عرض مشاركة واحدة
قديم 09-10-2017, 01:18 PM   #1
ابوبيان
عضو مميز
 
تاريخ التسجيل: Sep 2011
المشاركات: 2,642
افتراضي III إن الله كان عليكم رقيبا iiii

إن الله كان عليكم رقيبا

الحمد لله الأول الذي ليس له ابتداء، الأخر الذي ليس له انتهاء، الصمد الذي ليس له وزراء،
الواحد الذي ليس له شركاء، تكلم بكلام قديم أزلي في الأزل، وتفرد بالعز الذي لم يزل، وتنزه عن النقائص والعلل، وتقدس عن الفتور والخلل، سبحانه قسم عطائه بين عباده، وأبرم قضائه
فلا معارض، له في مراده، وسبقت عنايته وولايته لآهل وداده، وخصهم برعايته وكفايته وإسعاده.


واشهد أن لا إله إلا الله، وحده لا شريك له، له الملك، وله الحمد وهو على كل شيء قدير
سبحانه يقول بلسان الحال

تعصي وتجهر بالعصيان إعلانا وأستر الذنب إنعاما وإحسانا
ولا أجازي مسيئا بالفعل ولا أجزي الذي تاه عصيانا وعدوانا
ومن أتى تائبا بالذل منكسرا نعطيه من فضلنا عفوا وغفرانا

وأشهد أن سيدنا وحبيبنا وشفيعنا محمد عبد الله ورسوله وصفيه من خلقه وحبيبه
خير الانام حبيب الله شافعنا غيث وعون له الإحسان والكرم
ما نال فخر المصطفى أحد من الأنام له البرهان والحكم
ماذا أقول بوصفي في الرسول وقد أثنى عليه إله واحد حكم
صلى عليه إله العرش ما طلعت شمس وما لاح ثغر البرق يبتسم
وعلى آله وأصحابه ومن سار على نهجه وتمسك بسنته واقتدى بهديه واتبعهم بإحسان
إلى يوم الدين ونحن معهم يا أرحم الراحمين

العناصر
أولًا: الترغيب في مراقبة الله
ثانيًا: أنواع المراقبة وحال السلف في مراقبتهم لله
ثالثًا: نماذج لمن راقبوا الله في سرهم وعلانيتهم
رابعًا: الوسائل المعينة على مراقبة الله
خامسًا: الترهيب من التخلي عن المراقبة

تعريفها :
قال ابن القيّم :
المراقبة دوام علم العبد وتيقّنه باطّلاع الحقّ سبحانه وتعالى على ظاهره وباطنه .
وقال المحاسبيّ: المراقبة: دوام علم القلب بعلم الله- عزّ وجلّ- في السّكون والحركة علما لازما مقترنا بصفاء اليقين. أمّا أوّل المراقبة فهو علم القلب بقرب الرّبّ عزّ وجلّ

أولًا: الترغيب في مراقبة الله

1- من صفات الأنبياء
قال تعالى: " وَرَاوَدَتْهُ الَّتِي هُوَ فِي بَيْتِهَا عَنْ نَفْسِهِ وَغَلَّقَتِ الْأَبْوَابَ وَقَالَتْ هَيْتَ لَكَ قَالَ مَعَاذَ اللَّهِ إِنَّهُ رَبِّي أَحْسَنَ مَثْوَايَ إِنَّهُ لَا يُفْلِحُ الظَّالِمُونَ (23)" يوسف
يخبر تعالى عن امرأة العزيز التي كان يوسف في بيتها بمصر، وقد أوصاها زوجها به وبإكرامه
[ { وَرَاوَدَتْهُ الَّتِي هُوَ فِي بَيْتِهَا] عَنْ نَفْسِهِ }
ي: حاولته على نفسه، ودعته إليها، وذلك أنها أحبته حبًا شديدًا لجماله وحسنه وبهائه، فحملها ذلك على أن تجملت له، وغلقت عليه الأبواب، ودعته إلى نفسها، { وَقَالَتْ هَيْتَ لَكَ } فامتنع من ذلك أشد الامتناع، و { قَالَ مَعَاذَ اللَّهِ إِنَّهُ رَبِّي [أَحْسَنَ مَثْوَايَ] } وكانوا يطلقون "الرب"
على السيد والكبير، أي: إن بعلك ربي أحسن مثواي أي: منزلي وأحسن إلي، فلا أقابله بالفاحشة في أهله، { إِنَّهُ لا يُفْلِحُ الظَّالِمُونَ } قال ذلك مجاهد، والسدي، ومحمد بن إسحاق، وغيرهم ([1]).

