عرض مشاركة واحدة
قديم 20-07-2016, 08:16 PM   #47
ابوبيان
عضو مميز
 
تاريخ التسجيل: Sep 2011
المشاركات: 2,642
افتراضي رد: !!! أحصــــــــــــــاه الله ونســـــــــــــوه !!!

ظلال أهل الجنة
وقوله تعالى: هُمْ وَأَزْوَاجُهُمْ [يس:56]، إما أن يكون المراد بالأزواج: الأشباه، كما في قول الله عز وجل: احْشُرُوا الَّذِينَ ظَلَمُوا وَأَزْوَاجَهُمْ[الصافات:22] بمعنى: أشباههم وأمثالهم ونظائرهم، وإما أن يكون المراد بالأزواج: الزوجات.وقوله: فِي ظِلالٍ))؛ لأن الجنة كما قال ربنا جل جلاله: لا يَرَوْنَ فِيهَا شَمْساً وَلا زَمْهَرِيراً [الإنسان:13]، وكما في الحديث: ( إن في الجنة شجرة يسير الراكب في ظلها مائة عام لا يقطعها )، مائة سنة يمشي في ظلها، وليس المراد بالظل أنه ظل من الشمس، كما أن الطعام في الجنة ليس طعاماً من جوع، ولا الشراب في الجنة شراب على ظمأ، وإنما كل ما في الجنة نعيم، لا عن حاجة وإنما عن تفكه، فالإنسان في الدنيا يأكل من أجل أن يقتات، من أجل أن تبقى فيه قوته، من أجل أن تدوم له حياته، ولو منع من الطعام لمات، أما أهل الجنة فإنهم لا يأكلون عن جوع ولا يشربون عن ظمأ، ولا يستظلون من شمس، كما أنهم لا يعبدون عن تكليف، يعني: أهل الجنة يستمتعون بقراءة القرآن، يستمتعون بالصلاة، يستمتعون بذكر الله، يستمتعون بإفشاء السلام فيما بينهم؛ لا يَسْمَعُونَ فِيهَا لَغْواً وَلا تَأْثِيماً * إِلاَّ قِيلاً سَلاماً سَلاماً [الواقعة:25-26]، نحن في الدنيا مكلفون بإفشاء السلام تكليفاً، أما أهل الجنة فهذا كله يستمتعون به استمناعاً.وقوله: هُمْ وَأَزْوَاجُهُمْ فِي ظِلالٍ[يس:56]، هي كما قال ربنا جل جلاله: إِنَّ الْمُتَّقِينَ فِي ظِلالٍ وَعُيُونٍ [المرسلات:41].
أرائك أهل الجنة
قوله تعالى: عَلَى الأَرَائِكِ[يس:56]، (الأرائك) جمع أريكة، وهي: السرر المزينة بأنواع اللباس والرياش، سرر مزينة وصفها ربنا جل جلاله في آية أخرى بأنها مصفوفة، وأنها مرفوعة، وفي سورة الكهف قال: أُوْلَئِكَ لَهُمْ جَنَّاتُ عَدْنٍ تَجْرِي مِنْ تَحْتِهِمْ الأَنْهَارُ يُحَلَّوْنَ فِيهَا مِنْ أَسَاوِرَ مِنْ ذَهَبٍ وَيَلْبَسُونَ ثِيَاباً خُضْراً مِنْ سُندُسٍ وَإِسْتَبْرَقٍ مُتَّكِئِينَ فِيهَا عَلَى الأَرَائِكِ نِعْمَ الثَّوَابُ وَحَسُنَتْ مُرْتَفَقاً [الكهف:31]، فهؤلاء أهل الجنة يجلسون على تلك السرر المزينة بأنواع اللباس والحجال.وقوله: مُتَّكِئُونَ[يس:56]، وفي قراءة: متكون، وهناك في سورة الكهف: مُتَّكِئِينَ فِيهَا عَلَى الأَرَائِكِ[الكهف:31]، يعني: يجلسون جلسة الراحة والرفاهية والطمأنينة، بينما كانوا في الدنيا ممنوعين منها، فقد نهانا الرسول صلى الله عليه وسلم أن يأكل أحدنا متكئاً أو يشرب متكئاً، لربما بعض الناس يؤتى بالطعام أو الشراب وهو لا يعاني علة ولا مرضاً فيأكل متكئاً أو يشرب متكئاً، وهذا مكروه، قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ( لا آكل متكئاً ولا أجلس متكئاً، إنما أنا عبد آكل كما يأكل العبد وأجلس كما يجلس العبد )، عليه الصلاة والسلام.
