عرض مشاركة واحدة
قديم 02-12-2012, 07:36 AM   #17
هلالي
أبوعبير
 
تاريخ التسجيل: Sep 2011
المشاركات: 31,910
افتراضي رد: المتابعة اليومية لمركز السوق السعودي ليوم الاحد 2012/12/2

قيادة التنويع الاقتصادي في الدولة


لعله بات من الواضح أن هدف تنويع القاعدة الاقتصادية لا يمكن أن يصبح مستداماً في إنتاجه للثروة بالتعويل على القطاع الخاص الوطني ولا الاستثمار الأجنبي دون أن أن تتولى الدولة بنفسها قيادة هذا التنوع.

وإذا كان واقع التنوع كطرح نظري في الأساس تقع مهمته على المجلس الاقتصادي الأعلى ووزارة الاقتصاد والتخطيط، فهذا يفترض بالضرورة تحديد ماذا نريد تحقيقه من تنويع، أي تحديد المشاريع العملاقة والاستراتيجية في الصناعة والتقنية على وجه التحديد، ما يعني اختيار مدروس لمجالات التنويع مشارا إليها باسم النشاط ذاته والبيئة أو الموقع الذي ينبغي أن يقام فيه هذا المشروع أو ذاك والفريق الإداري أو الهيكل المؤسسي الذي يتم تكليفه ببناء ومتابعة تنفيذ هذا المشروع بخطته الفنية والاقتصادية والزمنية. وهذا يستدعي خطة استراتيجية للتصنيع أو سياسة وطنية للتقنية. وهما - إلى حد كبير - منجزتان تحريراًٍ في وثيقتي خطة استراتيجية معدة من قِبَل وزارة التجارة والصناعة وكذلك وثيقة مدينة الملك عبد العزيز في السياسة الوطنية للتقنية والمعلومات وكلتاهما مما شاركت فيهما وزارة الاقتصاد والتخطيط واستشارات القطاع الخاص السعودي وبذلك يمكن القول إن نقطة البداية العملية نظرياً موجودة وتحتاج إلى مبادرة إجرائية من قِبَل الدولة لأخذها إلى حيز التنفيذ.

إن التنويع الاقتصادي الذي قلنا إن الدولة هي ما ينبغي عليها المبادرة إلى تحقيقه بناء على تجربة ناجحة جدا لها في هذا الميدان في عديد من الإنجازات الكبرى كشركة أرامكو وشركة سابك ومشاريع برنامج التوازن الاستراتيجي وغيرها. إن هذا التنويع بقيادة الدولة أو بآلية ما أصبح يُعرف اليوم برأسمالية الدولة حتى في دول تزعم اللارأسمالية كالصين، لا بد له أن يخطو خطوات أوسع وأعمق في ترسيخ قاعدة إنتاجية صناعية ليست منتظرة من قطاعنا الخاص ولا من الاستثمار الأجنبي لطبيعة ميول المستثمر وطنياً وأجنبياً إلى أنشطة تجارية أو مقاولاتية أو حتى خدمية مضمونة العوائد جزيلتها سريعة لا تستنفد وقتاً ولا تمويلاً عالياً ولا أعباءً، فضلاً عن قلة المخاطر.

والذين يتحسّسون من دخول الدولة على الخط في موقف تقليدي من سلبيات القطاع العام ورخاوة فضائه وبيروقراطيته ومسارب الفساد فيه وترهل هيكله الإداري وغير ذلك من مبررات هم في الواقع يقولون رأياً صحيحاً لكنهم يغفلون عن أن آلية رأسمالية الدولة تختلف عن نمطية إدارة القطاع العام المعهودة لأن الدولة - وإن كانت - الممول والمستثمر الأساسي في استنبات المنشآت الصناعية والتقنية، فإنها لن تعمد إلى إخضاعها لبيروقراطيتها إداريا وماليا وإنما تضع الكرة في ملعب الفريق المكلف بهذا المشروع أو ذاك وتكتفي فقط بالإشراف والمتابعة لمسار العمل والإنجاز بناء على حقائق فعلية على الأرض ومخرجات مادية ليس بوسع فريق عمل المشروع التنصل منها لأنه في الأساس سيكون الأحرص عليها لأنها مبرر وجوده وسيكون مسؤولا عنها أمام قيادة الدولة وأمام هيئات الرقابة وحتما أمام المواطنين.