2- من صفات المتقين

قال تعالى: " وَلَقَدْ آَتَيْنَا مُوسَى وَهَارُونَ الْفُرْقَانَ وَضِيَاءً وَذِكْرًا لِلْمُتَّقِينَ (48)
الَّذِينَ يَخْشَوْنَ رَبَّهُمْ بِالْغَيْبِ وَهُمْ مِنَ السَّاعَةِ مُشْفِقُونَ (49)" الأنبياء

3- هداية الله لهم

قال تعالى: " اللَّهُ نَزَّلَ أَحْسَنَ الْحَدِيثِ كِتَابًا مُتَشَابِهًا مَثَانِيَ تَقْشَعِرُّ مِنْهُ جُلُودُ الَّذِينَ يَخْشَوْنَ رَبَّهُمْ ثُمَّ تَلِينُ جُلُودُهُمْ
وَقُلُوبُهُمْ إِلَى ذِكْرِ اللَّهِ ذَلِكَ هُدَى اللَّهِ يَهْدِي بِهِ مَنْ يَشَاءُ وَمَنْ يُضْلِلِ اللَّهُ فَمَا لَهُ مِنْ هَادٍ (23)"
الزمر.

4- تبديل السيئات إلى حسنات

عَنْ هَمَّامِ بْنِ مُنَبِّهٍ قَالَ هَذَا مَا حَدَّثَنَا أَبُو هُرَيْرَةَ عَنْ مُحَمَّدٍ رَسُولِ اللَّهِ -صلى الله عليه وسلم- فَذَكَرَ أَحَادِيثَ مِنْهَا قَالَ قَالَ رَسُولُ اللَّهِ -صلى الله عليه وسلم- « قَالَ اللَّهُ عَزَّ وَجَلَّ إِذَا تَحَدَّثَ عَبْدِى بِأَنْ يَعْمَلَ حَسَنَةً فَأَنَا أَكْتُبُهَا لَهُ حَسَنَةً مَا لَمْ يَعْمَلْ فَإِذَا عَمِلَهَا فَأَنَا أَكْتُبُهَا بِعَشْرِ أَمْثَالِهَا وَإِذَا تَحَدَّثَ بِأَنْ يَعْمَلَ سَيِّئَةً فَأَنَا أَغْفِرُهَا لَهُ مَا لَمْ يَعْمَلْهَا فَإِذَا عَمِلَهَا فَأَنَا أَكْتُبُهَا لَهُ بِمِثْلِهَا »([2]).

5- في ظل عرش الرحمن

عن أَبِي هُرَيْرَةَ، عَنِ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم، قَالَ: سَبْعَةٌ يُظِلُّهُمُ اللهُ فِي ظِلِّهِ يَوْمَ لاَ ظِلَّ إِلاَّ ظِلُّهُ:
الإِمَامُ الْعَادِلُ، وَشَابٌّ نَشَأَ فِي عِبَادَةِ رَبِّهِ، وَرَجُلٌ قَلْبُهُ مُعَلَّقٌ فِي الْمَسَاجِدِ، وَرَجُلاَنِ تَحَابَّا فِي اللهِ، اجْتَمَعَا عَلَيْهِ وَتَفَرَّقَا عَلَيْهِ، وَرَجُلٌ طَلَبَتْهُ امْرَأَةٌ ذَاتُ مَنْصِبٍ وَجَمَالٍ، فَقَالَ إِنِّي أَخَافُ اللهَ، وَرَجُلٌ تَصَدَّقَ أَخْفَى حَتَّى لاَ تَعْلَمَ شِمَالُهُ مَا تُنْفِقُ يَمِينُهُ، وَرَجُلٌ ذَكَرَ اللهَ خَالِيًا فَفَاضَتْ عَيْنَاهُ" ([3])
فهذا الرجل الذي دعته المرأة لم ينأ عن سبيلها إلا بمراقبة ربه.