الفواكه في الجنة
وقوله تعالى: لَهُمْ فِيهَا فَاكِهَةٌ [يس:57] لهم في الجنة فاكهة، وهذه الفاكهة من كل شيء، كما قال ربنا جل جلاله: فِيهِمَا مِنْ كُلِّ فَاكِهَةٍ زَوْجَانِ [الرحمن:52]، (من كل فاكهة)، من كل ما يخطر وما لا يخطر بالبال، قال صلى الله عليه وسلم: ( فيها ما لا عين رأت، ولا أذن سمعت، ولا خطر على قلب بشر )، وقرب الله إلينا المعنى في قوله: فِيهِمَا فَاكِهَةٌ وَنَخْلٌ وَرُمَّانٌ [الرحمن:68]، وإذا سمعت أن في الجنة رماناً أو تمراً أو عنباً أو خمراً أو عسلاً أو ماء أو لبناً.. فلا يخطرن ببالك شيء مما في الدنيا؛ فإذا سمعت عنباً فلا يخطر ببالك عنب الدنيا، وإذا سمعت رماناً فلا يخطر ببالك رمان الدنيا، قال ابن عباس : والله ما في الدنيا شيء مما في الجنة إلا الأسماء، الأسماء فقط مشتركة، ولكن الحقائق مختلفة تماماً.قال الله عز وجل: كُلَّمَا رُزِقُوا مِنْهَا مِنْ ثَمَرَةٍ رِزْقاً قَالُوا هَذَا الَّذِي رُزِقْنَا مِنْ قَبْلُ[البقرة:25]، ففي الجنة إذا جيء لك بعنب ثم جيء لك بعنب، تقول: هذا الذي رزقنا من قبل فقال الله عز وجل: وَأُتُوا بِهِ مُتَشَابِهاً[البقرة:25]، يقول لك خدم الجنة: اللون واحد ولكن الطعم مختلف، ذق وجرب، قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ( إن أدنى أهل الجنة منزلة من يقوم على رأسه عشرة آلاف خادم، مع كل خادم صحفتان، واحدة من ذهب وأخرى من فضة، في كل واحدة لون من الطعام ليس في الأخرى، يأكل من آخره مثل ما يأكل من أوله، يجد لآخره من اللذة ما لا يجد لأوله )، يعني: كل دخلة من خدم الجنة فيها عشرون ألف صنف، قد يقول قائل من الناس: والله أنا في الدنيا معي نفس النعيم، نقول له: لكن هل تستطيع أن تأكل منها كلها؟! وهل عندك ماعون يسع ذلك؟! الجواب: لا يستطيع؛ بل ربما بعد خمس دقائق، أو بعد عشر دقائق، لا يستطيع أن يدخل حبة واحدة أو لقمة واحدة، فابن آدم وعاؤه يمتلئ، قال صلى الله عليه وسلم: ( ما ملأ آدمي وعاء شراً من بطنه )، فهذه البطن تمتلئ، ربما الإنسان لو أكل خمس تمرات، سبع تمرات، عشر تمرات، عشرين تمرة، بعد ذلك لا يستطيع أن يدخل شيئاً آخر، أما أهل الجنة فنعيمهم دائم، نسأل الله أن يجعلنا منهم.وقوله: وَلَهُمْ مَا يَدَّعُونَ [يس:57]، أي: ما يطلبون، كل ما يطلبون يجدونه، مهما يشتهون في الجنة يجدونه، ما على الواحد منهم إذا خطر بباله شيء إلا أن يقول: سبحانك اللهم فقط هذه الكلمة! سبحانك اللهم، أشتهي حريراً، أشتهي زوجة، أشتهي طعاماً، شراباً، مركباً، ملبساً، وسوف يجد ذلك كله.
تسليم الله والملائكة على أهل الجنة
وقوله تعالى: سَلامٌ قَوْلاً مِنْ رَبٍّ رَحِيمٍ [يس:58]، أي: ولهم سلام، يعني: مع الأزواج ومع الفاكهة ومع شهواتهم كلها، مع هذا كله لهم سلام، وهذا السلام ليس من واحد من المخلوقات، وإنما من الرب الرحيم جل جلاله، قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ( بينما أهل الجنة في نعيمهم إذ سطع لهم نور من فوقهم فرفعوا رءوسهم، فإذا الرب جل جلاله يقول لهم: السلام عليكم يا أهل الجنة! فما أعطوا شيئاً أحب إليهم من النظر إليه )، نسأل الله أن يجعلنا منهم، قال تعالى: وُجُوهٌ يَوْمَئِذٍ نَاضِرَةٌ * إِلَى رَبِّهَا نَاظِرَةٌ [القيامة:22-23]، وقال سبحانه: لِلَّذِينَ أَحْسَنُوا الْحُسْنَى وَزِيَادَةٌ[يونس:26].