عرض مشاركة واحدة
قديم 09-06-2011, 11:46 AM   #1
عبدالرحيم
عضو مميز
 
تاريخ التسجيل: Feb 2010
الدولة: الشرقية
المشاركات: 383
افتراضي شيعة الخليج... الحفاظ على المذهب وتحييد الطائفة

حسين أحمد بزبوز
ماذا يعني أن تنتمي للمذهب الشيعي؟! فهل يعني ذلك أن تصلي وفق الطريقة الشيعية؟ أم أن تحصل على ترخيص من بلدية طهران لمزاولة التجارة في مواد التجميل؟!.
وماذا يعني أن تكون شيعياً؟! فهل يعني ذلك أن تحج وفق الطريقة الشيعية؟ أم أن تستلم راتبك الشهري من حكومة طهران؟ وكذا، فماذا يعني أن تكون شيعياً؟ فهل يعني ذلك أن تؤمن بالأئمة الإثني عشر ؟ أم أن تستلم قطعة أرض أو أن تحصل على تأمين صحي من دولة إيران؟!.
هنا تلتقي بلا شك، تلك المعاني المتضادة المتفاضحة السابقة... وغيرها، لتكشف لنا حقيقة تلك الأوهام المعشعشة في عقول بعضنا، وليتضح لنا ذلك الانفصال والانفصام الواضح بين هوياتنا الجامعة المتنوعة. وهنا يتضح ذلك بين نوعين من تلك الهويات الجامعة، وهما الهوية الدينية المتوارثة الخاصة بفئة معينة منا، والهوية الوطنية الحديثة العصرية العامة، المشتركة بين أبناء المجتمع الواحد، داخل حدود الوطن. فواقع اليوم، له ظروفه والتباساته وحدوده واشتراطاته، التي كسرت بعض قوانين التاريخ القديم وأبادتها، والتي لا يمكن بالتأكيد الفرار منها، والتي باتت تقيد وتكبل اليوم بعض تلك الهويات الجامعة والانتماءات الخاصة التقليدية المتوارثة، كالهوية الدينية والهوية القبلية التقليدية... الخ، لصالح الهوية العصرية الوطنية العامة، التي باتت تمثل روح المصالح البشرية الحقيقية، ومحور التأثير والتحرك في هذا العصر. فأنت عندما تسافر من بلدٍ لبلد آخر، ستسأل قبل أن تسأل عن أي شيءٍ آخر، عن جنسيتك، وعن جواز سفرك، قبل أن تسأل عن أي شيءٍ آخر، كدينك أو كمذهبك.
ولذا، فإن مقتضى أن تعيش في هذا العصر، هو أن تعي وأن تعرف، حقيقة وأهمية، تلك الهوية الوطنية الجامعة، الأساسية لأبناء الوطن الواحد، وما تفرضه أو توجبه علينا جميعاً، من تفضيلات، ومن انحيازات، ومن واجبات، ومن خيارات.
وبمعنى أوضح وأدق، فيمكننا هنا القول، أنه ليس من الحكمة ولا من المنطق، إن كنت سنياً، أن تنحاز لحركة طالبان، أو لتنظيم القاعدة، بصفتها جهات سنية، ضد وطنك ومصالحه، بسبب هويتك المذهبية. وكذا بالمثل، فإنه ليس من الحكمة ولا من المنطق، إن كنت شيعياً، أن تنحاز لإيران، أو لأية جهة خارجية شيعية أخرى، بسبب صفتها الدينية الشيعية، لتقف ضد وطنك ومصالحه، بسبب هويتك المذهبية. فالوطن هو الهوية الجامعة الأهم، والأقرب لمصلحة الفرد والجماعة والمجتمع «أي لمصلحتنا جميعاً»، التي ينشد لها ويدركها، كل البشر العقلاء الأسوياء، خصوصاً في هذا العصر، الذي برزت وترسخت فيه، تلك الهويات، بصفة خاصة.