6- الوصول إلى أعلى درجات الطاعة

سأل سيدنا جبريل رسول الله r قَالَ يَا رَسُولَ اللَّهِ مَا الإِحْسَانُ قَالَ « أَنْ تَعْبُدَ اللَّهَ كَأَنَّكَ تَرَاهُ فَإِنَّكَ إِنْ
لاَ تَرَاهُ فَإِنَّهُ يَرَاكَ » ([4]).
عن أبي هُرَيْرَةَ - رضى الله عنه - قَالَ سَمِعْتُ رَسُولَ اللَّهِ -صلى الله عليه وسلم- يَقُولُ
« قَالَ اللَّهُ عَزَّ وَجَلَّ كُلُّ عَمَلِ ابْنِ آدَمَ لَهُ إِلاَّ الصِّيَامَ هُوَ لِى وَأَنَا أَجْزِى بِهِ فَوَالَّذِى نَفْسُ مُحَمَّدٍ بِيَدِهِ لَخِلْفَةُ فَمِ الصَّائِمِ أَطْيَبُ عِنْدَ اللَّهِ مِنْ رِيحِ الْمِسْكِ » ([5]). فلا يدخله صيامه رياء.

7- المغفرة والأجر الكبير

قال تعالى: "إِنَّ الَّذِينَ يَخْشَوْنَ رَبَّهُمْ بِالْغَيْبِ لَهُمْ مَغْفِرَةٌ وَأَجْرٌ كَبِيرٌ (12)" الملك.


8- دخول الجنة
قال تعالى: "جَزَاؤُهُمْ عِنْدَ رَبِّهِمْ جَنَّاتُ عَدْنٍ تَجْرِي مِنْ تَحْتِهَا الْأَنْهَارُ خَالِدِينَ فِيهَا أَبَدًا رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمْ وَرَضُوا عَنْهُ ذَلِكَ لِمَنْ خَشِيَ رَبَّهُ (8)" البينة.
وقال تعالى: "وَأُزْلِفَتِ الْجَنَّةُ لِلْمُتَّقِينَ غَيْرَ بَعِيدٍ (31) هَذَا مَا تُوعَدُونَ لِكُلِّ أَوَّابٍ حَفِيظٍ (32) مَنْ خَشِيَ الرَّحْمَنَ بِالْغَيْبِ وَجَاءَ بِقَلْبٍ مُنِيبٍ (33) ادْخُلُوهَا بِسَلَامٍ ذَلِكَ يَوْمُ الْخُلُودِ (34) لَهُمْ مَا يَشَاءُونَ فِيهَا وَلَدَيْنَا مَزِيدٌ (35)" سورة ق.
{ أُزْلِفَتِ } أدنيت وقربت من المتقين، { غَيْرَ بَعِيدٍ } وذلك يوم القيامة، وليس ببعيد؛
لأنه واقع لا محالة، وكل ما هو آت آت، { هَذَا مَا تُوعَدُونَ لِكُلِّ أَوَّابٍ } (6)
أي: رجاع تائب مقلع، { حفيظ } أي: يحفظ العهد فلا ينقضه ولا ينكثه،
{ مَنْ خَشِيَ الرَّحْمَنَ بِالْغَيْبِ } أي: من خاف الله في سره حيث لا يراه أحد إلا الله { وَجَاءَ بِقَلْبٍ مُنِيبٍ } أي: ولقي الله يوم القيامة بقلب سليم منيب إليه خاضع لديه، { ادْخُلُوهَا } أي: الجنة { بِسَلامٍ } ، قال قتادة: سلموا من عذاب الله، وسلم عليهم ملائكة الله، وقوله: { ذَلِكَ يَوْمُ الْخُلُودِ } أي: يخلدون في الجنة فلا يموتون أبدًا، ولا يظعنون أبدًا، ولا يبغون عنها حولا، وقوله: { لَهُمْ مَا يَشَاءُونَ فِيهَا } أي: مهما اختاروا وجدوا من أي أصناف الملاذ طلبوا أحضر لهم، { وَلَدَيْنَا مَزِيدٌ } كقوله تعالى:
{ لِلَّذِينَ أَحْسَنُوا الْحُسْنَى وَزِيَادَةٌ } [ يونس: 26]: أنها النظر إلى وجه الله الكريم ([6])