وحين نشير إلى أن تنويع القاعدة الاقتصادية بات مهمة الدولة فليس ذلك لإعفاء القطاع الخاص من المهمة أو إعفاء الاستثمار الأجنبي منها، ففي الحالين سيشكل ولادة المشروع للاستثمار المحلي أو الأجنبي فرصا جاذبة في مفاصل من هذا المشروع تغريه لكي يندفع إلى الاستثمار فيه، بل إن هذا التوجه سوف يكرس شروطا جوهرية يمكن أن يقبل بها الاستثمار الأجنبي مع الوطني إذا وجد أن قاعدة إنتاجيته أخذت في التشكل، وبالتالي سوف يقبل أن يمثل لشروط منحه الامتيازات في أن يكون استثماراً على النحو الذي نريد وفي المجال الذي نحدده له. أي استثمار صناعي منتج يسهم في نقل الصناعة والتقنية وتوطينها ويضيف خبرة ويتيح تشغيلاً لقوى وطنية، وبالتالي قيمة مضافة إلى استثمار مستدام وليس استثماراً تجارياً أو مقاولاتياً أو خدمياً ليس بوسعه - ولم يكن بوسعه في أي بلد من البلدان - أن يكون مصدراً لتنويع اقتصادي حقيقي حتى وإن أشاع وهماً بثراء استثماري، فهو في النهاية عرضي وليس مما يمكث في الأرض.
هلالي غير متواجد حالياً   رد مع اقتباس
  #17  
قديم 02-12-2012 , 07:36 AM
هلالي هلالي غير متواجد حالياً
أبوعبير
تاريخ التسجيل: Sep 2011
المشاركات: 31,910
افتراضي رد: المتابعة اليومية لمركز السوق السعودي ليوم الاحد 2012/12/2

قيادة التنويع الاقتصادي في الدولة


لعله بات من الواضح أن هدف تنويع القاعدة الاقتصادية لا يمكن أن يصبح مستداماً في إنتاجه للثروة بالتعويل على القطاع الخاص الوطني ولا الاستثمار الأجنبي دون أن أن تتولى الدولة بنفسها قيادة هذا التنوع.

وإذا كان واقع التنوع كطرح نظري في الأساس تقع مهمته على المجلس الاقتصادي الأعلى ووزارة الاقتصاد والتخطيط، فهذا يفترض بالضرورة تحديد ماذا نريد تحقيقه من تنويع، أي تحديد المشاريع العملاقة والاستراتيجية في الصناعة والتقنية على وجه التحديد، ما يعني اختيار مدروس لمجالات التنويع مشارا إليها باسم النشاط ذاته والبيئة أو الموقع الذي ينبغي أن يقام فيه هذا المشروع أو ذاك والفريق الإداري أو الهيكل المؤسسي الذي يتم تكليفه ببناء ومتابعة تنفيذ هذا المشروع بخطته الفنية والاقتصادية والزمنية. وهذا يستدعي خطة استراتيجية للتصنيع أو سياسة وطنية للتقنية. وهما - إلى حد كبير - منجزتان تحريراًٍ في وثيقتي خطة استراتيجية معدة من قِبَل وزارة التجارة والصناعة وكذلك وثيقة مدينة الملك عبد العزيز في السياسة الوطنية للتقنية والمعلومات وكلتاهما مما شاركت فيهما وزارة الاقتصاد والتخطيط واستشارات القطاع الخاص السعودي وبذلك يمكن القول إن نقطة البداية العملية نظرياً موجودة وتحتاج إلى مبادرة إجرائية من قِبَل الدولة لأخذها إلى حيز التنفيذ.