ومن الأسباب التي تؤهلك لهذا النعيم: المحافظة على صلاة الصبح وصلاة العصر، قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ( إنكم سترون ربكم كما ترون القمر ليلة البدر، فمن استطاع منكم ألا يغلب على صلاة قبل طلوع الشمس وقبل غروبها فليفعل )، فالذي يحافظ على صلاة الصبح وعلى صلاة العصر إن شاء الله يتمتع بالنظر إلى وجه الله جل جلاله.وقوله: سَلامٌ قَوْلاً مِنْ رَبٍّ رَحِيمٍ [يس:58]، (قولاً) هاهنا تمييز، يبين ربنا جل جلاله أن التسليم حقيقي وليس مجازياً، يسلم ربنا جل جلاله على أهل الجنة، وكذلك الملائكة تسلم عليهم، كما قال ربنا: وَالْمَلائِكَةُ يَدْخُلُونَ عَلَيْهِمْ مِنْ كُلِّ بَابٍ * سَلامٌ عَلَيْكُمْ بِمَا صَبَرْتُمْ فَنِعْمَ عُقْبَى الدَّارِ [الرعد:23-24]، وقال الله عز وجل: وَتَحِيَّتُهُمْ فِيهَا سَلامٌ وَآخِرُ دَعْوَاهُمْ أَنْ الْحَمْدُ لِلَّهِ رَبِّ الْعَالَمِينَ [يونس:10]، وقال: الَّذِينَ تَتَوَفَّاهُمْ الْمَلائِكَةُ طَيِّبِينَ يَقُولُونَ سَلامٌ عَلَيْكُمْ[النحل:32]، وقال: وَسِيقَ الَّذِينَ اتَّقَوْا رَبَّهُمْ إِلَى الْجَنَّةِ زُمَراً حَتَّى إِذَا جَاءُوهَا وَفُتِحَتْ أَبْوَابُهَا وَقَالَ لَهُمْ خَزَنَتُهَا سَلامٌ عَلَيْكُمْ طِبْتُمْ فَادْخُلُوهَا خَالِدِينَ [الزمر:73]، فلا يسمعون إلا السلام من كل مكان، والجزاء من جنس العمل، فمن أفشى السلام في الدنيا وألقاه على من يعرف ومن لا يعرف، فهذا من الأسباب التي توصله إلى الجنة، كما قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ( أفشوا السلام، وأطعموا الطعام، وصلوا الأرحام، وصلوا بالليل والناس نيام؛ تدخلوا الجنة بسلام )، وقال عليه الصلاة والسلام: ( لن تدخلوا الجنة حتى تؤمنوا ولن تؤمنوا حتى تحابوا، ألا أدلكم على شيء إذا فعلتموه تحاببتم؟ أفشوا السلام بينكم )؛ ولذلك الرسول صلى الله عليه وسلم كان يسلم على من مر بهم، إذا مر على رجال سلم، وإذا مر على نساء سلم، وإذا مر على صبيان سلم، فهذا من تواضعه عليه الصلاة والسلام، حتى الصغار كان يسلم عليهم صلوات ربي وسلامه عليه.وقوله: مِنْ رَبٍّ رَحِيمٍ ))، من رب يظللكم برحمته، رحمته معكم إذا أصبحتم، وإذا أمسيتم، أنتم في الجنة تعيشون في رحمة الله وقد دخلتموها برحمة الله، كما قال صلى الله عليه وسلم: ( لن يدخل أحد الجنة بعمله، قالوا: ولا أنت يا رسول الله؟ قال: ولا أنا، إلا أن يتغمدني الله برحمة منه وفضل ).
تفسير قوله تعالى: (وامتازوا اليوم أيها المجرمون)
ثم قال سبحانه فبعدما قال لأهل الجنة: اذهبوا إلى الجنة، وادخلوها خالدين، يقال: وَامْتَازُوا الْيَوْمَ أَيُّهَا الْمُجْرِمُونَ ، وَامْتَازُوا))، أي: تميزوا، كما قال سبحانه: وَيَوْمَ نَحْشُرُهُمْ جَمِيعاً ثُمَّ نَقُولُ لِلَّذِينَ أَشْرَكُوا مَكَانَكُمْ أَنْتُمْ وَشُرَكَاؤُكُمْ فَزَيَّلْنَا[يونس:28]، أي: ميزنا، ومثل قوله تعالى في سورة الفتح: لَوْ تَزَيَّلُوا لَعَذَّبْنَا الَّذِينَ كَفَرُوا مِنْهُمْ عَذَاباً أَلِيماً [الفتح:25]، لَوْ تَزَيَّلُوا))، أي: لو تميزوا؛ لأنه في أول الآية قال: وَلَوْلا رِجَالٌ مُؤْمِنُونَ وَنِسَاءٌ مُؤْمِنَاتٌ لَمْ تَعْلَمُوهُمْ أَنْ تَطَئُوهُمْ فَتُصِيبَكُمْ مِنْهُمْ مَعَرَّةٌ بِغَيْرِ عِلْمٍ[الفتح:25]، يعني منع النبي صلى الله عليه وسلم من مكة؛ لأن فيها مؤمنين مع الكفار، ولربما يصيب هؤلاء المؤمنين شراً، إذا احتدم القتال وحمي الوطيس.