9- لا يخفى على الله شيء

قال تعالى: " أَمْ يَحْسَبُونَ أَنَّا لَا نَسْمَعُ سِرَّهُمْ وَنَجْوَاهُمْ بَلَى وَرُسُلُنَا لَدَيْهِمْ يَكْتُبُونَ (80)" الزخرف.
أي أي: سرهم وعلانيتهم، { بَلَى وَرُسُلُنَا لَدَيْهِمْ يَكْتُبُونَ } أي: نحن نعلم ما هم عليه، والملائكة أيضا يكتبون أعمالهم، صغيرها وكبيرها ([7]).
قال تعالى: " { وَلَقَدْ خَلَقْنَا الإنْسَانَ وَنَعْلَمُ مَا تُوَسْوِسُ بِهِ نَفْسُهُ وَنَحْنُ أَقْرَبُ إِلَيْهِ مِنْ حَبْلِ الْوَرِيدِ (16) إِذْ يَتَلَقَّى الْمُتَلَقِّيَانِ عَنِ الْيَمِينِ وَعَنِ الشِّمَالِ قَعِيدٌ (17) مَا يَلْفِظُ مِنْ قَوْلٍ إِلا لَدَيْهِ رَقِيبٌ عَتِيدٌ (18)" سورة ق.
قال ابن كثير: يخبر تعالى عن قدرته على الإنسان بأنه خالقه، وعلمه محيط بجميع أموره، حتى إنه تعالى يعلم ما توسوس به نفوس بني آدم من الخير والشر، وقوله:
{ وَنَحْنُ أَقْرَبُ إِلَيْهِ مِنْ حَبْلِ الْوَرِيدِ } يعني: ملائكته تعالى أقربُ إلى الإنسان من حبل وريده،
{ مَا يَلْفِظُ } أي: ابن آدم { مِنْ قَوْلٍ } أي: ما يتكلم بكلمة { إِلا لَدَيْهِ رَقِيبٌ عَتِيدٌ } أي: إلا ولها من يراقبها معتد (9) لذلك يكتبها، لا يترك كلمة ولا حركة، كما قال تعالى: { وَإِنَّ عَلَيْكُمْ لَحَافِظِينَ كِرَامًا كَاتِبِينَ يَعْلَمُونَ مَا تَفْعَلُونَ } [ الانفطار: 10 -12 ]. ([8])
وقال حميد الطويل لسليمان بن علي: عظني. فقال: لئن كنت إذا عصيت خاليا ظننت أنَّه يراك لقد اجترأت على أمر عظيم، ولئن كنت تظن أنه لا يراك فلقد كفرت.
وقال ابن القيم رحمه الله: "وأرباب الطريق مجمعون على أن مراقبة الله تعالى في الخواطر سبب لحفظها في حركات الظواهر، فمن راقب الله في سره حفظه الله في حركاته في سره وعلانيته"
ابوبيان غير متواجد حالياً   رد مع اقتباس
  #1  
قديم 09-10-2017 , 01:18 PM
ابوبيان ابوبيان غير متواجد حالياً
عضو مميز
تاريخ التسجيل: Sep 2011
المشاركات: 2,642
افتراضي III إن الله كان عليكم رقيبا iiii

