الموضوع: أنت نسيج وحدك
عرض مشاركة واحدة
قديم 20-12-2013, 03:18 PM   #1
صـقر
ابو عبدالله
الادارة
 
تاريخ التسجيل: Jul 2009
المشاركات: 39,285
افتراضي أنت نسيج وحدك

إن لكل إنسان نسيج فريد خلقه الله تعالى ووضعه في كيانه النفسي والروحي فكان من هذا النسيج أن يحرك هذا الجسد الضعيف والذي ما برح أن يكون قشرة خارجية تحمل بداخلها لب الانسان وصراعاته العاطفية والعقلية ،
فلم يزل النواة المركزية التي تتحرك بها أعضاء الجسد ككل،،منفردآ بحركات وتصرفات خارجية تعكس مايشعر به الانسان في داخله ، فهو كالبحر في عمقه الملئ بأسرار عجز البشر من إدراك بعض مكنوناتها واكتشاف أبجديات تكوينها ،
ولايعرفها أحد سوى البحر نفسه ،، فسبحان من سواها ،، وإنه لمن العجب أن يقوم آخرون بالتكلف المصطنع في تقليدهم لبعض الشخصيات الإنسانية التي قد غيرت مجرى التاريح بعلمها الوافر وعملها الدؤوب ،
سواء أكان هذا التقليد في سكناتهم أو حركاتهم ،، متوهمين أنهم سيكونون بهذا أشخاصآ أفضل حينما يسلخون طابعهم النفسي والروحي وسيكونون أقدر على صنع التغيير ،
غير مدركين أنهم بهذا يطمسون أنفسهم كإنسان فريد ليس له مثيل على كوكب الأرض قد ميزه الله بصفات وطبائع لايشترك فيها مع أحد ،
لعمري إن التقليد الأعمى لمن صفات الضعفاء الذين مابرحوا يقلدون عظيم حتى ينصرفوا إلى عظيم آخر ،، إنه من الضرورة الفطرية أن يقتدي الانسان بمثل أعلى في حياته ،، لكن أن يسلخ الانسان سماته الشخصية حتى يصبح إنسانآ آخر أو ينال إعجاب أحد ما، لهو الحمق بذاته ،

قد يظن البعض أن الطابع الذي نشأت عليه نفس الإنسان وسماته الشخصية تعرقله عن النجاح والتقدم، أو عن التغيير الذي يريد أن يصنعه في المستقبل،
وقد كنت ذات يوم أبحث في أغوار نفسي عن حماقات ارتكبتها وأخطاء جعلتني أتعثر مرارآ وتكرارآ في حفر المشاكل، وكانت تعيق طريقي عما أرنوا إليه من تغيير (ومن يتهيب صعود الجبال ، يعش أبد الدهر بين الحفر ) وكنت أعتقد بل كنت متيقنة أن السبب هو سماتي الشخصية والتركيب النفسي الذي خلقه الله في عمق جسدي ،
فكنت أشعر بالضيق الشديد وأحاول جاهدة أن أغير من خصائصي النفسية ولكني فشلت في نهاية الأمر بعد محاولات جادة ومتواصلة ،
وذات ليلة حالكة ،، وقع ناظري على أحد الكتب في مكتبتي، لأحد أروع المفكرين المعاصرين ( قنبلة التغيير بجدارة)
إنه الشيخ محمد الغزالي ،، في كتابه الرائع ( جدد حياتك ) ،،وكنت أقرأ أحد فصوله (أنت نسيج وحدك ) وكان يلقي الضوء على تعجبه من أؤلئك الذين يحاولون جاهدين تغيير خصائصهم الفطرية ،،
فقد قال:

(كنت معجب به ، تسحرني كلماته ، وتزدهيني توجيهاته ،،ولكني لم أحاول التشبه به أو متابعته على طريقته ،وأحسبني ،لفشلت ،لأن طبيعتي تغلبني ، إنني أسير وفق خصائصي النفسية كما يسير القطار على قضبانه ،
عندما أخرج عنها أتوقف لفوري ، وقد عرفت جمآ من أصحابي يقلدون الرجل فيما دق أو جل من شأنه كله ،ويحبون في التقرب إليه أن يكونوا صورآ متشابهة من أعماله وأحواله ،
وقد تشاءمت من هذا الذوبان السمج وتوقعت السوء منه على الرجل وعلى مقلديه جميعآ ،لأن الصدق والاخلاص والانتاج والمناصحة والحقيقة نفسها تضيع في هذا الجو المفتعل من التمثيل الردئ أو المتقن

لماذا لاينمو الرجال على فطرتهم التي خلقهم الله بها كما تنمو أنواع النبات في مغارسها ، لا النخيل تتحول أعنابآ ولا الثمار تحاكي غيرها في طعم أو لون ) !!!