ولعل الغالبية العظمى من الشيعة والسنة في الخليج، في هذه الأيام، وفي هذا العصر، تدرك ذلك، أو لعله لا يهمها - أي تلك الغالبية العظمى من الشارع - كثيراً، أن تنشغل بما هو خارج حدود الوطن، السياسية والجغرافية الفعلية، أو بما هو خارج دائرة المصالح الوطنية الواضحة تماماً، وربما يكون من النادر، بل أتمنى أن يكون من النادر فعلاً، بل أتمنى أن يكون من المستحيل حقاً - وهذه أمنيات، من باب سد الذرائع، وتجنب السب، ليس إلا -، أن نجد في أوطاننا، في هذا العصر، من يفضل من الشيعة، مصلحة جمهورية إيران، وكذا من يفضل من السنة، مصلحة حركة طالبان، أو غيرها من مصالح الجهات الخارجية، على مصلحة الوطن الغالي، وذلك على مستوى الواقع والفعل والسلوك - أقلاً -. فغالبية أبناء الوطن - إذا أحسنا الظن بهم - يدركون، أين تقع مصالحهم الحقيقية، بشكل جيد. أما إذا أردنا الحديث من جهة أخرى، فإنه يمكننا القول أنه، على مستوى القول والعواطف والمشاعر والقابليات والشعارات، فحدث ولا حرج. فذلك المرض الفكري والعاطفي المستشري، الذي ينحرف بالنضج، عن جادة الصواب، ظاهرٌ لنا جميعاً - بالتأكيد -، ويمكن اكتشافه، عبر سبر بعضٍ تلك النقاشات والخطابات والآراء المطروحة في كلٍ من، الساحة "النتية" الإلكترونية الافتراضية، والساحة الواقعية. وذلك بالتأكيد، من الخلل الجسيم، والجهل السياسي والديني والاجتماعي الكبير والعظيم، الذي يحتاج منا، للكثير من الوعي، والجهد والعمل الفكري التنويري الجاد، على صعيد الفكر - على الأقل -، من أجل معالجة مواطن الخلل، وتصحيح العيوب، وإصلاح الخطل.
إنه، لمن السيئ جداً حقاً، أن تجد في هذا العصر، من أبناء الوطن، من يطبل لحركة طالبان، أو لتنظيم القاعدة، أو يفرح لهما، أكثر من تطبيله لوطنه، وفرحه به. وكذا بالمثل، فإنه من السيئ جداً، أن تجد من يطبل لإيران، أو لأحد الأحزاب أو التيارات الشيعية العراقية - مثلاً - أو لغيرها، أكثر من تطبيله أو فرحه بالوطن وله. سواءً كان ذلك في رسائل الواقع الافتراضي والإنترنت ونقاشاتها، أو عبر ما يطرح وما يمارس في أرض واقعنا الفعلي الحقيقي. ونحن هنا، جئنا لنقول لكل من يخطئ مثل تلك الأخطاء الفادحة، أن مثل تلك الرسائل الخاطئة، والسلوك السلبي، كلها تعيش خارج هذا العصر، وهذا الزمن، وهي بلا شك، ودون أدنى ريب، مما يجب أن يندثر وينتهي، لتحفظ وتصان المصلحة الوطنية، واللحمة الوطنية، الأهم والأعز، لحفظ مصالحنا جميعاً، خصوصا في هذا الزمن، عند من يفهم.
إننا، ونحن هنا في هذا العصر، عبر ذلك السلوك الخاطئ، وتلك الرسائل الخاطئة، لن نكون إلا كمن يركب قارباً مشحوناً بخليط أو مزيج من الشيعة وإخوانهم السنة، وحين يوشك ذلك القارب على الغرق، يجد ذلك الشخص نفسه هنا، أكثر اهتماماً وانشغالاً وأكثر فخراً وأكثر فرحاً، بنجاة ونجاحات قاربٍ آخر مشحونٍ بالسنة، إن كان هو من السنة، أو بنجاح ونجاة قاربٍ آخر مشحونٍ بالشيعة، إن كان هو من الشيعية. وهنا، فإن مثل هذا الإنسان لا يمكن أن نسميه، ولا يمكن أن نصفه، ولا يمكن أن ننعته، بلا شك، إلا بأنه إنسانٌ معتوهٌ ومجنونٌ، قد ضيع البوصلة، وفقد قدرته على تحديد المصالح والأولويات.
ولذا هنا، فإن الرجاء المنطقي من جميع إخواننا السنة، وكذا من جميع إخواننا الشيعة، جميعاً، من أبناء هذا الوطن، هو أن يركزوا جهودهم وكل اهتماماتهم، على كل ما يخدم ويعزز هويتنا الجامعة، الأقرب لتحقيق مصالحنا المحلية والخارجية، وتقدمنا ونجاحنا وازدهارنا، في هذا العصر. ولا تكن تلك المشاكل العالقة بيننا، أو القابعة في ديارنا، والضاغطة علينا، هي حجر العثرة، والسبب لفشلنا، وانحيازنا للخارج، أو توجهنا لتفتيت لحمة هذا الوطن، الأهم بالنسبة لنا كما ذكرنا سابقاً. فالخلاص ليس في ذلك الانفعال والانحياز الأعمى بالتأكيد، الذي يدمر لحمتنا، ويشل كياننا، بل في مزيد من الانحياز للوطن، والصبر عليه، والحوار والتواصل مع الجميع من أجله، والدفع باتجاه التنمية والتطوير والإصلاح والازدهار بروح وطنية واعية. فذلك هو الحل، وسواه ليس سوى سراب وأوهام وترهات. وذلك، ما لا يمكن أن يحدث بالتأكيد عبر التشرذم والبغضاء المعروفة بيننا، التي لازالت تفتك بنا، وذلك أيضاً، ما لن يمكن أن يتم أو يفعَّل بشكل جيد بلا شك، بين يوم وليلة، أو بين عشية وضحاها، كما سيطلب منا البعض.