إن الله كان عليكم رقيبا

الحمد لله الأول الذي ليس له ابتداء، الأخر الذي ليس له انتهاء، الصمد الذي ليس له وزراء،
الواحد الذي ليس له شركاء، تكلم بكلام قديم أزلي في الأزل، وتفرد بالعز الذي لم يزل، وتنزه عن النقائص والعلل، وتقدس عن الفتور والخلل، سبحانه قسم عطائه بين عباده، وأبرم قضائه
فلا معارض، له في مراده، وسبقت عنايته وولايته لآهل وداده، وخصهم برعايته وكفايته وإسعاده.


واشهد أن لا إله إلا الله، وحده لا شريك له، له الملك، وله الحمد وهو على كل شيء قدير
سبحانه يقول بلسان الحال

تعصي وتجهر بالعصيان إعلانا وأستر الذنب إنعاما وإحسانا
ولا أجازي مسيئا بالفعل ولا أجزي الذي تاه عصيانا وعدوانا
ومن أتى تائبا بالذل منكسرا نعطيه من فضلنا عفوا وغفرانا

وأشهد أن سيدنا وحبيبنا وشفيعنا محمد عبد الله ورسوله وصفيه من خلقه وحبيبه
خير الانام حبيب الله شافعنا غيث وعون له الإحسان والكرم
ما نال فخر المصطفى أحد من الأنام له البرهان والحكم
ماذا أقول بوصفي في الرسول وقد أثنى عليه إله واحد حكم
صلى عليه إله العرش ما طلعت شمس وما لاح ثغر البرق يبتسم
وعلى آله وأصحابه ومن سار على نهجه وتمسك بسنته واقتدى بهديه واتبعهم بإحسان
إلى يوم الدين ونحن معهم يا أرحم الراحمين

العناصر
أولًا: الترغيب في مراقبة الله
ثانيًا: أنواع المراقبة وحال السلف في مراقبتهم لله
ثالثًا: نماذج لمن راقبوا الله في سرهم وعلانيتهم
رابعًا: الوسائل المعينة على مراقبة الله
خامسًا: الترهيب من التخلي عن المراقبة

تعريفها :
قال ابن القيّم :
المراقبة دوام علم العبد وتيقّنه باطّلاع الحقّ سبحانه وتعالى على ظاهره وباطنه .
وقال المحاسبيّ: المراقبة: دوام علم القلب بعلم الله- عزّ وجلّ- في السّكون والحركة علما لازما مقترنا بصفاء اليقين. أمّا أوّل المراقبة فهو علم القلب بقرب الرّبّ عزّ وجلّ

أولًا: الترغيب في مراقبة الله

1- من صفات الأنبياء
قال تعالى: " وَرَاوَدَتْهُ الَّتِي هُوَ فِي بَيْتِهَا عَنْ نَفْسِهِ وَغَلَّقَتِ الْأَبْوَابَ وَقَالَتْ هَيْتَ لَكَ قَالَ مَعَاذَ اللَّهِ إِنَّهُ رَبِّي أَحْسَنَ مَثْوَايَ إِنَّهُ لَا يُفْلِحُ الظَّالِمُونَ (23)" يوسف
يخبر تعالى عن امرأة العزيز التي كان يوسف في بيتها بمصر، وقد أوصاها زوجها به وبإكرامه
[ { وَرَاوَدَتْهُ الَّتِي هُوَ فِي بَيْتِهَا] عَنْ نَفْسِهِ }
ي: حاولته على نفسه، ودعته إليها، وذلك أنها أحبته حبًا شديدًا لجماله وحسنه وبهائه، فحملها ذلك على أن تجملت له، وغلقت عليه الأبواب، ودعته إلى نفسها، { وَقَالَتْ هَيْتَ لَكَ } فامتنع من ذلك أشد الامتناع، و { قَالَ مَعَاذَ اللَّهِ إِنَّهُ رَبِّي [أَحْسَنَ مَثْوَايَ] } وكانوا يطلقون "الرب"
على السيد والكبير، أي: إن بعلك ربي أحسن مثواي أي: منزلي وأحسن إلي، فلا أقابله بالفاحشة في أهله، { إِنَّهُ لا يُفْلِحُ الظَّالِمُونَ } قال ذلك مجاهد، والسدي، ومحمد بن إسحاق، وغيرهم ([1]).