فهاهنا ربنا جل جلاله يميز هؤلاء المجرمين والعياذ بالله، يميزهم سبحانه وتعالى بوجوههم، إذ الوجوه يوم القيامة ليست واحدة؛ قال تعالى: وُجُوهٌ يَوْمَئِذٍ مُسْفِرَةٌ * ضَاحِكَةٌ مُسْتَبْشِرَةٌ * وَوُجُوهٌ يَوْمَئِذٍ عَلَيْهَا غَبَرَةٌ * تَرْهَقُهَا قَتَرَةٌ * أُوْلَئِكَ هُمْ الْكَفَرَةُ الْفَجَرَةُ [عبس:38-42]، وقال سبحانه: وُجُوهٌ يَوْمَئِذٍ نَاضِرَةٌ * إِلَى رَبِّهَا نَاظِرَةٌ * وَوُجُوهٌ يَوْمَئِذٍ بَاسِرَةٌ [القيامة:22-24]، أي: عابسة والعياذ بالله، تَظُنُّ أَنْ يُفْعَلَ بِهَا فَاقِرَةٌ [القيامة:25]، الواحد منهم قلق. ثم بعد ذلك العرق ليس واحداً، فالمؤمنون الطيبون لا يحزنهم الفزع الأكبر، وأما أولئك المجرمون يلجمهم العرق إلجاماً.ثم بعد ذلك الهيئة ليست واحدة، فالمؤمنون الطيبون يكسون، قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ( يحشر الناس يوم القيامة حفاة عراة، فيكون أول من يكسى إبراهيم عليه السلام )؛ فالجزاء من جنس العمل؛ لأن إبراهيم عليه السلام تعرى في سبيل الله، إذ قبل أن يلقوه في النار جردوه من ثيابه، ولما جرد من ثيابه في الله كان جزاؤه أن يكون هو أول من يكسى يوم القيامة، قال عليه الصلاة والسلام: ( ثم أكسى حلة لا يقوم لها الخلائق )، يعني: أول من يكسى إبراهيم ثم يكسى محمد صلى الله عليه وسلم حلة أجمل من حلة إبراهيم عليه السلام، ثم يكسى أهل الجنة، أما أهل النار والعياذ بالله فيبقون حفاة عراة، ثم إذا ألقوا في النار كسوا، أي: بعدما يدخلون النار يكسون؛ لكن ماذا يكسون - نسأل الله العافية؟! قال تعالى: فَالَّذِينَ كَفَرُوا قُطِّعَتْ لَهُمْ ثِيَابٌ مِنْ نَارٍ[الحج:19]، يعني: في النار يُفصل لكل واحد منهم الثوب الذي يليق به، فيكساه في النار والعياذ بالله، يكسى في النار ثياباً من نار؛ قال تعالى: فَالَّذِينَ كَفَرُوا قُطِّعَتْ لَهُمْ ثِيَابٌ مِنْ نَارٍ يُصَبُّ مِنْ فَوْقِ رُءُوسِهِمْ الْحَمِيمُ * يُصْهَرُ بِهِ مَا فِي بُطُونِهِمْ وَالْجُلُودُ * وَلَهُمْ مَقَامِعُ مِنْ حَدِيدٍ * كُلَّمَا أَرَادُوا أَنْ يَخْرُجُوا مِنْهَا مِنْ غَمٍّ أُعِيدُوا فِيهَا وَذُوقُوا عَذَابَ الْحَرِيقِ [الحج:19-22].إذاً: الكفار متميزون يوم القيامة، متميزون بوجوههم، متميزون بعرقهم، متميزون بهيئاتهم، ثم بعد ذلك متميزون بالكلام الذي يتكلمون به، أما المؤمنون الطيبون فيقولون: هَذَا مَا وَعَدَ الرَّحْمَنُ وَصَدَقَ الْمُرْسَلُونَ [يس:52]، والكافر فهو كما قال تعالى: يَقُولُ الإِنسَانُ يَوْمَئِذٍ أَيْنَ الْمَفَرُّ [القيامة:10]، وأيضاً بعدما يرى أنه يقتص للشاة الجلحاء من الشاة القرناء، يقول: يَا لَيْتَنِي كُنتُ تُرَابًا [النبأ:40]، وقال تعالى عنهم: يَا لَيْتَنَا نُرَدُّ وَلا نُكَذِّبَ بِآيَاتِ رَبِّنَا وَنَكُونَ مِنْ الْمُؤْمِنِينَ [الأنعام:27]، ليت، ليت، ليت.. هذه تكثر على لسانهم.وقوله: أَيُّهَا الْمُجْرِمُونَ [يس:59]، (المجرمون): جمع مجرم، وهو فاعل الإجرام، وهو الجناية العظيمة التي تستوجب العقوبة، وقد بين ربنا جل جلاله في القرآن أن هؤلاء المجرمين لا يفلحون، قال تعالى: إِنَّهُ لا يُفْلِحُ الْمُجْرِمُونَ [يونس:17]، وقال سبحانه: فَمَنْ أَظْلَمُ مِمَّنْ افْتَرَى عَلَى اللَّهِ كَذِباً أَوْ كَذَّبَ بِآيَاتِهِ إِنَّهُ لا يُفْلِحُ الْمُجْرِمُونَ [يونس:17]. نسأل الله أن يجعلنا من أهل الجنة. وصلى الله وسلم على نبينا محمد وعلى آله وأصحابه أجمعين.