وإذا كان لنا في رسول الله أسوة حسنة، فلنتذكر صلح الحديبية وما تم فيه، وكيف انحاز فيه ، عبر قبوله التنازل والتوقيع على الشروط الواردة فيه، لكتلته في المدينة المنورة - ذات الغالبة المسلمة - ومصلحته هناك، وهي المصلحة العظمى - طبعاً - لوطن المسلمين الأول في حينه، عن بعض المصالح المحدودة، لبعض الأتباع في غيره من البلاد. فرغم وجود من ينتمون إليه في مكة المكرمة من المسلمين، إلا أنه لم ينحز، وهو في ذلك العصر، أي قبل قيام الدولة بمفاهيمها العصرية الحديثة، إليهم، رغم اشتراكهم معه دينياً، واستحقاقهم منه للتعاطف والشفقة والرحمة والميل نحوهم منه خاصة.
إن ما يمكن قوله، هو أن إيران وطالبان وتنظيم القاعدة، رغم كل الفروقات التي قد تفرق وتفصل بينها طبعاً، إذا جد الجد، فلن تجدها جميعاً دون استثناء، إلا باحثة عن مصالحها وعن عزتها وعن نفعها وعن أمنها - ومن حقها أن تفعل ذلك طبعاً، بما يتلاءم مع القيم الإنسانية العامة السامية الواقعية -. ومواقف بعض تلك الجهات مما يجري هذه الأيام في سوريا، خير برهان على ذلك النزوع الدائم لدى الجماعات والفئات البشرية لحفظ مصالحها الذاتية أولاً قبل حفظ مصالح غيرها.
يتبع
عبدالرحيم غير متواجد حالياً  
  #1  
قديم 09-06-2011 , 11:46 AM
عبدالرحيم عبدالرحيم غير متواجد حالياً
عضو مميز
تاريخ التسجيل: Feb 2010
الدولة: الشرقية
المشاركات: 383
افتراضي شيعة الخليج... الحفاظ على المذهب وتحييد الطائفة

حسين أحمد بزبوز
ماذا يعني أن تنتمي للمذهب الشيعي؟! فهل يعني ذلك أن تصلي وفق الطريقة الشيعية؟ أم أن تحصل على ترخيص من بلدية طهران لمزاولة التجارة في مواد التجميل؟!.
وماذا يعني أن تكون شيعياً؟! فهل يعني ذلك أن تحج وفق الطريقة الشيعية؟ أم أن تستلم راتبك الشهري من حكومة طهران؟ وكذا، فماذا يعني أن تكون شيعياً؟ فهل يعني ذلك أن تؤمن بالأئمة الإثني عشر ؟ أم أن تستلم قطعة أرض أو أن تحصل على تأمين صحي من دولة إيران؟!.
هنا تلتقي بلا شك، تلك المعاني المتضادة المتفاضحة السابقة... وغيرها، لتكشف لنا حقيقة تلك الأوهام المعشعشة في عقول بعضنا، وليتضح لنا ذلك الانفصال والانفصام الواضح بين هوياتنا الجامعة المتنوعة. وهنا يتضح ذلك بين نوعين من تلك الهويات الجامعة، وهما الهوية الدينية المتوارثة الخاصة بفئة معينة منا، والهوية الوطنية الحديثة العصرية العامة، المشتركة بين أبناء المجتمع الواحد، داخل حدود الوطن. فواقع اليوم، له ظروفه والتباساته وحدوده واشتراطاته، التي كسرت بعض قوانين التاريخ القديم وأبادتها، والتي لا يمكن بالتأكيد الفرار منها، والتي باتت تقيد وتكبل اليوم بعض تلك الهويات الجامعة والانتماءات الخاصة التقليدية المتوارثة، كالهوية الدينية والهوية القبلية التقليدية... الخ، لصالح الهوية العصرية الوطنية العامة، التي باتت تمثل روح المصالح البشرية الحقيقية، ومحور التأثير والتحرك في هذا العصر. فأنت عندما تسافر من بلدٍ لبلد آخر، ستسأل قبل أن تسأل عن أي شيءٍ آخر، عن جنسيتك، وعن جواز سفرك، قبل أن تسأل عن أي شيءٍ آخر، كدينك أو كمذهبك.