2- من صفات المتقين

قال تعالى: " وَلَقَدْ آَتَيْنَا مُوسَى وَهَارُونَ الْفُرْقَانَ وَضِيَاءً وَذِكْرًا لِلْمُتَّقِينَ (48)
الَّذِينَ يَخْشَوْنَ رَبَّهُمْ بِالْغَيْبِ وَهُمْ مِنَ السَّاعَةِ مُشْفِقُونَ (49)" الأنبياء

3- هداية الله لهم

قال تعالى: " اللَّهُ نَزَّلَ أَحْسَنَ الْحَدِيثِ كِتَابًا مُتَشَابِهًا مَثَانِيَ تَقْشَعِرُّ مِنْهُ جُلُودُ الَّذِينَ يَخْشَوْنَ رَبَّهُمْ ثُمَّ تَلِينُ جُلُودُهُمْ
وَقُلُوبُهُمْ إِلَى ذِكْرِ اللَّهِ ذَلِكَ هُدَى اللَّهِ يَهْدِي بِهِ مَنْ يَشَاءُ وَمَنْ يُضْلِلِ اللَّهُ فَمَا لَهُ مِنْ هَادٍ (23)"
الزمر.

4- تبديل السيئات إلى حسنات

عَنْ هَمَّامِ بْنِ مُنَبِّهٍ قَالَ هَذَا مَا حَدَّثَنَا أَبُو هُرَيْرَةَ عَنْ مُحَمَّدٍ رَسُولِ اللَّهِ -صلى الله عليه وسلم- فَذَكَرَ أَحَادِيثَ مِنْهَا قَالَ قَالَ رَسُولُ اللَّهِ -صلى الله عليه وسلم- « قَالَ اللَّهُ عَزَّ وَجَلَّ إِذَا تَحَدَّثَ عَبْدِى بِأَنْ يَعْمَلَ حَسَنَةً فَأَنَا أَكْتُبُهَا لَهُ حَسَنَةً مَا لَمْ يَعْمَلْ فَإِذَا عَمِلَهَا فَأَنَا أَكْتُبُهَا بِعَشْرِ أَمْثَالِهَا وَإِذَا تَحَدَّثَ بِأَنْ يَعْمَلَ سَيِّئَةً فَأَنَا أَغْفِرُهَا لَهُ مَا لَمْ يَعْمَلْهَا فَإِذَا عَمِلَهَا فَأَنَا أَكْتُبُهَا لَهُ بِمِثْلِهَا »([2]).

5- في ظل عرش الرحمن

عن أَبِي هُرَيْرَةَ، عَنِ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم، قَالَ: سَبْعَةٌ يُظِلُّهُمُ اللهُ فِي ظِلِّهِ يَوْمَ لاَ ظِلَّ إِلاَّ ظِلُّهُ:
الإِمَامُ الْعَادِلُ، وَشَابٌّ نَشَأَ فِي عِبَادَةِ رَبِّهِ، وَرَجُلٌ قَلْبُهُ مُعَلَّقٌ فِي الْمَسَاجِدِ، وَرَجُلاَنِ تَحَابَّا فِي اللهِ، اجْتَمَعَا عَلَيْهِ وَتَفَرَّقَا عَلَيْهِ، وَرَجُلٌ طَلَبَتْهُ امْرَأَةٌ ذَاتُ مَنْصِبٍ وَجَمَالٍ، فَقَالَ إِنِّي أَخَافُ اللهَ، وَرَجُلٌ تَصَدَّقَ أَخْفَى حَتَّى لاَ تَعْلَمَ شِمَالُهُ مَا تُنْفِقُ يَمِينُهُ، وَرَجُلٌ ذَكَرَ اللهَ خَالِيًا فَفَاضَتْ عَيْنَاهُ" ([3])
فهذا الرجل الذي دعته المرأة لم ينأ عن سبيلها إلا بمراقبة ربه.