ابوبيان غير متواجد حالياً   رد مع اقتباس
  #47  
قديم 20-07-2016 , 08:16 PM
ابوبيان ابوبيان غير متواجد حالياً
عضو مميز
تاريخ التسجيل: Sep 2011
المشاركات: 2,642
افتراضي رد: !!! أحصــــــــــــــاه الله ونســـــــــــــوه !!!

ظلال أهل الجنة
وقوله تعالى: هُمْ وَأَزْوَاجُهُمْ [يس:56]، إما أن يكون المراد بالأزواج: الأشباه، كما في قول الله عز وجل: احْشُرُوا الَّذِينَ ظَلَمُوا وَأَزْوَاجَهُمْ[الصافات:22] بمعنى: أشباههم وأمثالهم ونظائرهم، وإما أن يكون المراد بالأزواج: الزوجات.وقوله: فِي ظِلالٍ))؛ لأن الجنة كما قال ربنا جل جلاله: لا يَرَوْنَ فِيهَا شَمْساً وَلا زَمْهَرِيراً [الإنسان:13]، وكما في الحديث: ( إن في الجنة شجرة يسير الراكب في ظلها مائة عام لا يقطعها )، مائة سنة يمشي في ظلها، وليس المراد بالظل أنه ظل من الشمس، كما أن الطعام في الجنة ليس طعاماً من جوع، ولا الشراب في الجنة شراب على ظمأ، وإنما كل ما في الجنة نعيم، لا عن حاجة وإنما عن تفكه، فالإنسان في الدنيا يأكل من أجل أن يقتات، من أجل أن تبقى فيه قوته، من أجل أن تدوم له حياته، ولو منع من الطعام لمات، أما أهل الجنة فإنهم لا يأكلون عن جوع ولا يشربون عن ظمأ، ولا يستظلون من شمس، كما أنهم لا يعبدون عن تكليف، يعني: أهل الجنة يستمتعون بقراءة القرآن، يستمتعون بالصلاة، يستمتعون بذكر الله، يستمتعون بإفشاء السلام فيما بينهم؛ لا يَسْمَعُونَ فِيهَا لَغْواً وَلا تَأْثِيماً * إِلاَّ قِيلاً سَلاماً سَلاماً [الواقعة:25-26]، نحن في الدنيا مكلفون بإفشاء السلام تكليفاً، أما أهل الجنة فهذا كله يستمتعون به استمناعاً.وقوله: هُمْ وَأَزْوَاجُهُمْ فِي ظِلالٍ[يس:56]، هي كما قال ربنا جل جلاله: إِنَّ الْمُتَّقِينَ فِي ظِلالٍ وَعُيُونٍ [المرسلات:41].
أرائك أهل الجنة
قوله تعالى: عَلَى الأَرَائِكِ[يس:56]، (الأرائك) جمع أريكة، وهي: السرر المزينة بأنواع اللباس والرياش، سرر مزينة وصفها ربنا جل جلاله في آية أخرى بأنها مصفوفة، وأنها مرفوعة، وفي سورة الكهف قال: أُوْلَئِكَ لَهُمْ جَنَّاتُ عَدْنٍ تَجْرِي مِنْ تَحْتِهِمْ الأَنْهَارُ يُحَلَّوْنَ فِيهَا مِنْ أَسَاوِرَ مِنْ ذَهَبٍ وَيَلْبَسُونَ ثِيَاباً خُضْراً مِنْ سُندُسٍ وَإِسْتَبْرَقٍ مُتَّكِئِينَ فِيهَا عَلَى الأَرَائِكِ نِعْمَ الثَّوَابُ وَحَسُنَتْ مُرْتَفَقاً [الكهف:31]، فهؤلاء أهل الجنة يجلسون على تلك السرر المزينة بأنواع اللباس والحجال.وقوله: مُتَّكِئُونَ[يس:56]، وفي قراءة: متكون، وهناك في سورة الكهف: مُتَّكِئِينَ فِيهَا عَلَى الأَرَائِكِ[الكهف:31]، يعني: يجلسون جلسة الراحة والرفاهية والطمأنينة، بينما كانوا في الدنيا ممنوعين منها، فقد نهانا الرسول صلى الله عليه وسلم أن يأكل أحدنا متكئاً أو يشرب متكئاً، لربما بعض الناس يؤتى بالطعام أو الشراب وهو لا يعاني علة ولا مرضاً فيأكل متكئاً أو يشرب متكئاً، وهذا مكروه، قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ( لا آكل متكئاً ولا أجلس متكئاً، إنما أنا عبد آكل كما يأكل العبد وأجلس كما يجلس العبد )، عليه الصلاة والسلام.