ولذا، فإن مقتضى أن تعيش في هذا العصر، هو أن تعي وأن تعرف، حقيقة وأهمية، تلك الهوية الوطنية الجامعة، الأساسية لأبناء الوطن الواحد، وما تفرضه أو توجبه علينا جميعاً، من تفضيلات، ومن انحيازات، ومن واجبات، ومن خيارات.
وبمعنى أوضح وأدق، فيمكننا هنا القول، أنه ليس من الحكمة ولا من المنطق، إن كنت سنياً، أن تنحاز لحركة طالبان، أو لتنظيم القاعدة، بصفتها جهات سنية، ضد وطنك ومصالحه، بسبب هويتك المذهبية. وكذا بالمثل، فإنه ليس من الحكمة ولا من المنطق، إن كنت شيعياً، أن تنحاز لإيران، أو لأية جهة خارجية شيعية أخرى، بسبب صفتها الدينية الشيعية، لتقف ضد وطنك ومصالحه، بسبب هويتك المذهبية. فالوطن هو الهوية الجامعة الأهم، والأقرب لمصلحة الفرد والجماعة والمجتمع «أي لمصلحتنا جميعاً»، التي ينشد لها ويدركها، كل البشر العقلاء الأسوياء، خصوصاً في هذا العصر، الذي برزت وترسخت فيه، تلك الهويات، بصفة خاصة.
ولعل الغالبية العظمى من الشيعة والسنة في الخليج، في هذه الأيام، وفي هذا العصر، تدرك ذلك، أو لعله لا يهمها - أي تلك الغالبية العظمى من الشارع - كثيراً، أن تنشغل بما هو خارج حدود الوطن، السياسية والجغرافية الفعلية، أو بما هو خارج دائرة المصالح الوطنية الواضحة تماماً، وربما يكون من النادر، بل أتمنى أن يكون من النادر فعلاً، بل أتمنى أن يكون من المستحيل حقاً - وهذه أمنيات، من باب سد الذرائع، وتجنب السب، ليس إلا -، أن نجد في أوطاننا، في هذا العصر، من يفضل من الشيعة، مصلحة جمهورية إيران، وكذا من يفضل من السنة، مصلحة حركة طالبان، أو غيرها من مصالح الجهات الخارجية، على مصلحة الوطن الغالي، وذلك على مستوى الواقع والفعل والسلوك - أقلاً -. فغالبية أبناء الوطن - إذا أحسنا الظن بهم - يدركون، أين تقع مصالحهم الحقيقية، بشكل جيد. أما إذا أردنا الحديث من جهة أخرى، فإنه يمكننا القول أنه، على مستوى القول والعواطف والمشاعر والقابليات والشعارات، فحدث ولا حرج. فذلك المرض الفكري والعاطفي المستشري، الذي ينحرف بالنضج، عن جادة الصواب، ظاهرٌ لنا جميعاً - بالتأكيد -، ويمكن اكتشافه، عبر سبر بعضٍ تلك النقاشات والخطابات والآراء المطروحة في كلٍ من، الساحة "النتية" الإلكترونية الافتراضية، والساحة الواقعية. وذلك بالتأكيد، من الخلل الجسيم، والجهل السياسي والديني والاجتماعي الكبير والعظيم، الذي يحتاج منا، للكثير من الوعي، والجهد والعمل الفكري التنويري الجاد، على صعيد الفكر - على الأقل -، من أجل معالجة مواطن الخلل، وتصحيح العيوب، وإصلاح الخطل.
إنه، لمن السيئ جداً حقاً، أن تجد في هذا العصر، من أبناء الوطن، من يطبل لحركة طالبان، أو لتنظيم القاعدة، أو يفرح لهما، أكثر من تطبيله لوطنه، وفرحه به. وكذا بالمثل، فإنه من السيئ جداً، أن تجد من يطبل لإيران، أو لأحد الأحزاب أو التيارات الشيعية العراقية - مثلاً - أو لغيرها، أكثر من تطبيله أو فرحه بالوطن وله. سواءً كان ذلك في رسائل الواقع الافتراضي والإنترنت ونقاشاتها، أو عبر ما يطرح وما يمارس في أرض واقعنا الفعلي الحقيقي. ونحن هنا، جئنا لنقول لكل من يخطئ مثل تلك الأخطاء الفادحة، أن مثل تلك الرسائل الخاطئة، والسلوك السلبي، كلها تعيش خارج هذا العصر، وهذا الزمن، وهي بلا شك، ودون أدنى ريب، مما يجب أن يندثر وينتهي، لتحفظ وتصان المصلحة الوطنية، واللحمة الوطنية، الأهم والأعز، لحفظ مصالحنا جميعاً، خصوصا في هذا الزمن، عند من يفهم.