6- الوصول إلى أعلى درجات الطاعة

سأل سيدنا جبريل رسول الله r قَالَ يَا رَسُولَ اللَّهِ مَا الإِحْسَانُ قَالَ « أَنْ تَعْبُدَ اللَّهَ كَأَنَّكَ تَرَاهُ فَإِنَّكَ إِنْ
لاَ تَرَاهُ فَإِنَّهُ يَرَاكَ » ([4]).
عن أبي هُرَيْرَةَ - رضى الله عنه - قَالَ سَمِعْتُ رَسُولَ اللَّهِ -صلى الله عليه وسلم- يَقُولُ
« قَالَ اللَّهُ عَزَّ وَجَلَّ كُلُّ عَمَلِ ابْنِ آدَمَ لَهُ إِلاَّ الصِّيَامَ هُوَ لِى وَأَنَا أَجْزِى بِهِ فَوَالَّذِى نَفْسُ مُحَمَّدٍ بِيَدِهِ لَخِلْفَةُ فَمِ الصَّائِمِ أَطْيَبُ عِنْدَ اللَّهِ مِنْ رِيحِ الْمِسْكِ » ([5]). فلا يدخله صيامه رياء.

7- المغفرة والأجر الكبير

قال تعالى: "إِنَّ الَّذِينَ يَخْشَوْنَ رَبَّهُمْ بِالْغَيْبِ لَهُمْ مَغْفِرَةٌ وَأَجْرٌ كَبِيرٌ (12)" الملك.


8- دخول الجنة
قال تعالى: "جَزَاؤُهُمْ عِنْدَ رَبِّهِمْ جَنَّاتُ عَدْنٍ تَجْرِي مِنْ تَحْتِهَا الْأَنْهَارُ خَالِدِينَ فِيهَا أَبَدًا رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمْ وَرَضُوا عَنْهُ ذَلِكَ لِمَنْ خَشِيَ رَبَّهُ (8)" البينة.
وقال تعالى: "وَأُزْلِفَتِ الْجَنَّةُ لِلْمُتَّقِينَ غَيْرَ بَعِيدٍ (31) هَذَا مَا تُوعَدُونَ لِكُلِّ أَوَّابٍ حَفِيظٍ (32) مَنْ خَشِيَ الرَّحْمَنَ بِالْغَيْبِ وَجَاءَ بِقَلْبٍ مُنِيبٍ (33) ادْخُلُوهَا بِسَلَامٍ ذَلِكَ يَوْمُ الْخُلُودِ (34) لَهُمْ مَا يَشَاءُونَ فِيهَا وَلَدَيْنَا مَزِيدٌ (35)" سورة ق.
{ أُزْلِفَتِ } أدنيت وقربت من المتقين، { غَيْرَ بَعِيدٍ } وذلك يوم القيامة، وليس ببعيد؛
لأنه واقع لا محالة، وكل ما هو آت آت، { هَذَا مَا تُوعَدُونَ لِكُلِّ أَوَّابٍ } (6)
أي: رجاع تائب مقلع، { حفيظ } أي: يحفظ العهد فلا ينقضه ولا ينكثه،
{ مَنْ خَشِيَ الرَّحْمَنَ بِالْغَيْبِ } أي: من خاف الله في سره حيث لا يراه أحد إلا الله { وَجَاءَ بِقَلْبٍ مُنِيبٍ } أي: ولقي الله يوم القيامة بقلب سليم منيب إليه خاضع لديه، { ادْخُلُوهَا } أي: الجنة { بِسَلامٍ } ، قال قتادة: سلموا من عذاب الله، وسلم عليهم ملائكة الله، وقوله: { ذَلِكَ يَوْمُ الْخُلُودِ } أي: يخلدون في الجنة فلا يموتون أبدًا، ولا يظعنون أبدًا، ولا يبغون عنها حولا، وقوله: { لَهُمْ مَا يَشَاءُونَ فِيهَا } أي: مهما اختاروا وجدوا من أي أصناف الملاذ طلبوا أحضر لهم، { وَلَدَيْنَا مَزِيدٌ } كقوله تعالى:
{ لِلَّذِينَ أَحْسَنُوا الْحُسْنَى وَزِيَادَةٌ } [ يونس: 26]: أنها النظر إلى وجه الله الكريم ([6])