الفواكه في الجنة
وقوله تعالى: لَهُمْ فِيهَا فَاكِهَةٌ [يس:57] لهم في الجنة فاكهة، وهذه الفاكهة من كل شيء، كما قال ربنا جل جلاله: فِيهِمَا مِنْ كُلِّ فَاكِهَةٍ زَوْجَانِ [الرحمن:52]، (من كل فاكهة)، من كل ما يخطر وما لا يخطر بالبال، قال صلى الله عليه وسلم: ( فيها ما لا عين رأت، ولا أذن سمعت، ولا خطر على قلب بشر )، وقرب الله إلينا المعنى في قوله: فِيهِمَا فَاكِهَةٌ وَنَخْلٌ وَرُمَّانٌ [الرحمن:68]، وإذا سمعت أن في الجنة رماناً أو تمراً أو عنباً أو خمراً أو عسلاً أو ماء أو لبناً.. فلا يخطرن ببالك شيء مما في الدنيا؛ فإذا سمعت عنباً فلا يخطر ببالك عنب الدنيا، وإذا سمعت رماناً فلا يخطر ببالك رمان الدنيا، قال ابن عباس : والله ما في الدنيا شيء مما في الجنة إلا الأسماء، الأسماء فقط مشتركة، ولكن الحقائق مختلفة تماماً.قال الله عز وجل: كُلَّمَا رُزِقُوا مِنْهَا مِنْ ثَمَرَةٍ رِزْقاً قَالُوا هَذَا الَّذِي رُزِقْنَا مِنْ قَبْلُ[البقرة:25]، ففي الجنة إذا جيء لك بعنب ثم جيء لك بعنب، تقول: هذا الذي رزقنا من قبل فقال الله عز وجل: وَأُتُوا بِهِ مُتَشَابِهاً[البقرة:25]، يقول لك خدم الجنة: اللون واحد ولكن الطعم مختلف، ذق وجرب، قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ( إن أدنى أهل الجنة منزلة من يقوم على رأسه عشرة آلاف خادم، مع كل خادم صحفتان، واحدة من ذهب وأخرى من فضة، في كل واحدة لون من الطعام ليس في الأخرى، يأكل من آخره مثل ما يأكل من أوله، يجد لآخره من اللذة ما لا يجد لأوله )، يعني: كل دخلة من خدم الجنة فيها عشرون ألف صنف، قد يقول قائل من الناس: والله أنا في الدنيا معي نفس النعيم، نقول له: لكن هل تستطيع أن تأكل منها كلها؟! وهل عندك ماعون يسع ذلك؟! الجواب: لا يستطيع؛ بل ربما بعد خمس دقائق، أو بعد عشر دقائق، لا يستطيع أن يدخل حبة واحدة أو لقمة واحدة، فابن آدم وعاؤه يمتلئ، قال صلى الله عليه وسلم: ( ما ملأ آدمي وعاء شراً من بطنه )، فهذه البطن تمتلئ، ربما الإنسان لو أكل خمس تمرات، سبع تمرات، عشر تمرات، عشرين تمرة، بعد ذلك لا يستطيع أن يدخل شيئاً آخر، أما أهل الجنة فنعيمهم دائم، نسأل الله أن يجعلنا منهم.وقوله: وَلَهُمْ مَا يَدَّعُونَ [يس:57]، أي: ما يطلبون، كل ما يطلبون يجدونه، مهما يشتهون في الجنة يجدونه، ما على الواحد منهم إذا خطر بباله شيء إلا أن يقول: سبحانك اللهم فقط هذه الكلمة! سبحانك اللهم، أشتهي حريراً، أشتهي زوجة، أشتهي طعاماً، شراباً، مركباً، ملبساً، وسوف يجد ذلك كله.
تسليم الله والملائكة على أهل الجنة
وقوله تعالى: سَلامٌ قَوْلاً مِنْ رَبٍّ رَحِيمٍ [يس:58]، أي: ولهم سلام، يعني: مع الأزواج ومع الفاكهة ومع شهواتهم كلها، مع هذا كله لهم سلام، وهذا السلام ليس من واحد من المخلوقات، وإنما من الرب الرحيم جل جلاله، قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ( بينما أهل الجنة في نعيمهم إذ سطع لهم نور من فوقهم فرفعوا رءوسهم، فإذا الرب جل جلاله يقول لهم: السلام عليكم يا أهل الجنة! فما أعطوا شيئاً أحب إليهم من النظر إليه )، نسأل الله أن يجعلنا منهم، قال تعالى: وُجُوهٌ يَوْمَئِذٍ نَاضِرَةٌ * إِلَى رَبِّهَا نَاظِرَةٌ [القيامة:22-23]، وقال سبحانه: لِلَّذِينَ أَحْسَنُوا الْحُسْنَى وَزِيَادَةٌ[يونس:26].