بعدها أدركت أنني أضعت جل وقتي في محاولات يائسة من تغيير خصائصي النفسية حتى أحقق ما أريد وتجاهلت أنه بإمكاني أن أصنع منها شرابآ حلو المذاق ،
وأحقق ما أنشد إليه ، وأن الله تعالى جعلني فريدة من نوعي في هذا العالم المتشعب ولايشبهني أحد ،
فلماذا أغير من خلق الله ؟؟؟ إن مهمتي الآن ومهمة كل إنسان أن لا يلعن الظلام لأنه لا يشبه غاندي أو مانديلا أو أحد صانعي التغيير ،
لأن هذا من شأنه أن يرهق مسعاه وقد يقع فيما لايحمد عقباه ،،بل إن مهمتنا الآن تقتضي أن نجعل لطابعنا آداة للتغيير وليس هدمآ لها ،، وهذا لن يأتي سوى بمحاولة أن نضع كل خاصية وكل صفة في مكانها المناسب كما كان يفعل رسول الله صلى الله عليه وسلم والذي علمنا متى نغضب ومتى ننفعل ومتى نتحدث وفي المقابل متى نسامح ومتى نصمت ومتى نسكن!! ،
إن مشكلتنا هي ليست مشكلة نفس وشخصية يجب تغييرها بل مشكلة مكان وزمان ،، فمتى عرفنا أن نضع كل صفة في مكانها وزمانها المناسبين، كان هذا أجدى وأنفع وأقدر على جمح النفس والتأثير على الآخرين ،
وكم مرة وقعنا ،،لكننا نهضنا من جديد ،وفي كل مرة نتعلم شيئآ مختلفآ ،علمتني الحياة أني مهما أتعلم ،فلا أزال جهولآ ، وفي كل مرة سنفتح صفحة جديدة إن شاء الله تعالى ،

تذكر دائمآ ،، أنك مخلوق مميز عن الآخرين ،، وأن بإمكانك أن تكون عظيمآ ،بهمتك العالية التي ستكسر الرياح العاتية

لما التقليد ؟؟؟؟


الشيخ الغزالي - جدد حياتك


توقيع صـقر الشروط العشرة في كتابة الموضوعات في مركز السوق السعودي
صـقر غير متواجد حالياً   رد مع اقتباس
  #1  
قديم 20-12-2013 , 03:18 PM
صـقر صـقر غير متواجد حالياً
ابو عبدالله
الادارة
تاريخ التسجيل: Jul 2009
المشاركات: 39,285
افتراضي أنت نسيج وحدك

إن لكل إنسان نسيج فريد خلقه الله تعالى ووضعه في كيانه النفسي والروحي فكان من هذا النسيج أن يحرك هذا الجسد الضعيف والذي ما برح أن يكون قشرة خارجية تحمل بداخلها لب الانسان وصراعاته العاطفية والعقلية ،
فلم يزل النواة المركزية التي تتحرك بها أعضاء الجسد ككل،،منفردآ بحركات وتصرفات خارجية تعكس مايشعر به الانسان في داخله ، فهو كالبحر في عمقه الملئ بأسرار عجز البشر من إدراك بعض مكنوناتها واكتشاف أبجديات تكوينها ،
ولايعرفها أحد سوى البحر نفسه ،، فسبحان من سواها ،، وإنه لمن العجب أن يقوم آخرون بالتكلف المصطنع في تقليدهم لبعض الشخصيات الإنسانية التي قد غيرت مجرى التاريح بعلمها الوافر وعملها الدؤوب ،
سواء أكان هذا التقليد في سكناتهم أو حركاتهم ،، متوهمين أنهم سيكونون بهذا أشخاصآ أفضل حينما يسلخون طابعهم النفسي والروحي وسيكونون أقدر على صنع التغيير ،
غير مدركين أنهم بهذا يطمسون أنفسهم كإنسان فريد ليس له مثيل على كوكب الأرض قد ميزه الله بصفات وطبائع لايشترك فيها مع أحد ،
لعمري إن التقليد الأعمى لمن صفات الضعفاء الذين مابرحوا يقلدون عظيم حتى ينصرفوا إلى عظيم آخر ،، إنه من الضرورة الفطرية أن يقتدي الانسان بمثل أعلى في حياته ،، لكن أن يسلخ الانسان سماته الشخصية حتى يصبح إنسانآ آخر أو ينال إعجاب أحد ما، لهو الحمق بذاته ،