9- لا يخفى على الله شيء

قال تعالى: " أَمْ يَحْسَبُونَ أَنَّا لَا نَسْمَعُ سِرَّهُمْ وَنَجْوَاهُمْ بَلَى وَرُسُلُنَا لَدَيْهِمْ يَكْتُبُونَ (80)" الزخرف.
أي أي: سرهم وعلانيتهم، { بَلَى وَرُسُلُنَا لَدَيْهِمْ يَكْتُبُونَ } أي: نحن نعلم ما هم عليه، والملائكة أيضا يكتبون أعمالهم، صغيرها وكبيرها ([7]).
قال تعالى: " { وَلَقَدْ خَلَقْنَا الإنْسَانَ وَنَعْلَمُ مَا تُوَسْوِسُ بِهِ نَفْسُهُ وَنَحْنُ أَقْرَبُ إِلَيْهِ مِنْ حَبْلِ الْوَرِيدِ (16) إِذْ يَتَلَقَّى الْمُتَلَقِّيَانِ عَنِ الْيَمِينِ وَعَنِ الشِّمَالِ قَعِيدٌ (17) مَا يَلْفِظُ مِنْ قَوْلٍ إِلا لَدَيْهِ رَقِيبٌ عَتِيدٌ (18)" سورة ق.
قال ابن كثير: يخبر تعالى عن قدرته على الإنسان بأنه خالقه، وعلمه محيط بجميع أموره، حتى إنه تعالى يعلم ما توسوس به نفوس بني آدم من الخير والشر، وقوله:
{ وَنَحْنُ أَقْرَبُ إِلَيْهِ مِنْ حَبْلِ الْوَرِيدِ } يعني: ملائكته تعالى أقربُ إلى الإنسان من حبل وريده،
{ مَا يَلْفِظُ } أي: ابن آدم { مِنْ قَوْلٍ } أي: ما يتكلم بكلمة { إِلا لَدَيْهِ رَقِيبٌ عَتِيدٌ } أي: إلا ولها من يراقبها معتد (9) لذلك يكتبها، لا يترك كلمة ولا حركة، كما قال تعالى: { وَإِنَّ عَلَيْكُمْ لَحَافِظِينَ كِرَامًا كَاتِبِينَ يَعْلَمُونَ مَا تَفْعَلُونَ } [ الانفطار: 10 -12 ]. ([8])
وقال حميد الطويل لسليمان بن علي: عظني. فقال: لئن كنت إذا عصيت خاليا ظننت أنَّه يراك لقد اجترأت على أمر عظيم، ولئن كنت تظن أنه لا يراك فلقد كفرت.
وقال ابن القيم رحمه الله: "وأرباب الطريق مجمعون على أن مراقبة الله تعالى في الخواطر سبب لحفظها في حركات الظواهر، فمن راقب الله في سره حفظه الله في حركاته في سره وعلانيته"
رد مع اقتباس