عرض مشاركة واحدة
قديم 01-02-2014, 09:32 PM   #50
شابوري
عضو غير حقيقي
 
تاريخ التسجيل: Dec 2013
الدولة: بالجرشي / قرية البكير/ شابور
المشاركات: 2,648
افتراضي رد: ان احسنت الاختيار فمن الله و ان غير ذلك فمني .. ادخل




المؤمن سليم الصدر لا يحسد ولا يحقد


.
-
وأن أدنى ثمرات المحبة التي يغرسها الإيمان في قلب المؤمن هي سلامته من الغل والحسد، فإن أنوار الإيمان كفيلة أن تبدد دياجير الحسد من قلبه، وبذلك يمسي ويصبح سليم الصدر، نقي الفؤاد، يدعو بما دعا به الصالحون (ربنا اغفر لنا ولإخواننا الذين سبقونا بالإيمان ولا تجعل في قلوبنا غلاً للذين آمنوا ربنا إنك رؤوف رحيم) (الحشر: 10).
المؤمن لا يحسد، لأن الحسد -كما سماه رسول الله- "داء" من أدواء الأمم، داء نفسي يصنع بالروح ما تصنع الأوبئة بالأجسام، فهو غم على صاحبه، ونكد دائم له، وغيظ لقلبه لا ينتهي أمده، بل هو داء جسدي أيضاً: ينهك القوى، ويؤذى البدن، ويغير الوجه، وقد قال حكيم:


لله در الحسد ما أعدله


بدأ بصاحبه فقتله!!


وقال شاعر:




اصبر على كيد الحسو


د فإن صبرك قاتله



النار تأكل نفسهــا


إن لم تجد ما تأكله


والمؤمن لا يحسد، لأنه يحب الخير لعباد الله جميعاً، وهو لا يعارض ربه في رعاية خلقه أو تقسيم رزقه (إن ربك يبسط الرزق لمن يشاء ويقدر، إنه كان بعباده خبيراً بصيراً) (الإسراء: 30).
إنه مؤمن بعدل ربه فيما قسم من حظوظ، وما وزع من مواهب، ويعتقد أن قضاءه تعالى في خلقه صادر عن حكمة بالغة يعرف منها ويجهل، وقد قيل: "الحاسد جاحد؛ لأنه لم يرض بقضاء الواحد". (أم يحسدون الناس على ما أتاهم الله من فضله) (النساء: 54).
ومن هنا نرى المؤمن لا يفرح بالمصيبة تنـزل بغيره، ولا يحزن للنعمة يسوقها الله إلى عبد من عباده، بل يقول ما علمه النبي الكريم "اللهم ما أصبح بي من نعمة أو بأحد من خلقك فمنك وحدك لا شريك لك فلك الحمد ولك الشكر".
والمؤمن لا يحسد، لأن همته منوطة بما هو أرفع وأبقى من الدنيا التي يتنافس عليها الناس، ويتحاسدون، وإنما يوجه همته إلى معالي الأمور، إلى المعاني الباقية: إلى الآخرة والجنة.
روى البخاري عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال: "لا حسد إلا في اثنتين: رجل آتاه الله مالاً فسلطه على هلكته في الحق، ورجل آتاه الله الحكمة فهو يقضي بها ويعلمها". (وفي ذلك فليتنافس المتنافسون) (المطففين: 26) (سابقوا إلى مغفرة من ربكم وجنة) (الحديد: 21).
قال الحسن البصري: يا ابن أدم: لم تحسد أخاك؟ فإن كان الذي أعطاه الله لكرامته عليه فلماذا تحسد من أكرمه الله؟ وإن كان غير ذلك فلم تحسد من مصيره إلى النار؟، وقال ابن سيرين: ما حسدت أحداً على شيء من أمر الدنيا … إن كان من أهل الجنة فكيف أحسده على الدنيا وهي حقيرة في جنب الجنة؟ وإن كان من أهل النار فكيف أحسده على الدنيا وهو يصير إلى النار؟".
والمؤمن لا يحقد، لأنه عفو كريم، يكظم غيظه وهو يستطيع أن يمضيه، ويعفو وهو قادر على الانتقام، ويتسامح وهو صاحب الحق، لا يشغل نفسه بالخصام والعداوات، فالعمر لا يتسع لمثل هذا العداء، والدنيا لا تستحق عنده هذا العناء. فكيف يسلم قلبه لله للعداوة والأحقاد فتنهشها أفاعيها السامة؟ وكيف يبيت وفي قلبه لأخيه شحناء العداء فيبيت بعيداً عن رحمة الله؟ في الحديث: "تعرض الأعمال كل يوم اثنين وخميس، فيغفر الله عز وجل في ذلك اليوم لكل امرئ لا يشرك بالله شيئاً، إلا امرءاً كانت بينه وبين أخيه شحناء، فيقول: اتركوا هذين حتى يصطلحا" رواه مسلم.
والمؤمن لا يحسد ولا يبغض، لأن الحسد والبغضاء من بذور الشيطان، والمحبة والصفاء من غرس الرحمن (إنما يريد الشيطان أن يوقع بينكم العداوة والبغضاء) (المائدة: 91) (عسى الله أن يجعل بينكم وبين الذين عاديتم منهم مودة) (الممتحنة: 7) (إن الذين آمنوا وعملوا الصالحات سيجعل لهم الرحمن وداً) (مريم: 96).
هذا -وسلامة القلب من الضغن والحسد أول ما يتصف به المؤمن، بل أدنى ما يتصف به. ولا يكمل إيمان المؤمن حتى يحب لأخيه ما يحب لنفسه، ويكره له ما يكره لنفسه.
فأين من هذه المعاني الرفيعة ما تنادي به اليوم دعوات هدامة. كل همها زرع الأحقاد وبث البغضاء والكراهية والعداوة بين الطوائف والطبقات، حتى يعيش الناس في تنازع وصراع دائم، يتسللون من ورائه إلى الحكم والسلطان؟!!