إننا، ونحن هنا في هذا العصر، عبر ذلك السلوك الخاطئ، وتلك الرسائل الخاطئة، لن نكون إلا كمن يركب قارباً مشحوناً بخليط أو مزيج من الشيعة وإخوانهم السنة، وحين يوشك ذلك القارب على الغرق، يجد ذلك الشخص نفسه هنا، أكثر اهتماماً وانشغالاً وأكثر فخراً وأكثر فرحاً، بنجاة ونجاحات قاربٍ آخر مشحونٍ بالسنة، إن كان هو من السنة، أو بنجاح ونجاة قاربٍ آخر مشحونٍ بالشيعة، إن كان هو من الشيعية. وهنا، فإن مثل هذا الإنسان لا يمكن أن نسميه، ولا يمكن أن نصفه، ولا يمكن أن ننعته، بلا شك، إلا بأنه إنسانٌ معتوهٌ ومجنونٌ، قد ضيع البوصلة، وفقد قدرته على تحديد المصالح والأولويات.
ولذا هنا، فإن الرجاء المنطقي من جميع إخواننا السنة، وكذا من جميع إخواننا الشيعة، جميعاً، من أبناء هذا الوطن، هو أن يركزوا جهودهم وكل اهتماماتهم، على كل ما يخدم ويعزز هويتنا الجامعة، الأقرب لتحقيق مصالحنا المحلية والخارجية، وتقدمنا ونجاحنا وازدهارنا، في هذا العصر. ولا تكن تلك المشاكل العالقة بيننا، أو القابعة في ديارنا، والضاغطة علينا، هي حجر العثرة، والسبب لفشلنا، وانحيازنا للخارج، أو توجهنا لتفتيت لحمة هذا الوطن، الأهم بالنسبة لنا كما ذكرنا سابقاً. فالخلاص ليس في ذلك الانفعال والانحياز الأعمى بالتأكيد، الذي يدمر لحمتنا، ويشل كياننا، بل في مزيد من الانحياز للوطن، والصبر عليه، والحوار والتواصل مع الجميع من أجله، والدفع باتجاه التنمية والتطوير والإصلاح والازدهار بروح وطنية واعية. فذلك هو الحل، وسواه ليس سوى سراب وأوهام وترهات. وذلك، ما لا يمكن أن يحدث بالتأكيد عبر التشرذم والبغضاء المعروفة بيننا، التي لازالت تفتك بنا، وذلك أيضاً، ما لن يمكن أن يتم أو يفعَّل بشكل جيد بلا شك، بين يوم وليلة، أو بين عشية وضحاها، كما سيطلب منا البعض.
وإذا كان لنا في رسول الله أسوة حسنة، فلنتذكر صلح الحديبية وما تم فيه، وكيف انحاز فيه ، عبر قبوله التنازل والتوقيع على الشروط الواردة فيه، لكتلته في المدينة المنورة - ذات الغالبة المسلمة - ومصلحته هناك، وهي المصلحة العظمى - طبعاً - لوطن المسلمين الأول في حينه، عن بعض المصالح المحدودة، لبعض الأتباع في غيره من البلاد. فرغم وجود من ينتمون إليه في مكة المكرمة من المسلمين، إلا أنه لم ينحز، وهو في ذلك العصر، أي قبل قيام الدولة بمفاهيمها العصرية الحديثة، إليهم، رغم اشتراكهم معه دينياً، واستحقاقهم منه للتعاطف والشفقة والرحمة والميل نحوهم منه خاصة.
إن ما يمكن قوله، هو أن إيران وطالبان وتنظيم القاعدة، رغم كل الفروقات التي قد تفرق وتفصل بينها طبعاً، إذا جد الجد، فلن تجدها جميعاً دون استثناء، إلا باحثة عن مصالحها وعن عزتها وعن نفعها وعن أمنها - ومن حقها أن تفعل ذلك طبعاً، بما يتلاءم مع القيم الإنسانية العامة السامية الواقعية -. ومواقف بعض تلك الجهات مما يجري هذه الأيام في سوريا، خير برهان على ذلك النزوع الدائم لدى الجماعات والفئات البشرية لحفظ مصالحها الذاتية أولاً قبل حفظ مصالح غيرها.
يتبع