ومن الأسباب التي تؤهلك لهذا النعيم: المحافظة على صلاة الصبح وصلاة العصر، قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ( إنكم سترون ربكم كما ترون القمر ليلة البدر، فمن استطاع منكم ألا يغلب على صلاة قبل طلوع الشمس وقبل غروبها فليفعل )، فالذي يحافظ على صلاة الصبح وعلى صلاة العصر إن شاء الله يتمتع بالنظر إلى وجه الله جل جلاله.وقوله: سَلامٌ قَوْلاً مِنْ رَبٍّ رَحِيمٍ [يس:58]، (قولاً) هاهنا تمييز، يبين ربنا جل جلاله أن التسليم حقيقي وليس مجازياً، يسلم ربنا جل جلاله على أهل الجنة، وكذلك الملائكة تسلم عليهم، كما قال ربنا: وَالْمَلائِكَةُ يَدْخُلُونَ عَلَيْهِمْ مِنْ كُلِّ بَابٍ * سَلامٌ عَلَيْكُمْ بِمَا صَبَرْتُمْ فَنِعْمَ عُقْبَى الدَّارِ [الرعد:23-24]، وقال الله عز وجل: وَتَحِيَّتُهُمْ فِيهَا سَلامٌ وَآخِرُ دَعْوَاهُمْ أَنْ الْحَمْدُ لِلَّهِ رَبِّ الْعَالَمِينَ [يونس:10]، وقال: الَّذِينَ تَتَوَفَّاهُمْ الْمَلائِكَةُ طَيِّبِينَ يَقُولُونَ سَلامٌ عَلَيْكُمْ[النحل:32]، وقال: وَسِيقَ الَّذِينَ اتَّقَوْا رَبَّهُمْ إِلَى الْجَنَّةِ زُمَراً حَتَّى إِذَا جَاءُوهَا وَفُتِحَتْ أَبْوَابُهَا وَقَالَ لَهُمْ خَزَنَتُهَا سَلامٌ عَلَيْكُمْ طِبْتُمْ فَادْخُلُوهَا خَالِدِينَ [الزمر:73]، فلا يسمعون إلا السلام من كل مكان، والجزاء من جنس العمل، فمن أفشى السلام في الدنيا وألقاه على من يعرف ومن لا يعرف، فهذا من الأسباب التي توصله إلى الجنة، كما قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ( أفشوا السلام، وأطعموا الطعام، وصلوا الأرحام، وصلوا بالليل والناس نيام؛ تدخلوا الجنة بسلام )، وقال عليه الصلاة والسلام: ( لن تدخلوا الجنة حتى تؤمنوا ولن تؤمنوا حتى تحابوا، ألا أدلكم على شيء إذا فعلتموه تحاببتم؟ أفشوا السلام بينكم )؛ ولذلك الرسول صلى الله عليه وسلم كان يسلم على من مر بهم، إذا مر على رجال سلم، وإذا مر على نساء سلم، وإذا مر على صبيان سلم، فهذا من تواضعه عليه الصلاة والسلام، حتى الصغار كان يسلم عليهم صلوات ربي وسلامه عليه.وقوله: مِنْ رَبٍّ رَحِيمٍ ))، من رب يظللكم برحمته، رحمته معكم إذا أصبحتم، وإذا أمسيتم، أنتم في الجنة تعيشون في رحمة الله وقد دخلتموها برحمة الله، كما قال صلى الله عليه وسلم: ( لن يدخل أحد الجنة بعمله، قالوا: ولا أنت يا رسول الله؟ قال: ولا أنا، إلا أن يتغمدني الله برحمة منه وفضل ).
تفسير قوله تعالى: (وامتازوا اليوم أيها المجرمون)
ثم قال سبحانه فبعدما قال لأهل الجنة: اذهبوا إلى الجنة، وادخلوها خالدين، يقال: وَامْتَازُوا الْيَوْمَ أَيُّهَا الْمُجْرِمُونَ ، وَامْتَازُوا))، أي: تميزوا، كما قال سبحانه: وَيَوْمَ نَحْشُرُهُمْ جَمِيعاً ثُمَّ نَقُولُ لِلَّذِينَ أَشْرَكُوا مَكَانَكُمْ أَنْتُمْ وَشُرَكَاؤُكُمْ فَزَيَّلْنَا[يونس:28]، أي: ميزنا، ومثل قوله تعالى في سورة الفتح: لَوْ تَزَيَّلُوا لَعَذَّبْنَا الَّذِينَ كَفَرُوا مِنْهُمْ عَذَاباً أَلِيماً [الفتح:25]، لَوْ تَزَيَّلُوا))، أي: لو تميزوا؛ لأنه في أول الآية قال: وَلَوْلا رِجَالٌ مُؤْمِنُونَ وَنِسَاءٌ مُؤْمِنَاتٌ لَمْ تَعْلَمُوهُمْ أَنْ تَطَئُوهُمْ فَتُصِيبَكُمْ مِنْهُمْ مَعَرَّةٌ بِغَيْرِ عِلْمٍ[الفتح:25]، يعني منع النبي صلى الله عليه وسلم من مكة؛ لأن فيها مؤمنين مع الكفار، ولربما يصيب هؤلاء المؤمنين شراً، إذا احتدم القتال وحمي الوطيس.