وبا الله التوفيق
شابوري غير متواجد حالياً   رد مع اقتباس
  #50  
قديم 01-02-2014 , 09:32 PM
شابوري شابوري غير متواجد حالياً
عضو غير حقيقي
تاريخ التسجيل: Dec 2013
الدولة: بالجرشي / قرية البكير/ شابور
المشاركات: 2,648
افتراضي رد: ان احسنت الاختيار فمن الله و ان غير ذلك فمني .. ادخل




المؤمن سليم الصدر لا يحسد ولا يحقد


.
-
وأن أدنى ثمرات المحبة التي يغرسها الإيمان في قلب المؤمن هي سلامته من الغل والحسد، فإن أنوار الإيمان كفيلة أن تبدد دياجير الحسد من قلبه، وبذلك يمسي ويصبح سليم الصدر، نقي الفؤاد، يدعو بما دعا به الصالحون (ربنا اغفر لنا ولإخواننا الذين سبقونا بالإيمان ولا تجعل في قلوبنا غلاً للذين آمنوا ربنا إنك رؤوف رحيم) (الحشر: 10).
المؤمن لا يحسد، لأن الحسد -كما سماه رسول الله- "داء" من أدواء الأمم، داء نفسي يصنع بالروح ما تصنع الأوبئة بالأجسام، فهو غم على صاحبه، ونكد دائم له، وغيظ لقلبه لا ينتهي أمده، بل هو داء جسدي أيضاً: ينهك القوى، ويؤذى البدن، ويغير الوجه، وقد قال حكيم:


لله در الحسد ما أعدله


بدأ بصاحبه فقتله!!


