به على الشرع محاربا له به ،نافيا عن العبد قدرته واختياره التي منحه الله تعالى إياها وكلفه بحسبها زاعما أن الله كلف عباده ما لا يطاق ،كتكليف الأعمى ينقط المصحف فقد نسب الله تعالى إلى الظلم ،وكان إمامه في ذلك إبليس لعنه الله تعالى إذ يقول فبما أغويتني لأقعدن لهم صراطك المستقيم ) وأما المؤمنون حقا ،فيؤمنون بالقدر خيره وشره ،وأن الله خالق ذلك كله ،وينقادون للشرع أمره ونهيه، ويحكمونه في أنفسهم سرا وجهرا ،وأن الهداية والإضلال بيد الله يهدي من يشاء بفضله, ويضل من يشاء بعدله ,وهو أعلم بمواقع فضله وعدله وهو أعلم بمن ضل عن سبيله وهو أعلم بمن اهتدى ) وله في ذلك الحكمة البالغة والحجة الدامغة, وأن الثواب والعقاب مترتب على الشرع فعلا وتركا لا على القدر ،وإنما يعزون أنفسهم بالقدر عند المصائب ;فإذا وفقوا لحسنة عرفوا الحق لأهله فقالوا الحمد لله الذي هدانا لهذا وما كنا لنهتدي لولا أن هدانا الله )، ولم يقولوا قال الفاجر إنما أوتيته على علم عندي ) وإذا اقترفوا سيئة قالوا كما قال الأبوان ربنا ظلمنا أنفسنا وإن لم تغفر لنا وترحمنا لنكونن من الخاسرين ) ولم يقولوا كقول الشيطان الرجيم رب بما أغويتني ) إذا أصابتهم مصيبة قالوا إنا لله وإنا إليه راجعون ) ولم يقولوا كما قال الذين كفروا وقالوا لإخوانهم إذا ضربوا في الأرض أو كانوا غزى لو كانوا عندنا ما ماتوا وما قتلوا ليجعل الله ذلك حسرة في قلوبهم والله يحيي ويميت والله بما تعملون بصير).
س: كم شعب الإيمان ؟
ج: قال الله تعالى ليس البر أن تولوا وجوهكم قبل المشرق والمغرب ولكن البر من آمن بالله واليوم الآخر والملائكة والكتاب والنبيين وآتى المال على حبه ذوي القربي واليتامى والمساكين وابن السبيل والسائلين وفي الرقاب وأقام الصلاة وآتى الزكاة والموفون بعهدهم إذا عاهدوا والصابرين في البأساء والضراء وحين البأس أولئك الذين صدقوا وأولئك هم المتقون ) وقال النبي صلى الله عليه وسلم:” الإيمان بضع وستون ” وفي رواية :”بضع وسبعون شعبة فأعلاها قول لا إله إلا الله وأدناها إماطة الأذى عن الطريق والحياء شعبة من الإيمان”.
رد مع اقتباس