قد يظن البعض أن الطابع الذي نشأت عليه نفس الإنسان وسماته الشخصية تعرقله عن النجاح والتقدم، أو عن التغيير الذي يريد أن يصنعه في المستقبل،
وقد كنت ذات يوم أبحث في أغوار نفسي عن حماقات ارتكبتها وأخطاء جعلتني أتعثر مرارآ وتكرارآ في حفر المشاكل، وكانت تعيق طريقي عما أرنوا إليه من تغيير (ومن يتهيب صعود الجبال ، يعش أبد الدهر بين الحفر ) وكنت أعتقد بل كنت متيقنة أن السبب هو سماتي الشخصية والتركيب النفسي الذي خلقه الله في عمق جسدي ،
فكنت أشعر بالضيق الشديد وأحاول جاهدة أن أغير من خصائصي النفسية ولكني فشلت في نهاية الأمر بعد محاولات جادة ومتواصلة ،
وذات ليلة حالكة ،، وقع ناظري على أحد الكتب في مكتبتي، لأحد أروع المفكرين المعاصرين ( قنبلة التغيير بجدارة)
إنه الشيخ محمد الغزالي ،، في كتابه الرائع ( جدد حياتك ) ،،وكنت أقرأ أحد فصوله (أنت نسيج وحدك ) وكان يلقي الضوء على تعجبه من أؤلئك الذين يحاولون جاهدين تغيير خصائصهم الفطرية ،،
فقد قال:

(كنت معجب به ، تسحرني كلماته ، وتزدهيني توجيهاته ،،ولكني لم أحاول التشبه به أو متابعته على طريقته ،وأحسبني ،لفشلت ،لأن طبيعتي تغلبني ، إنني أسير وفق خصائصي النفسية كما يسير القطار على قضبانه ،
عندما أخرج عنها أتوقف لفوري ، وقد عرفت جمآ من أصحابي يقلدون الرجل فيما دق أو جل من شأنه كله ،ويحبون في التقرب إليه أن يكونوا صورآ متشابهة من أعماله وأحواله ،
وقد تشاءمت من هذا الذوبان السمج وتوقعت السوء منه على الرجل وعلى مقلديه جميعآ ،لأن الصدق والاخلاص والانتاج والمناصحة والحقيقة نفسها تضيع في هذا الجو المفتعل من التمثيل الردئ أو المتقن

لماذا لاينمو الرجال على فطرتهم التي خلقهم الله بها كما تنمو أنواع النبات في مغارسها ، لا النخيل تتحول أعنابآ ولا الثمار تحاكي غيرها في طعم أو لون ) !!!

بعدها أدركت أنني أضعت جل وقتي في محاولات يائسة من تغيير خصائصي النفسية حتى أحقق ما أريد وتجاهلت أنه بإمكاني أن أصنع منها شرابآ حلو المذاق ،
وأحقق ما أنشد إليه ، وأن الله تعالى جعلني فريدة من نوعي في هذا العالم المتشعب ولايشبهني أحد ،
فلماذا أغير من خلق الله ؟؟؟ إن مهمتي الآن ومهمة كل إنسان أن لا يلعن الظلام لأنه لا يشبه غاندي أو مانديلا أو أحد صانعي التغيير ،
لأن هذا من شأنه أن يرهق مسعاه وقد يقع فيما لايحمد عقباه ،،بل إن مهمتنا الآن تقتضي أن نجعل لطابعنا آداة للتغيير وليس هدمآ لها ،، وهذا لن يأتي سوى بمحاولة أن نضع كل خاصية وكل صفة في مكانها المناسب كما كان يفعل رسول الله صلى الله عليه وسلم والذي علمنا متى نغضب ومتى ننفعل ومتى نتحدث وفي المقابل متى نسامح ومتى نصمت ومتى نسكن!! ،
إن مشكلتنا هي ليست مشكلة نفس وشخصية يجب تغييرها بل مشكلة مكان وزمان ،، فمتى عرفنا أن نضع كل صفة في مكانها وزمانها المناسبين، كان هذا أجدى وأنفع وأقدر على جمح النفس والتأثير على الآخرين ،
وكم مرة وقعنا ،،لكننا نهضنا من جديد ،وفي كل مرة نتعلم شيئآ مختلفآ ،علمتني الحياة أني مهما أتعلم ،فلا أزال جهولآ ، وفي كل مرة سنفتح صفحة جديدة إن شاء الله تعالى ،

تذكر دائمآ ،، أنك مخلوق مميز عن الآخرين ،، وأن بإمكانك أن تكون عظيمآ ،بهمتك العالية التي ستكسر الرياح العاتية

لما التقليد ؟؟؟؟


الشيخ الغزالي - جدد حياتك


توقيع صـقر الشروط العشرة في كتابة الموضوعات في مركز السوق السعودي
رد مع اقتباس