وقال شاعر:




اصبر على كيد الحسو


د فإن صبرك قاتله



النار تأكل نفسهــا


إن لم تجد ما تأكله


والمؤمن لا يحسد، لأنه يحب الخير لعباد الله جميعاً، وهو لا يعارض ربه في رعاية خلقه أو تقسيم رزقه (إن ربك يبسط الرزق لمن يشاء ويقدر، إنه كان بعباده خبيراً بصيراً) (الإسراء: 30).
إنه مؤمن بعدل ربه فيما قسم من حظوظ، وما وزع من مواهب، ويعتقد أن قضاءه تعالى في خلقه صادر عن حكمة بالغة يعرف منها ويجهل، وقد قيل: "الحاسد جاحد؛ لأنه لم يرض بقضاء الواحد". (أم يحسدون الناس على ما أتاهم الله من فضله) (النساء: 54).
ومن هنا نرى المؤمن لا يفرح بالمصيبة تنـزل بغيره، ولا يحزن للنعمة يسوقها الله إلى عبد من عباده، بل يقول ما علمه النبي الكريم "اللهم ما أصبح بي من نعمة أو بأحد من خلقك فمنك وحدك لا شريك لك فلك الحمد ولك الشكر".
والمؤمن لا يحسد، لأن همته منوطة بما هو أرفع وأبقى من الدنيا التي يتنافس عليها الناس، ويتحاسدون، وإنما يوجه همته إلى معالي الأمور، إلى المعاني الباقية: إلى الآخرة والجنة.
روى البخاري عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال: "لا حسد إلا في اثنتين: رجل آتاه الله مالاً فسلطه على هلكته في الحق، ورجل آتاه الله الحكمة فهو يقضي بها ويعلمها". (وفي ذلك فليتنافس المتنافسون) (المطففين: 26) (سابقوا إلى مغفرة من ربكم وجنة) (الحديد: 21).
قال الحسن البصري: يا ابن أدم: لم تحسد أخاك؟ فإن كان الذي أعطاه الله لكرامته عليه فلماذا تحسد من أكرمه الله؟ وإن كان غير ذلك فلم تحسد من مصيره إلى النار؟، وقال ابن سيرين: ما حسدت أحداً على شيء من أمر الدنيا … إن كان من أهل الجنة فكيف أحسده على الدنيا وهي حقيرة في جنب الجنة؟ وإن كان من أهل النار فكيف أحسده على الدنيا وهو يصير إلى النار؟".
والمؤمن لا يحقد، لأنه عفو كريم، يكظم غيظه وهو يستطيع أن يمضيه، ويعفو وهو قادر على الانتقام، ويتسامح وهو صاحب الحق، لا يشغل نفسه بالخصام والعداوات، فالعمر لا يتسع لمثل هذا العداء، والدنيا لا تستحق عنده هذا العناء. فكيف يسلم قلبه لله للعداوة والأحقاد فتنهشها أفاعيها السامة؟ وكيف يبيت وفي قلبه لأخيه شحناء العداء فيبيت بعيداً عن رحمة الله؟ في الحديث: "تعرض الأعمال كل يوم اثنين وخميس، فيغفر الله عز وجل في ذلك اليوم لكل امرئ لا يشرك بالله شيئاً، إلا امرءاً كانت بينه وبين أخيه شحناء، فيقول: اتركوا هذين حتى يصطلحا" رواه مسلم.
والمؤمن لا يحسد ولا يبغض، لأن الحسد والبغضاء من بذور الشيطان، والمحبة والصفاء من غرس الرحمن (إنما يريد الشيطان أن يوقع بينكم العداوة والبغضاء) (المائدة: 91) (عسى الله أن يجعل بينكم وبين الذين عاديتم منهم مودة) (الممتحنة: 7) (إن الذين آمنوا وعملوا الصالحات سيجعل لهم الرحمن وداً) (مريم: 96).
هذا -وسلامة القلب من الضغن والحسد أول ما يتصف به المؤمن، بل أدنى ما يتصف به. ولا يكمل إيمان المؤمن حتى يحب لأخيه ما يحب لنفسه، ويكره له ما يكره لنفسه.
فأين من هذه المعاني الرفيعة ما تنادي به اليوم دعوات هدامة. كل همها زرع الأحقاد وبث البغضاء والكراهية والعداوة بين الطوائف والطبقات، حتى يعيش الناس في تنازع وصراع دائم، يتسللون من ورائه إلى الحكم والسلطان؟!!


وبا الله التوفيق
رد مع اقتباس