فهاهنا ربنا جل جلاله يميز هؤلاء المجرمين والعياذ بالله، يميزهم سبحانه وتعالى بوجوههم، إذ الوجوه يوم القيامة ليست واحدة؛ قال تعالى: وُجُوهٌ يَوْمَئِذٍ مُسْفِرَةٌ * ضَاحِكَةٌ مُسْتَبْشِرَةٌ * وَوُجُوهٌ يَوْمَئِذٍ عَلَيْهَا غَبَرَةٌ * تَرْهَقُهَا قَتَرَةٌ * أُوْلَئِكَ هُمْ الْكَفَرَةُ الْفَجَرَةُ [عبس:38-42]، وقال سبحانه: وُجُوهٌ يَوْمَئِذٍ نَاضِرَةٌ * إِلَى رَبِّهَا نَاظِرَةٌ * وَوُجُوهٌ يَوْمَئِذٍ بَاسِرَةٌ [القيامة:22-24]، أي: عابسة والعياذ بالله، تَظُنُّ أَنْ يُفْعَلَ بِهَا فَاقِرَةٌ [القيامة:25]، الواحد منهم قلق. ثم بعد ذلك العرق ليس واحداً، فالمؤمنون الطيبون لا يحزنهم الفزع الأكبر، وأما أولئك المجرمون يلجمهم العرق إلجاماً.ثم بعد ذلك الهيئة ليست واحدة، فالمؤمنون الطيبون يكسون، قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ( يحشر الناس يوم القيامة حفاة عراة، فيكون أول من يكسى إبراهيم عليه السلام )؛ فالجزاء من جنس العمل؛ لأن إبراهيم عليه السلام تعرى في سبيل الله، إذ قبل أن يلقوه في النار جردوه من ثيابه، ولما جرد من ثيابه في الله كان جزاؤه أن يكون هو أول من يكسى يوم القيامة، قال عليه الصلاة والسلام: ( ثم أكسى حلة لا يقوم لها الخلائق )، يعني: أول من يكسى إبراهيم ثم يكسى محمد صلى الله عليه وسلم حلة أجمل من حلة إبراهيم عليه السلام، ثم يكسى أهل الجنة، أما أهل النار والعياذ بالله فيبقون حفاة عراة، ثم إذا ألقوا في النار كسوا، أي: بعدما يدخلون النار يكسون؛ لكن ماذا يكسون - نسأل الله العافية؟! قال تعالى: فَالَّذِينَ كَفَرُوا قُطِّعَتْ لَهُمْ ثِيَابٌ مِنْ نَارٍ[الحج:19]، يعني: في النار يُفصل لكل واحد منهم الثوب الذي يليق به، فيكساه في النار والعياذ بالله، يكسى في النار ثياباً من نار؛ قال تعالى: فَالَّذِينَ كَفَرُوا قُطِّعَتْ لَهُمْ ثِيَابٌ مِنْ نَارٍ يُصَبُّ مِنْ فَوْقِ رُءُوسِهِمْ الْحَمِيمُ * يُصْهَرُ بِهِ مَا فِي بُطُونِهِمْ وَالْجُلُودُ * وَلَهُمْ مَقَامِعُ مِنْ حَدِيدٍ * كُلَّمَا أَرَادُوا أَنْ يَخْرُجُوا مِنْهَا مِنْ غَمٍّ أُعِيدُوا فِيهَا وَذُوقُوا عَذَابَ الْحَرِيقِ [الحج:19-22].إذاً: الكفار متميزون يوم القيامة، متميزون بوجوههم، متميزون بعرقهم، متميزون بهيئاتهم، ثم بعد ذلك متميزون بالكلام الذي يتكلمون به، أما المؤمنون الطيبون فيقولون: هَذَا مَا وَعَدَ الرَّحْمَنُ وَصَدَقَ الْمُرْسَلُونَ [يس:52]، والكافر فهو كما قال تعالى: يَقُولُ الإِنسَانُ يَوْمَئِذٍ أَيْنَ الْمَفَرُّ [القيامة:10]، وأيضاً بعدما يرى أنه يقتص للشاة الجلحاء من الشاة القرناء، يقول: يَا لَيْتَنِي كُنتُ تُرَابًا [النبأ:40]، وقال تعالى عنهم: يَا لَيْتَنَا نُرَدُّ وَلا نُكَذِّبَ بِآيَاتِ رَبِّنَا وَنَكُونَ مِنْ الْمُؤْمِنِينَ [الأنعام:27]، ليت، ليت، ليت.. هذه تكثر على لسانهم.وقوله: أَيُّهَا الْمُجْرِمُونَ [يس:59]، (المجرمون): جمع مجرم، وهو فاعل الإجرام، وهو الجناية العظيمة التي تستوجب العقوبة، وقد بين ربنا جل جلاله في القرآن أن هؤلاء المجرمين لا يفلحون، قال تعالى: إِنَّهُ لا يُفْلِحُ الْمُجْرِمُونَ [يونس:17]، وقال سبحانه: فَمَنْ أَظْلَمُ مِمَّنْ افْتَرَى عَلَى اللَّهِ كَذِباً أَوْ كَذَّبَ بِآيَاتِهِ إِنَّهُ لا يُفْلِحُ الْمُجْرِمُونَ [يونس:17]. نسأل الله أن يجعلنا من أهل الجنة. وصلى الله وسلم على نبينا محمد وعلى آله وأصحابه أجمعين.
رد مع اقتباس