إن التنويع الاقتصادي الذي قلنا إن الدولة هي ما ينبغي عليها المبادرة إلى تحقيقه بناء على تجربة ناجحة جدا لها في هذا الميدان في عديد من الإنجازات الكبرى كشركة أرامكو وشركة سابك ومشاريع برنامج التوازن الاستراتيجي وغيرها. إن هذا التنويع بقيادة الدولة أو بآلية ما أصبح يُعرف اليوم برأسمالية الدولة حتى في دول تزعم اللارأسمالية كالصين، لا بد له أن يخطو خطوات أوسع وأعمق في ترسيخ قاعدة إنتاجية صناعية ليست منتظرة من قطاعنا الخاص ولا من الاستثمار الأجنبي لطبيعة ميول المستثمر وطنياً وأجنبياً إلى أنشطة تجارية أو مقاولاتية أو حتى خدمية مضمونة العوائد جزيلتها سريعة لا تستنفد وقتاً ولا تمويلاً عالياً ولا أعباءً، فضلاً عن قلة المخاطر.

والذين يتحسّسون من دخول الدولة على الخط في موقف تقليدي من سلبيات القطاع العام ورخاوة فضائه وبيروقراطيته ومسارب الفساد فيه وترهل هيكله الإداري وغير ذلك من مبررات هم في الواقع يقولون رأياً صحيحاً لكنهم يغفلون عن أن آلية رأسمالية الدولة تختلف عن نمطية إدارة القطاع العام المعهودة لأن الدولة - وإن كانت - الممول والمستثمر الأساسي في استنبات المنشآت الصناعية والتقنية، فإنها لن تعمد إلى إخضاعها لبيروقراطيتها إداريا وماليا وإنما تضع الكرة في ملعب الفريق المكلف بهذا المشروع أو ذاك وتكتفي فقط بالإشراف والمتابعة لمسار العمل والإنجاز بناء على حقائق فعلية على الأرض ومخرجات مادية ليس بوسع فريق عمل المشروع التنصل منها لأنه في الأساس سيكون الأحرص عليها لأنها مبرر وجوده وسيكون مسؤولا عنها أمام قيادة الدولة وأمام هيئات الرقابة وحتما أمام المواطنين.

وحين نشير إلى أن تنويع القاعدة الاقتصادية بات مهمة الدولة فليس ذلك لإعفاء القطاع الخاص من المهمة أو إعفاء الاستثمار الأجنبي منها، ففي الحالين سيشكل ولادة المشروع للاستثمار المحلي أو الأجنبي فرصا جاذبة في مفاصل من هذا المشروع تغريه لكي يندفع إلى الاستثمار فيه، بل إن هذا التوجه سوف يكرس شروطا جوهرية يمكن أن يقبل بها الاستثمار الأجنبي مع الوطني إذا وجد أن قاعدة إنتاجيته أخذت في التشكل، وبالتالي سوف يقبل أن يمثل لشروط منحه الامتيازات في أن يكون استثماراً على النحو الذي نريد وفي المجال الذي نحدده له. أي استثمار صناعي منتج يسهم في نقل الصناعة والتقنية وتوطينها ويضيف خبرة ويتيح تشغيلاً لقوى وطنية، وبالتالي قيمة مضافة إلى استثمار مستدام وليس استثماراً تجارياً أو مقاولاتياً أو خدمياً ليس بوسعه - ولم يكن بوسعه في أي بلد من البلدان - أن يكون مصدراً لتنويع اقتصادي حقيقي حتى وإن أشاع وهماً بثراء استثماري، فهو في النهاية عرضي وليس مما يمكث في الأرض.
رد مع اقتباس